تحدى الكثير من أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، ظروف الحجر الصحي التي فرضتها جائحة كورونا، وتوجهوا أمس إلى مراكز الاقتراع التي تمت تهيئتها على مستوى التمثيليات الدبلوماسية بالخارج للإدلاء بأصواتهم حول مشروع تعديل الدستور، تلبية منهم لنداء المواطنة. ونقلت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، عبر موقعها الإلكتروني أمس مشاهد لأبناء الجالية الجزائرية المقيمين في مختلف دول العالم وهم يدلون بأصواتهم في إطار الاستفتاء حول مشروع التعديل الدستوري، حيث نقلت ضمن هذه المشاهد صورا لسفير الجزائر باليابان وحرمه وهما يدليان بصوتيهما، وأخرى لمواطنين بمراكز الاقتراع بكينشاسا عاصمة الكونغو، وأخرى بروسيا، فضلا عن نانتير الفرنسية، التي أظهرت الصور أنها تستقطب عددا أكبر من الناخبين، بحكم التواجد الكبير لأفراد الجالية الجزائريةبفرنسا مقارنة بالدول الأخرى.وتعد هذه الصور عينة حية عن عمليات التصويت المتعددة التي أطرتها القنصليات والدوائر الدبلوماسية بالخارج، مثلما هو الحال لتلك المتواجدة بكل من الإمارات العربية المتحدة، والعراق، وسوريا، ومصر، والسعودية، والكويت، وقطر، وسلطة عمان، والبحرين، وروسيا النيجر والمكسيك"، حسبما أوضحه بيان للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. وقد تمت مباشرة عملية الاستفتاء بالخارج، وفق الإطار القانوني الذي يجيز تقديمه بيوم أو يومين، حيث ينص القانون العضوي للانتخابات عن إمكانية تقديم عملية الاقتراع ب120 ساعة بالنسبة لأفراد الجالية الوطنية بالخارج، تسهيلا للعملية وتذليلا للصعاب والعوائق المادية المتصلة ببعض مكاتب التصويت وتشتت أفراد الجالية الجزائرية بمناطق بعيدة عن مراكز التصويت المتواجدة بالدوائر الدبلوماسية والقنصليات، لاسيما في ظل الظرف الصحي الذي فرضته جائحة كورونا التي عقّدت الأوضاع أكثر. وحول هذا الانشغال، أوضح رئيس السلطة الوطنية المتنقلة للانتخابات، محمد شرفي، أمس، بمناسبة زيارة قادته إلى بعض مراكز الاقتراع بالعاصمة، أن كل بلد حرّ في تنظيم المرور والتنقل داخل الاقليم، لأن الأمر يتعلق ببلد مضيف، مشيرا إلى أن جميع مكاتب التصويت فتحت في آجالها المحددة وتم تجهيزها وفقما يقتضيه البروتوكول الصحي، لضمان صحة وسلامة الناخبين. وقدر شرفي أن مستوى مشاركة الجالية الجزائرية في الخارج في الاستفتاء مرتبطة بإمكانية تنقلهم، مضيفا أنه "إذا تم منحنا رخص استثنائية من البلد المضيف سنطلبها". وظهر مشكل تنقل أفراد الجالية بسبب تزامن تنظيم الاستفتاء حول مشروع تعديل الدستور مع تطبيق إجراءات الغلق التي قامت بها بعض الدول الأوروبية التي تتعرض لموجة ثانية من الوباء، وفي مقدمتها فرنسا وإسبانيا. وكان وزير الخارجية، صبري بوقدوم، قد وجّه رسالة إلى أفراد الجالية الجزائرية بالخارج، طمأنهم فيها بخصوص تكفل الدولة الجزائرية بالصعوبات والمشاكل التي طالتهم بسبب جائحة كورونا، مؤكدا الجاهزية الكاملة لتمكينهم من أداء واجبهم الانتخابي في كنف الأمن والاستقرار. كما أكد بوقادوم، أن أفراد الجالية جزء لا يتجزأ من الشعب الجزائري، مذكرا بالمكانة والاعتبار اللذين يوليهما لهم المشروع الدستوري، داعيا إياهم بالمناسبة إلى المشاركة في الاستفتاء بقوة. كما ذكر بالمناسبة بالدور التاريخي لأبناء الجالية الجزائرية في المهجر خلال الثورة التحريرية وتضحياتهم الجسيمة إبان تلك الحقبة، قائلا في هذا الصدد إن "جثث المتظاهرين السلميين المطالبين بالاستقلال، التي ألقيت بنهر السين، من قبل محافظ شرطة باريس موريس بابون في 17 أكتوبر 1961 تعتبر دليلا على ذلك".كما ذكر بوقدوم، بالبند 51 الذي تضمنه البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون والمتعلق بحماية وترقية الجالية الجزائرية في الخارج وحرص الدولة على دعم جهودها في التنمية الوطنية.وعلى العموم فقد أدركت الجالية الجزائرية بالخارج، العناية الكبيرة التي توليها السلطات العليا في البلاد لها، لاسيما خلال جائحة كورونا، حيث تكفلت بنقل الجثامين وأمنت الحجر الصحي للمصابين، مع نقلهم المجاني على حساب الخزينة العمومية، وهي الالتفاتة التي عززت أواصر الثقة أكثر بين أفراد الجالية ووطنهم الأم.