ينزل المسرح الوطني الجزائري ضيفا على "مسرح لانتش" بمارسيليا من 14 أكتوبر الجاري إلى الثامن من نوفمبر المقبل بأربعة أعمال مسرحية جزائرية ستقدّم على خشبة المسرح الفرنسي في إطار برنامج التبادل المعتمد بين المسرحين. وقد أعلن المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي" عن برنامج العروض التي سيقدّمها على خشبة "مسرح لانتش" بمارسيليا، حيث من المنتظر أن يشارك بأربعة أعمال مسرحية من إنتاج المسرح الوطني وهي أوّلا مسرحية " التمرين" تأليف وإخراج مدير المسرح الوطني امحمد بن قطاف التي ستعرض في الفترة الممتدة بين 14 إلى 18 أكتوبر الجاري . ويعود إنتاج المسرحية لسنة 2003 وتدور أحداثها حول المعاناة التي يواجهها الفنان في ممارسة إبداعاته في زمن انقلبت فيه الموازين وغاب عنه التشجيع الإبداعي عامة والمسرحي على وجه الخصوص، وذلك من خلال قصتين تصوّر الأولى التحضيرات لعرض مسرحي في ظروف مأساوية ومتعبة للغاية، وتبرز الثانية تمرينا لعرض مسرحي يتناول معاناة مواطن وجد نفسه بطالا بعد إفلاس الشركة التي كان يعمل بها وكلّ ذلك وسط قصور في الاتصال وصعوبة في الحوار والتواصل. شخوص المسرحية تتمثّل في محمد "الممثل"، جلول "الملحن"، وسعيدة "المخرجة" هذا الثلاثي يحاول أن يعكس يوميات "علي لاباسيونس" الذي يواجه مشاكل الحياة وسط انعدام الضمير واللامبالاة وتكالب جيرانه عليه، حيث يسعى كل منهم إلى سلبه جزءا من بيته، وفي خضم كلّ تلك الانكسارات والحطام يقرّر على كتابة رسالة إلى وزير العدل يشكو فيها الظلم الذي يتعرّض له. إلى جانب مسرحية "التمرين" التي سبق وأن شاركت في العديد من المهرجانات العربية يقترح المسرح الوطني لنفس المناسبة مسرحية "المغارة المنفجرة" لحيدر بن حسين إخراج أحمد بن عيسى التي ستعرض خلال الفترة الممتدة بين 21 إلى 25 من الشهر الجاري. العمل مقتبس من رواية يمينة مشاكرة تروي قصة امرأة وحيدة تخلق عالمها الخاص وذلك خلال الفترة الاستعمارية بمنطقة الأوراس، واجهت صعوبات في حياتها بفقدان الحبيب والزوج والأخ لتجد نفسها تكتب رواية تخصّها، خاصة وأنّها كانت تمر بحالات نفسية مختلفة، فيتحوّل ظلّها إلى امرأة أخرى تحكي لها همومها وآلامها... أمّا ثالث عمل يقترحه المسرح الوطني على الجمهور المارسيلي فهو مسرحية "فاطمة" لاحمد بن قطاف أيضا وسيتواصل عرضها من 28 أكتوبر إلى الفاتح من نوفمبر، والمسرحية أنتجت سنة 1991 باللغة العربية، حيث أدّت الفنانة صونيا الدور الرئيسي وأخرجها للركح زياني شريف عياد، ليعاد إنتاجها باللغة الفرنسية في إطار سنة الجزائر بفرنسا، ثم باللغة الأمازيغية في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007" وأدّت الدور الرئيسي فيها الممثلة رزيقة فرحان وإخراج فوزية آيت الحاج. وها هي "فاطمة" امحمد بن قطاف تعود من جديد وهذه المرة من على ركح مسرح لانتش لتجسّد هواجس المرأة الجزائرية وانشغالاتها وشقائها من خلال شخصية "فاطمة" وهي امرأة متعلمة، وذكية وجميلة، تبحث عن عمل، فتصطدم بكلّ أنواع القمع الاجتماعي والفكري، لكنّها تحاول أن تفرض احترامها كإنسان كامل الحقوق، رغم سطوة المجتمع الذكوري المنغلق على نفسه القاسي في أحيان كثيرة والمتشدّد والمتناقض في أحيان أخرى. آخر عمل مقترح في إطار هذا البرنامج هو مسرحية "موقف إجباري" لاحمد بن قطاف كذلك وإخراج إيفان روموف، التي تمّ انجازها في إطار التعاون بين المسرح الوطني الجزائري ومسرح لانتش وستعرض في الفترة بين 4 إلى 8 نوفمبر، وذلك بعد أن أنتجت بالدارجة الجزائرية في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007" . تجسّد المسرحية حكاية سجّان وسجين (حكم عليه مدى الحياة) ومخطوطه الذي بدأ في كتابته منذ 30 سنة، يروي فيه الرجوع المستحيل إلى الوطن الأم، وصفحة من تاريخ هذا الوطن..هنا يتقاطع مصير السجّان والمسجون اللذين يتحوّلان إلى صديقين..ليجمعهما القدر من جديد في.."موقف إجباري"، المسرحية تحمل مواقف سياسية قوية يصطدم فيها الحاضر بالذاكرة وببقايا تاريخ يطرح الكثير من التساؤلات، دون أن تخلو من بعض المواقف الهزلية التي أرادها المخرج منافذ تهوية لنص قوي وثقيل بالرسائل. تأتي هذه العروض في إطار التعاون المشترك بين المسرح الوطني الجزائري ومسرح لانتش بمارسيليا والذي بدأ بورشة تكوينية لطلبة المعهد العالي لمهن السمعي البصري فنون العرض لبرج الكيفان أسفرت عن إنتاج عمل مسرحي "موقف اجباري " عن نص جزائري لبن قطاف وإخراج فرنسي لإيفان روموف باللغة الفرنسية، عرضه مؤخرا على خشبة بيت "محي الدين بشطارزي". وتضمّن هذا التعاون أيضا جوانب أخرى على غرار زيارات بين الفرق المسرحية، دورات تكوينية في التقنيات المسرحية وتسيير المؤسسات الثقافية، إلى جانب الاستضافات المتبادلة للفرق المسرحية، وقد حدّد المنظمون الهدف الأساسي من هذا التعاون والتبادل بخلق تقارب بين التجارب المسرحية لمسرحيين من ضفتي المتوسط، وتبادل المعارف والخبرات وقبل ذلك التعرّف فيما بينهم.