❊ اعتماد 2600 منظمة وجمعية من ضمن 4 آلاف طلب عرف المجتمع المدني خلال السنة الجارية، نشاطا استثنائيا ميزه التضامن والمبادرة بسبب ما عاشته البلاد من أزمة صحية جراء تفشي وباء كورونا المستجد، ما يؤكد المكانة التي خص بها رئيس الجمهورية، المجتمع المدني الذي جعل منه شريكا في إطار الجزائر الجديدة. انخرطت الحركة الجمعوية بحس مدني منقطع النظير وبشكل فعال وثمين في الجهد الوطني الرامي إلى الحد من انتشار وباء كورونا المستجد، فور ظهور أولى حالات الفيروس بالجزائر، حيث برز دور العديد من الجمعيات على غرار جمعية "سيدرا" و"ناس الخير" و"الدار البيضاءالمتحدة" و"أمل الجزائر"، بالإضافة إلى الآلاف من جمعيات القرى والأحياء طوال الأشهر العشرة من الجائحة التي تعيشها البلاد على غرار دول العالم. ويمكن استحضار ما قامت به الحركة الجمعوية من حملات تحسيسية وأخرى لتعقيم وتطهير الشوارع والساحات المرافق العمومية. كما أن بعض الجمعيات أخذت على عاتقها مسؤولية صناعة الأقنعة والبدلات الواقية ومساندة الجيش الأبيض في مهمته النبيلة من خلال ضمان الأكل والإيواء للأطقم الطبية. كما أن الهبة التضامنية التي أبانت عنها الجمعيات خلال هذه الجائحة بالخصوص اتجاه ولاية البليدة، التي انطلق منها الوباء وعانت من الحجر الكلي الذي فرض عليها، أظهرت قدرة المجتمع المدني على التنظيم والتجنيد والاستجابة السريعة لنداء الوطن. الحليف الأول لتحقيق استقامة الدولة جاءت كل هذه الأحداث في ظرف سياسي استثنائي مرت به الجزائر، ميزه حراك شعبي سلمي يطالب بالتغيير ووضع حد لعشريتين من النهب والفساد وأدخل الجزائر في عهد جديد بعد انتخاب السيد عبد المجيد تبون، رئيسا للجمهورية في 12 ديسمبر 2019. ومن أهم إلتزامات الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، "جعل المجتمع المدني جزء لا يتجزأ من معادلة الديمقراطية التشاركية"، إذ أكد خلال اجتماعه بالولاة في أوت الفارط، أن المجتمع المدني يعتبر "الحليف الأول لتحقيق استقامة الدولة"، مشددا على ضرورة توفير كل الدعم والتسهيلات للمنظمات المدنية ومساعدتها على تنظيم صفوفها. هذا الالتزام عمل رئيس الجمهورية، على تجسيده في التعديل الدستوري للفاتح من نوفمبر الفارط، إذ ذكر مصطلح "المجتمع المدني" في الوثيقة 6 مرات ولأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة يذكر في الديباجة. ما يؤكد التزام السلطات العليا في إعطاء المجتمع المدني مكانته الطبيعية والمستحقة. وتضمنت وثيقة التعديل الدستوري 15 مادة تخص إشراك المجتمع المدني، وتجعل منه شريكا في السياسات العمومية وتسيير المرافق العمومية والديمقراطية التشاركية وفي محاربة الفساد. وشريكا أيضا في المؤسسات الاستشارية والرقابية منها مؤسسات مكافحة الفساد وتنظيم الانتخابات وتلك التي تخص الشباب وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومرصد المجتمع المدني. كما أكدت الوثيقة الدستورية رفع العقبات أما النشاط الجمعوي الذي أصبح يمارس بمجرد التصريح، وتم التأسيس لمرصد وطني للمجتمع المدني بصفته هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية يقدم آراء وتوصيات متعلقة بانشغالات المجتمع المدني ويساهم في ترقية القيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطنة. كما أكدت الوثيقة على أن الجمعيات لا تحل إلا بحكم قضائي. ولم تتوقف جهود الرئيس تبون، عند هذا الحد، وإنما سعى إلى التقرب أكثر من المجتمع المدني وذلك بتعيين البرلماني نزيه برمضان مستشارا مكلفا بالحركة الجمعوية والجالية الجزائرية بالخارج قصد التعرف أكثر على معوقات هذا النشاط ومحاولة تجاوزها. ومنذ تعيينه جاب برمضان كل ولايات الوطن وعقد عدة لقاءات تشاورية قصد الاطلاع الميداني على واقع الحركة الجمعوية والأخذ باقتراحاتها من أجل وضع خارطة طريق لإرساء علاقة جديدة بين الإدارة والمجتمع المدني في ظل الشفافية والتكامل، مفادها تحسين الحياة اليومية للمواطنين على الصعيدين المحلي والوطني. واستكمالا لهذا المجهود تم الإعلان عن انطلاق منصة رقمية وطنية خاصة بالمجتمع المدني قبل نهاية السنة الجارية، ستسمح بإجراء تقييم شامل وموضوعي لأداء الجمعيات وتحديد مرافقة الدولة لكل المشاريع المقترحة. وحسب الأرقام التي قدمها السيد برمضان، فقد اعتمدت مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية خلال شهر جويلية الماضي وحده، أكثر من 2600 منظمة من المجتمع المدني من ضمن أزيد من 4000 طلب تقدم بها مختلف النشطاء في هذا المجال. وأقرت الوزارة، في هذا الصدد تسهيلات لفائدة أصحاب المبادرات لإنشاء جمعيات بلدية ذات طابع خيري وتضامني ولجان الأحياء والقرى والتجمعات السكانية، حيث شملت هذه التسهيلات تقليص مدة دراسة ملفات تأسيس جمعية إلى 10 أيام وتخفيف الإجراءات البيروقراطية وفتح فضاءات لعقد لقاءات بين الجمعيات. ويرتقب حسب الملاحظين أن تسند للمجتمع المدني في الجزائر أدوارا بالغة الأهمية في ظل الجزائر الجديدة، سيكشف عنها المستقبل القريب، عندما يتم مراجعة قانون الجمعيات وتترجم أحكام الدستور الجديد في مختلف القوانين العضوية والعادية.