نشطت عدة أحزاب سياسية، أمس، أول يوم من الحملة الاستفتائية لتعديل الدستور، في جو ميزه الاستقرار والهدوء مقارنة بالحملة الانتخابية، التي عادة ما كانت تعرف بدايات صعبة نوعا ما، وتشوبها بعض الأحداث بسبب رفض بعض الأطراف المسارَ الانتخابي. وانتشر رؤساء الأحزاب السياسية الذين تتوفر فيهم الشروط الواردة في بيان السلطة المستقلة للانتخابات (لديهم كتل برلمانية أو 10 مقاعد في غرفتي البرلمان)، عبر ولايات مختلفة؛ لشرح أهم مضامين مشروع الدستور، وآثارها على التغيير المنشود، الذي طالب به الحراك الشعبي المبارك بداية من تاريخ 22 فيفري 2019، حيث ركز منشطو الحملة بالدرجة الأولى، على قضايا مكافحة الفساد، وتحقيق العدالة، وبناء دولة الحق والقانون، مع ضمان توسيع سقف الحريات الفردية والجماعية. وبالإضافة إلى ذلك، تناول منشطو الحملة الاستفتائية في يومها الأول، مسألة الحفاظ على الثوابت الوطنية الجامعة، وهي الدين واللغتان العربية والأمازيغية، زيادة على التركيز على المكانة التي تحتلها المرأة والشباب، وترقية مجال الحماية الاجتماعية للفئات الهشة، وحق المواطن في التنمية من أجل بناء دولة عصرية اجتماعية وديمقراطية. وقد اختار الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، مدينة القليعة العتيقة بولاية تيبازة، لتنشيط أول يوم من الحملة المتعلقة بالاستفتاء حول الدستور الجديد بالنظر إلى احتوائها على قطب جامعي، يضم عدة منخرطين في التنظيمات الطلابية والشبابية التي يؤطرها الأفلان (الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين والاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية). كما تُعرف ولاية تيبازة بحضور قوي لمناضلي الحزب؛ حيث سبق لمحافظتها أن أطّرت عدة تجمعات شعبية، وحشدت الأنصار لها خلال مواعيد مماثلة سابقة. وركز بعجي في كلمته، على أهمية ذهاب المواطنين إلى صناديق الاقتراع يوم الاستفتاء؛ من أجل تجسيد مشروع التغيير الذي اختارته الجزائر لبناء مؤسسات قوية وعصرية، تحترم فيها خيارات الشعب. أما بالنسبة لجبهة المستقبل فقد انطلق رئيسها عبد العزيز بلعيد من الجنوب الجزائري وبالتحديد من بوابة الصحراء الأغواط؛ حيث شدد في كلمته على أهمية الاستفتاء الشعبي حول مسودة الدستور؛ "كونه الضامن لبناء مؤسسات دستورية قوية، يتحقق فيها الفصل بين السلطات"، مشيرا إلى المكانة التي يوليها المشروع الدستوري للشباب؛ "باعتبارهم القاعدة الأساسية لمرحلة بناء الجزائر الجديدة، وتحقيق حلم الشهداء". كما ذكّر بمساهمات الحزب في إثراء مسودة التعديل الدستوري، وخاصة مقترح المحكمة الدستورية، التي كانت أهم اقتراح قدمه الحزب وتبنّته لجنة الخبراء التي يرأسها البروفيسور أحمد لعرابة. وفي المقابل، حالَ تأخر عملية إعادة تنصيب الهياكل الولائية للأرندي، دون انطلاق الأمين العام للحزب الطيب زيتوني، في الحملة في موعدها القانوني؛ إذ لم يبرمج الحزب أي نشاط في اليوم الأول للحملة الخاصة بالاستفتاء على الدستور. وحسب البرنامج الذي قدمته أمانة الحزب ل "المساء"، فمن المقرر أن ينشط زيتوني أول تجمع له في إطار هذه الحملة يوم السبت القادم بعاصمة الغرب وهران، ليتوجه، زوالَ نفس اليوم، نحو دار الثقافة بمدينة الشلف، لتحسيس المواطنين بأهمية المشاركة في التغيير الذي يطرحه التعديل الدستوري الجديد.