كلف الرئيس التونسي، قيس سعيد، أمس، نجلاء بودن وهي وجه نسوي غير معروف لدى عامة التونسيين، بتشكيل حكومة جديدة في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ تونس تمنح فيها مهمة تشكيل الحكومة لامرأة. وجاء في بيان للرئاسة التونسية، أمس، أنه "عملا بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية وخاصة على الفصل 16 منه، كلف رئيس الجمهورية نجلاء بودن بتشكيل حكومة على أن يتم ذلك في أقرب الآجال". وبذلك تكون نجلاء بودن، البالغة من العمر 63 عاما المنحدرة من ولاية القيروان، أول امرأة في تاريخ تونس تتولى تشكيل حكومة في هذا البلد وهي التي كانت تعمل أستاذة تعليم عالي في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس مختصة في علوم الجيولوجيا وتتولى حاليا مهمة تنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. ونشرت الرئاسة التونسية تسجيلا مصوّرا لاستقبال الرئيس سعيد بمكتبه الرئاسي والمكلفة بتشكيل الحكومة، وهو الذي شدّد مرارا على الميزة "التاريخية" لتعيين امرأة لأول مرة لقيادة الحكومة في تونس. وقال إن "ذلك يعد شرفا لتونس وتقديرا للمرأة التونسية". وجاء تعيين بودن بعد شهرين من إقالة حكومة هشام المشيشي، يوم 25 جويلية الماضي في إطار سلسلة التدابير الاستثنائية التي اتخذها وجمد من خلالها نشاط البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه. كما جاء في وقت توسعت فيه رقعة الرافضين لمواصلة سريان التدابير الاستثنائية وسط تصاعد الأصوات من سياسية ومؤسسات مدنية وحتى شعبية المطالبة بضرورة عدول رئيس البلاد عن قراراته. وكان الرئيس سعيد، برر قراراته الاستثنائية تلك بأنها تندرج في إطار صلاحياته الدستورية وجاءت استجابة لمطالب الشارع التونسي الذي انتفض ضد طبقته السياسية التي حمّلها مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والصحية في ظل انتشار جائحة كورونا. وستكون السيدة بودن أول امرأة توكل لها مهمة تشكيل حكومة منذ إقالة حكومة المشيشي قبل شهرين بما أدخل البلاد في حالة فراغ دستوري تصاعدت معها المخاوف من مغبة مواصلة الرئيس سعيد تجميع كل الصلاحيات بما قد يقود إلى نظام "سلطوي" يهدد المكاسب الديمقراطية التي حقتها الثورة التونسية عام 2011. ويتأكد ذلك خاصة وأن الرئيس سعيد، الذي شرع في حملة واسعة النطاق لمحاربة الفساد في دواليب السلطة، سبق وأكد المهمة الرئيسية للحكومة الجديدة ستكون "وضع حد للفساد والفوضى التي تسود العديد من مؤسسات الدولة".