عرفت المبادلات التجارية بين الجزائروتايوان ارتفاعا في 2020، وكانت لصالح الجزائر التي صدرت ماقيمته 303 ملايين دولار نحو تايوان، فيما استوردت بصفة مباشرة ما قيمته 77 مليون دولار، خلال نفس الفترة. وتستورد تايوان المواد الكيماوية والمعادن أكثر من استيرادها للمحروقات الجزائرية، حتى وإن كانت تأمل في رفع كميات النفط والغاز المستوردة في السنوات المقبلة. وأكدت مديرة مركز التجارة التايوانيالجزائري نانسي شان يي هسو، أن حجم المبادلات الحالي لا يعكس بأي حال من الأحوال القدرات التي يمتلكها البلدان في قطاعات متعددة، مشيرة إلى وجود فرص هامة للاستثمار، تنتظر تطبيق مزيد من الليونة والتسهيلات من طرف الحكومة الجزائرية، لاسيما في اتجاه تبسيط إجراءات التنقل بالنسبة لرجال الأعمال. وقالت المديرة - وهي أول سيدة تعين على رأس المركز الذي ينشط بالجزائر منذ 2006- أمس، في حديث خصّت به "المساء"، أن هناك اهتمام بالغ لدى الشركات التايوانية للاستثمار بالجزائر، لاسيما في إطار شركات مزدوجة تعمل على تحقيق مبدأ الربح للطرفين. افتتاح مصنع لإنتاج أجهزة قياس السكر قريبا في هذا السياق، كشفت المتحدثة عن قرب افتتاح مصنع لإنتاج أجهزة قياس السكر من علامة "بيونيم" بالبليدة، يعد ثمرة شراكة بين البلدين. وقالت إن تدشين المشروع سيتم الشهر الجاري أو في نوفمبر على أقصى تقدير، يضاف إلى مشروع إنتاج دراجات "سكوتر" الموجود بسطيف منذ سنوات، والذي يقوم بتركيب هذا النوع من الدرّاجات النارية لعلامة "سيم" التايوانية، التي تسيطر حاليا على 80% من حصة السوق الجزائرية في هذا المجال. مباحثات مع سيفيتال لتطوير الصادرات الغذائية كما تجري مباحثات مع مجمع "سيفيتال" قصد تطوير شراكة تمكن في خطوة أولى من رفع المبادلات التجارية، من خلال تزويد تايوان للمجمّع بمعدات متطوّرة تمكنه من رفع إنتاجه من المواد الغذائية، بغية تصديرها إلى تايوان الذي يعد بلدا صغيرا من حيث المساحة، ويستورد أغلب حاجياته الغذائية لاسيما المواد المعلبة. وأوضحت محدثتنا أن المباحثات متواصلة، وأنه بانتهاء أزمة كوفيد-19 سيتوجه فريق من المجمّع لتايوان من أجل دراسة المشروع. لكنها بالمقابل شدّدت على أن الهدف ليس الاكتفاء بالتجارة، وإنما "هناك سعي لإقامة شراكة طويلة الأمد، عبر إنشاء مصنع مشترك". واعتبرت المسؤولة التايوانية أن الأمل قائم للتحوّل بالعلاقة الاقتصادية بين البلدين من مجرد التجارة إلى الاستثمار، استجابة لمخطط الحكومة الجزائرية الرامي إلى إعطاء دفع للصناعة، مشيرة إلى أن هناك جهل بالقدرات الصناعية التايوانية، سببه أن أغلب المنتجات التايوانية التي توجد بالسوق الجزائرية، تستورد من الصين، التي تعد تايوان أكبر مستثمر بها. هناك جهل بالمنتجات التايوانية في الجزائر وقالت في هذا الإطار "الكثيرون لا يعرفون أن ما يستخدمونه من منتجات لاسيما في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال هي من صنع تايواني... بل أن البعض يعتقد أن تايوان تابعة للصين"، ضاربة مثالا بعلامات مثل "آزوس" و"آسير" للكمبيوتر واللوحات الرقمية "آش تي سي" للهواتف النقالة، و"دي لينك" و"أداتا"، وكلها علامات تايوانية مائة من المائة، كما تسيطر تايوان على 50% من سوق الرقائق الالكترونية ذات الدقة العالية المعتمدة على تكنولوجيا النانو، بفضل شركتها "تي أس أم سي". وفي رأي محدثتنا، فإن تايوان قد تكون ضحية "صورة نمطية سابقة" كانت تتميز بها منتجاتها في الماضي، والتي كانت مرادفا للسلع "المقلدة الرخيصة الثمن"، مشددة على أن الوضع حاليا تغير وأن تايوان أصبحت بلدا متطوّرا وهي تعمد إلى الاستثمار في بلدان مثل الصين والهند وبنغلاديش وفيتنام، من أجل تخفيض تكلفة الإنتاج، لأن الأجور مرتفعة ببلادها. ودليلها أن ألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية واليابان تعد أهم ثلاثة زبائن تجاريين لها، كما يتركز تواجدها بالقارة الإفريقية في جنوب إفريقيا. الصناعة مقابل الغذاء لهذه الأسباب، عبرت محدثتنا عن أملها في إزالة كل العوائق أمام تواجد الشركات التايوانيةبالجزائر، بالنظر إلى القدرات الهامة التي تمتلكها الجزائر في مجالات متعددة قالت إنها "لا تعد ولا تحصى"، لافتة إلى أنها تتأكد يوميا من ذلك بفضل استخدامها للمنتجات المحلية، معترفة أنه في حال توفر انفتاح أكبر في السوق، فإن شركات تايوانية كثيرة ستأتي للاستثمار. وعن القطاعات التي تعوّل عليها تايوان لاقتحام السوق الجزائرية، تحدثت عن الآلات الصناعية وقطع غيار السيارات ومنتجات تكنولوجيات الإعلام واتصال "التي يوجد طلب أكبر عليها بعد أزمة كوفيد-19"، إضافة إلى التجهيزات الطبية وتجهيزات معالجة المياه. أما ما تحتاجه السوق التايوانية من منتجات جزائرية، فأشارت إلى الحاجة لاستيراد كميات أكبر من الغاز والنفط، إضافة إلى المواد الغذائية خاصة التمور وزيت الزيتون والخمور والمعلبات. لكنها لفتت إلى أن نقطة ضعف هذه المنتجات هي "طريقة التعليب والحفظ، التي تحد من قدرتها على التصدير". لذلك اقترحت الاستفادة من التكنولوجيات التايوانية في هذا المجال عبر شراكات في مجال الصناعات التحويلية، تمكن من اقتناء معدات تايوانية لتحسين نوعية المواد الغذائية وزيادة مدة صلاحيتها، ما يتيح تصديرها إلى بلدان بعيدة. ضمن هذا المنظور، يشرف المركز على جمع رجال أعمال البلدين ضمن لقاءات تتم في السنتين الأخيرتين عبر الأنترنت، بسبب تداعيات الأزمة الصحية العالمية. لكن السيدة نانسي شان يي هسو أكدت إمكانية تنظيم بعثة لرجال الأعمال الجزائريين إلى تايوان بعد انفراج الأزمة.