❊ الوزراء الجدد أمام امتحان مسايرة القرارات الجريئة للرئيس يعكس التعديل الحكومي الذي أجراه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أول أمس، برأي أوساط مراقبة، مع بداية العد التنازلي لإجراء الانتخابات التشريعية المسبقة، بعد قرار حلّ المجلس الشعبي الوطني، الحرص على ضمان استمرارية البرنامج الرئاسي، موازاة مع تقويم العمل الحكومي، حيث سبق للرئيس تبون أن أبدى عدم رضاه عن أداء بعض القطاعات الوزارية، خصوصا ما تعلق بالاستجابة للانشغالات الاجتماعية للمواطن، وقال إن "الحكومة فيها وعليها". ورغم أن التعديل الحكومي لا يحمل الكثير من المفاجآت، حسب ملاحظين، من منطلق أن مهمة الهيئة التنفيذية القديمة -الجديدة ستتركز على تحضير الانتخابات النيابية المبكرة، وإعطاء دفع للنشاط الحكومي، خاصة ما له صلة بانشغالات المواطنين، وهو ما يتجلى في تجديد الثقة في الوزير الأول عبد العزيز جراد ووزير الداخلية كمال بلجود، ولذلك مسّ بالخصوص القطاعات الاقتصادية التي لم تحقق ما كان مرجو منها. وبغض النظر عن المدة القصيرة الممنوحة للوزراء الجدد من أجل تفعيل البرامج التنموية التي مازالت تشهد الانسداد والتعطل، إلا أن رئيس الجمهورية لا "يخشى" مقياس الزمن لأنه يتخذ من شعار "السرعة القصوى" عنوانا لتجسيد المشاريع خصوصا تلك المتعطلة بسبب سوء التسيير. ولذلك فضل الرئيس تبون، مع بداية السنة الثانية من عهدته الرئاسية، إقحام "كفاءات جديدة" لضخ دماء جديدة في الجهاز التنفيذي، حيث ستكون فرصة لها لكسب ثقة الرئيس تبون وخوض تجربة لمن لم يسبق لهم الاستوزار، في حين عين وجوها قديمة بحكم معرفته بهم عندما كان وزيرا للسكن ووزيرا أول. وإذ حافظ على الحقائب الوزارية من منطلق أن المرحلة الحالية التي تسبق إجراء الانتخابات التشريعية تتطلب الاستقرار السياسي، فقد قلّص الرئيس تبون عدد الدوائر الوزارية من 39 حقيبة إلى 34 حقيبة وزارية، حيث تم دمج قطاعات وزارية وإلغاء بعض الدوائر. وفي هذا الإطار، تم دمج وزارتي الطاقة والمناجم وتكليف محمد عرقاب بتسيير القطاع، خلفا لعبد المجيد عطار الذي سيّر وزارة الطاقة منذ شهر جوان 2020، كما عين الرئيس تبون محمد باشا وزيرا للصناعة، خلفا لفرحات آيت علي براهم وأوكل قطاع الرقمنة والإحصائيات لحسين شرحبيل، خلفا لمنير خالد براح. وكان رحيل آيت علي براهم من قطاع الصناعة منتظرا، حسب متابعين، أمام الانتقادات الكثيرة التي وجهت له بسبب تعطل الإفراج عن ملف السيارات المستوردة وطريقة انتقاء الوكلاء التي تمت في سرية لم يستحسنها أهل القطاع، فضلا عن تصريحاته الاستفزازية التي لم تعجب المواطنين فيما يتعلق بالاستجابة لانشغالاتهم الاجتماعية، إذ كثيرا ما كان يساير النهج "التقشفي" في الوقت الذي يعمل فيه رئيس الجمهورية على كسب ثقة المواطنين من خلال الاهتمام بتحسين أوضاعهم الاجتماعية خصوصا الفئات الهشة. كما عين رئيس الجمهورية المدير العام السابق لوكالة "عدل" طارق بلعريبي، وزيرا للسكن والعمران والمدينة، خلفا لكمال ناصري الذي تسلم مهامه في الوزارة في جانفي 2020. وتم تعيين هذا الأخير وزيرا للأشغال العمومية والنقل، خلفا لفاروق شيالي. ويأتي تعيين بلعريبي على رأس هذا القطاع الحساس بالنظر إلى النفس الجديد الذي أعطاه لملف سكنات البيع بالإيجار كمدير عام لوكالة "عدل"، حيث نجح في إزاحة الانسداد الذي اعترى الملف، سواء من خلال دفع أشطر المكتتبين أو فتح مواقع الاختيار لآخر المكتتبين في هذه الصيغة، بالإضافة إلى توزيع السكنات عبر مختلف الولايات. وأوكل رئيس الجمهورية قطاع الموارد المائية لمصطفى كمال ميهوبي، خلفا لأرزقي براقي، في حين تم تعيين محمد علي بوغازي وزيرا للسياحة والصناعة التقليدية والعمل العائلي، خلفا لمحمد حميدو وتعيين دليلة بوجمعة وزيرة للبيئة خلفا لنصيرة بن حراث، مع الإبقاء على يحيى بوخاري، أمينا عاما للحكومة. كما قرّر رئيس الجمهورية إلغاء الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة الصحراوية وكتابة الدولة المكلفة بالصناعة السينماتوغرافية اللتين كانا يسيرهما على التوالي، كل من السيدين حمزة آل سيد الشيخ وبشير يوسف سحايري. وبموجب هذا التعديل، غادر الحكومة 7 وزراء. ويتعلق الأمر بكل من عبد المجيد عطار، فرحات آيت علي براهم، منير خالد براح، فاروق شيالي، أرزقي براقي، محمد حميدو ونصيرة بن حراث. كما غادر الحكومة 3 وزراء منتدبين وهم عيسى بكاي (مكلف بالتجارة الخارجية)، حمزة آل سيد الشيخ (مكلف بالبيئة الصحراوية) ومحمد شريف بلميهوب (مكلف بالاستشراف)، بالإضافة إلى كاتب الدولة بشير يوسف سحايري (مكلف بالصناعة السينماتوغرافية). هذا التعديل الحكومي الذي جاء بعد الاستقبالات التي خصّ بها رئيس الجمهورية عددا من ممثلي الأحزاب السياسية، يكون وفق محللين، قد أخذ بعين الاعتبار الانشغالات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة في المرحلة الحالية، في الوقت الذي يكون قادة التشكيلات السياسية قد أبدوا اهتمامهم لمرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي ستفضي بلا شك إلى تشكيلة سياسية في المجلس الشعبي الوطني، مثلما ينص عليه الدستور ومن ثم إمكانية الوصول إلى حكومة ائتلافية في واحدة من السيناريوهات المطروحة لما بعد التشريعيات القادمة.