أهم ما يحكى عن السيد عبد المطلب روينة أنه من الذين استهواهم الاهتمام بعالم الأطفال، وظف طموحاته، ووقته وإمكانياته في مشروع هادف، فكان أول باعث لحركة دار الشطار الكندية بالجزائر سنة 1989، ليؤسس بذلك دار الشطار بالبليدة.. مربي خبرته في مجال الثقافة العلمية الخاصة بالأطفال عمرها 20 سنة، والمبدأ لديه هو أن الطفل أحسن مشتلة لبذر القيم الإيجابية.. ثائر على بعض السلوكيات العامة التي لا تخدم مصلحة أجيال المستقبل، وعلى الكثير من المظاهر السلبية التي تعتدي على الطبيعة. التقته "المساء" خلال تغطيتها لتظاهرة أسبوع "البيئيون الصغار" التي نظمها قصر الثقافة مفدي زكريا، فكان معه هذا الحديث. - بداية هل لك أن تطلعنا على سر اهتمامك بعالم الأطفال؟ * لدي اهتمام كبير بالأطفال لأن بذور القيم تزرع في الطفولة، ما يجعلهم بمثابة المشتلة الأولى في المجتمع، والحقيقة الواقعية تقول إن الغرب انتصر علينا لأنه أدرك أن الطفل أهم مشروع للاستثمار. - ما الذي تقدمه دار الشطار للنشء الجديد؟ * هي دار تعنى بنشر وتوزيع الكتب والدعائم البيداغوجية للأطفال، هدفها تحبيب كل ماهو تربوي تثقيفي لهذه الشريحة، وتقريبها من مجال الثقافة العلمية بواسطة المتابعة في مجال إنشاء المكتبات في المدارس ورياض الأطفال والمنشآت الطفولية، إضافة إلى المشاركة في إنجاز المعارض والتنشيط التربوي، وهي مهام توجيهية تمكن الأطفال من الاستفادة بطريقة حديثة من كل المعارف. - أي رسالة تود نقلها للأطفال من خلال مشاركتك في تظاهرة أسبوع "البيئيون الصغار"؟ * أريد أن أغرس في أذهانهم فكرة أن الحياة الصحية متوقفة على التوازن البيئي الذي بات مهددا بسبب "قطيعة" الكبار مع الأرض.. وفي ذلك اعتداء على حياة الأجيال القادمة. - هل يعني ذلك أنك تدافع عن مستقبل الأطفال؟ * طبعا لأن افتقار معظم الكبار إلى الحس البيئي واستمرار المظاهر المشوهة للمحيط، والتي يشكل غياب نظافة الشوارع أهم عنوان لها للأسف، من الأمور التي تمثل اعتداء على مستقبل الأبناء. - تريد أن تقول إن علاقة المواطن الجزائري مع البيئة ليست على ما يرام.. أليس كذلك؟ * إن المشاهد اليومية توحي بأن علاقة مواطن اليوم مع الأرض قد انقطعت، ومما يدل على ذلك تراجع ظاهرة تربية الحمام والعصافير، وغياب التوجيه حول أهمية الحفاظ على البيئة داخل المحيط الأسري.. ويكفي في هذا الصدد أن نسلط الضوء على واقع بعض الأحياء السكنية الجديدة التي أصبح الركام جزءا من ديكورها! فالظاهر هو أن الملايير التي أنفقت لإنجازها باتت تتطلب ملايير مضاعفة لإعادة بناء ذهنيات عامة الناس وفق مبادئ الحفاظ على المحيط البيئي، لاسيما وأن المسألة تنطوي على مخاطر انتشار الأمراض، مما يدفعني إلى القول إنه من حسن حظنا أن الجزائر ليست من الدول المتطورة صناعيا.. ومن هذا المنطلق تجدنا أمام السؤال القائل: كيف سيكون وضع الجزائر بعد قرن من الزمن إذا بقي الوضع على هذا الحال؟ - برأيك ما سبب الشرخ الذي يميز العلاقة بين المواطن والبيئة في المجتمع الجزائري؟ * المعروف هو أن الفكر المتوسطي يتميز بعبقرية كبيرة تدعمها حاليا الطاقات البشرية والإمكانيات المسخرة، ورغم ذلك ما نزال في بوتقة التخلف والتدهور البيئي، أعتقد أن الخلل الكبير موجود في ذهنيات الناس التي لا تعكس وجود مرجعية ثقافية، وإلى أزمة الاتصال التي تجعل الفرد مستقبلا سلبيا، حيث يسمع ولا يبدي الاستعداد للتطبيق، ففي الوقت الذي يفكر فيه الغرب في كيفية استرجاع النفايات والاستفادة منها اقتصاديا، ما يزال العديد من الأفراد في مجتمعنا يفتقرون إلى أدنى المعلومات الخاصة بالحفاظ على التوازن البيئي.. ومن أبسط الأمثلة على ذلك العلب الملقاة في الطرقات واستمرار تداول الأكياس السوداء! - أين يكمن الحل في نظرك؟ * "إقرأ" هو في نظري الحل الأمثل لتغيير الذهنيات، ذلك أننا نعاني من الانبهار بالمظاهر أكثر من المضامين، فاكتساب الثقافة يكون بالتعلم والممارسة، مما يتطلب تضحيات كبيرة من أجل بيئة سليمة، لكن على صعيد آخر أعتقد أن الردع عن طريق القوانين حل صائب في حال إذا ما فشل التثقيف في تكوين حس بيئي، وهو ما لجأت إليه بالفعل بعض الدول كما هو الحال بالنسبة إلى سويسرا التي سنت قانونا يمنع على المواطنين قتل النمل، نظرا لأهميته في الحفاظ على البيئة من خلال إنتاج مادة سامة تقضي على الحشرات التي تنخر الغابة. - ختاما ما الذي يمكن أن تقوله؟ * لابد من حملة كبيرة تبدأ من أعلى هرم في السلطة للحفاظ على مستقبل أبنائنا، فالأطراف الفاعلة يجب أن تشق الطريق للآخرين ليحذو حذوها، وذلك في إطار إستراتيجية وطنية كبيرة تقوم على مبدإ العمل الجماعي.