يشارك المسرح الوطني الجزائري شهر نوفمبر المقبل ضمن فعاليات "أيام الثقافة الجزائرية" التي تنظّم تحت رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة، بمسرحية "التمرين" لامحمد بن فطاف، وهو العمل الذي يتناول معاناة الفنان في ممارسة إبداعه في جوّ تقلّبت فيه الموازين وغاب عنه التشجيع الإبداعي عامة والمسرحي على وجه الخصوص· فرقة المسرح الوطني الجزائري ستطير إلى الشارقة، حاملة معها "التمرين" التي سبق عرضها في مسرح "محي الدين بشطارزي" عام 2004، وكذا في عدد من المدن الجزائرية وسجّلت للتلفزيون الجزائري، لتكون بذلك سفيرة الفن الرابع الجزائري· "التمرين" مسرحية مركّبة تضم بين مشاهدها مسرحيتين، الأولى عن التحضير لعرض مسرحي في ظروف أقل ما يقال عنها إنّها مؤسفة، والثانية على شكل تمرين لعرض مسرحي يتناول معاناة مواطن وجد نفسه بطالا بعد إفلاس الشركة الوطنية التي كان يعمل بها، الكلّ ممزوج مع مشاكل في الاتصال والحوار· محمد الممثل (محمد عباس إسلام)، جلول الموسيقي (فتحي كافي)، وسعيدة المخرجة (نضال)، يعكسون من خلال مسرحيتهم يوميات "علي لاباسيونس" الذي يواجه مشاكل الحياة وسط انعدام الضمير وتفشي السلوكيات العاكسة للامبالاة، مع الجيران فكلّ واحد منهم يحاول الاستحواذ على ما تبقى له من بيته، وأمام الحفرة التي يتعرّض لها، يقرّر كتابة رسالة إلى وزير العدل يشكو فيها الظلم الذي يتعرّض له· مسرحية امحمد بن فطاف تكشف انعدام الضمير عند الكثيرين واختلال الموازين وكذا غياب العديد من المفاهيم كالإخلاص، الأخوة، السلام والاحترام، وأيضا الوطنية التي أصبحت كلمة "استفزازية"·· "التمرين المسرحي" لا يصل إلى نهايته لأنّ القاعة ستستخدم للنشاط الحزبي بغرض "التمرين السياسي"، ليتم الاتفاق على الالتقاء في مقهى "مفترق الطرق" لعدم وجود مكان للفعل الثقافي في زمن مشين للمسرح، ونهاية مأساوية للفنان الذي انغلقت في وجهه الأبواب· من خلال انتقال محمد عباس من شخصية محمد الممثل إلى شخصية علي المواطن، يلتمس المتفرّج الكثير من المواقف ويتقاسم مع الشخصيات الثلاث آمالهم وطموحاتهم، فمحمّد يعشق النصوص الكلاسيكية ويحلم بتجسيد دور هاملت، أمّا جلول فيتمنّى أن تمنح له فرصة البروز وتجسيد إحدى الشخصيات المسرحية المهمّة، من جهتها سعيدة المخرجة هدفها الوحيد الوصول إلى تقديم العرض المسرحي للجمهور في الآجال المحدّدة ···لكن هذه التمنيات والأماني تصطدم في كلّ مرّة بحواجز وعوائق متعدّدة تترجم معاناة الفنان المسرحي، خاصة في مجتمع يحمل الأفكار المسبقة ويهمّش المبدع باختلاف مشاربه ومجالات إبداعه، فكلّ شيء مهيأ للسياسة، للأحزاب، للتبلعيط، ولهزّ البطون ولا مكان للثقافة وممارستها· "التمرين" يضم بين مختلف قطع ديكوره، رسائل ومعان بليغة عميقة تلخّص جميعها في تمرين ركحي يقوم به شباب طموح، همّه الوحيد ترجمة اللاّمبالاة والتهميش والتخبّط الذي يعيش فيه المواطن الجزائري، وهو أيضا عرض يعكس ما آلت إليه قاعات المسرح وواقع المسرح في الجزائر، حيث أصبح المبدعون لا يجدون فضاء للتدريبات واللقاءات غير قاعات الشاي والمقاهي· *