تعد اللعبة حجر الأساس في تجسيد مشروع تكوين شخصية الطفل، إلا أن قلة الوعي لدى العديد من الآباء كانت سببا في عدم إعطائها حقها كحاجة ضرورية في تشييد مستقبل الأجيال القادمة.. ومن هذا المنطلق دار الحوار مع السيد عبد المطلب روينة مؤسس دار الشطار بالبليدة، الذي شارك مؤخرا في تظاهرة الأسبوع البيداغوجي والثقافي "الطفل واللعبة"، المنظمة بقصر الثقافة بمبادرة من مكتبة "كان يا مكان". * في تقديرك، هل أخذت هذه التظاهرة حقها من التأطير؟ - تنظيم تظاهرات من هذا النوع خلال العطل المدرسية أصبح عملا روتينيا.. لكن هذا لا ينفي أنها الأساس الذي يمهد الطريق للتفكير بجدية في تنظيمها مستقبلا بشكل أفضل، يتيح شغل أوقات فراغ الأطفال بطريقة تقوم على تعليم اللعب وتنويع الألعاب في آن واحد، وفق أسس مدروسة تستجيب لمسعى ضمان أحسن تأطير. * كأنك تريد أن تقول أن فعالية مثل هذه التظاهرات مرهونة بالمزيد من التكوين؟ - فعلا، فرغم أهمية مثل هذه التظاهرات التي تستهدف توجيه النشء الجديد، إلا أنها تعاني من نقص التكوين والتدريب، فالظاهر أننا نسينا أمرا اسمه التكوين بعد المرحلة الصعبة.. وبرأيي لقد حان الوقت لنهتم بهذا الجانب المفيد في شتى المجالات، انطلاقا من فكرة أن التكوين بالاحتكاك أحسن من التكوين الأكاديمي.. وعلينا في هذا المقام أن ننطلق من السؤال القائل: هل أن هذا النوع من التظاهرات شغل أوقات فراغ الأطفال بطريقة بيداغوجية وعلمية؟ ولنجد الجواب المناسب، ينبغي أن نقف ونفكر سويا في هذه المسألة التي تتطلب تضافر الجهود لإعداد دورات وتسطير برامج بيداغوجية لفائدة الأطفال على المستوى الوطني. * وماذا عن الرسالة التي جئت بها إلى قصر الثقافة؟ - أود أن أنقل فكرة مفادها أن القليل من الإمكانيات مع حب نشاط تكوين أجيال المستقبل، من شأنه أن يجعل من اللعب مرحلة فاعلة في حياة الطفل.. لكن مع مراعاة تنويع الألعاب حتى لا تكون إلكترونية فحسب، إنما علينا أن نتذكر الألعاب الاجتماعية التقليدية لتعود إلى فضاء أطفالنا. * لماذا برأيك هذه الظاهرة في هجر الأطفال للألعاب التقليدية؟ - الأطفال في الحقيقة لم يهجروا الألعاب التقليدية، إنما لم يتعرفوا عليها ليقبلوا عليها كما كان الحال بالنسبة للأجيال السالفة.. فنحن باختصار لم نقترحها عليهم، ما فسح المجال الواسع أمام الشاشة الإلكترونية لتستحوذ على اهتمامهم، فهذه الأخيرة أصبحت على ما يبدو أسهل طريقة بالنسبة للعديد من الأولياء لشغل أوقات فراغ الأبناء، لاسيما وأن البعض منهم يرفض خروجهم للعب في الشارع مع أقرانهم، باعتبار أنه أصبح مصدر خطر. * ما الذي يميز الألعاب التقليدية عن غيرها من الألعاب؟ - خاصيتها الأساسية، أنها تكسب الطفل مجموعة من القيم الإيجابية في قالب من التسلية، لعل أهمها التعاون والحماس.. فالطفل يجتاز من خلال الألعاب التقليدية صعوبات الحياة كما يجتازها البالغ، ولذلك تعد أهم عامل في تكوين شخصية الصغار، حيث أن الطفل الذي لعب اللعب التقليدية يملك غالبا القدرة على مواجهة المصاعب، فضلا عن تشبعه بالعديد من القيم الإيجابية كحب الوطن.. وهنا أريد الإشارة إلى معظم الألعاب التقليدية التي كنا نمارسها في الصبى على غرار لعبة "الرشيقة" كانت متعلقة بالأرض، مما جعلنا نتعلق بهذه الأخيرة. * وبماذا تنصح لتحقيق هدف الأبعاد التربوية للعبة؟ - نحن بحاجة إلى شغل أوقات فراغ الأطفال بطريقة إيجابية تجمع بين الترفيه، التثقيف والتربية، وهو ما يتطلب معرفة البطاقة التقنية لكل لعبة قصد الاطلاع على الخصائص والفوائد التي تتميز بها كل من ألعاب المنافسة، المشاركة والتركيب، فهذه الأخيرة مثلا يمكنها أن تكسب النشء الصاعد الحس المتقد. * على ذكر ألعاب التركيب.. ما رأيك في الأولياء الذين يعتبرون تكسير الطفل للعبة خطأ؟ - بداية ينبغي لفت انتباه الآباء إلى أن اختيار لعب الأطفال يجب أن يتم وفقا لمجموعة من المعايير، فبين الكم الهائل الموجود في السوق نجد اللعبة التجارية كما نجد لعب الذكاء.. أما الفرق بين هذين النوعين فيحدده السعر. أما تكسير اللعبة فيعني ببساطة أن الطفل في عالمه الخاص، حيث يتصرف كما يشاء وينقب عن طريقة تصنيعها.. لكن أعتقد أن التطورات الحاصلة في عالم لعب الأطفال قد وضعت حدا لمشكلة تكسير اللعب بعدما ظهرت لعب التفكيك والتركيب. * ختاما ماذا تقول؟ - جميل أن نعود إلى زمن الألعاب التقليدية وأن نكون الأمهات أيضا في هذا المجال، أو أن نضع على الأقل دليلا حول الألعاب التقليدية في متناولهن ليتمكن من صنعها بأبسط الوسائل وتوريثها لأجيال المستقبل.