حققت بداية سنة 2008 توقعات الخبراء طيلة السنة الماضية بعد أن وصلت أسعارالذهب الأسود إلى سقف ال100 دولار مساء الأربعاء لتتعداها ببضع سنتات أول أمس وتبلغ رقما قياسيا جديدا قدره 100.09دولار في بورصة نيويورك على الساعة الخامسة والنصف بتوقيت غرينتش· ولايبدو أن الأمر سيتوقف عند حد المائة، باعتبار أن كل التوقعات تؤكد استمرار الارتفاع رغم الاستقرار الذي شهدته الأسعار أمس، بل أن خبيرة ألمانية تحدثت عن بلوغ سعر ال200 دولار للبرميل في العشر سنوات المقبلة· وشكل رقم ال100 دولار مانشيتات أغلب الصحف عبر العالم، وخصصت جل وسائل الإعلام حيزا هاما من نشراتها أمس وأول أمس إلى موضوع هذا الارتفاع القياسي مستعينة بخبراء بغية محاولة استقراء المستقبل لاسيما وأن هذا الارتفاع يؤثر على الحياة الاقتصادية بشكل كبير والدليل الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الذهب بفعل كثرة الطلب عليه على خلفية انخفاض الدولار، حيث وصل سعر الأوقية إلى مستوى تاريخي لم يسجل منذ 28 سنة قدره 868.89دولارا· وقالت منظمة الأوبيك أمس أن متوسط أسعار سلة خاماتها القياسية ارتفع من 92.06 دولار يوم الأربعاء إلى 93.94 دولار للبرميل يوم الخميس · مع العلم أن سلة الأوبيك تضم 12 نوعا من النفط الخام من بينها خام صحارى الجزائري· أما أسعار مزيج برنت والخام الأمريكي الخفيف في التعاملات الأوروبية الآجلة فعادت للاستقرار أمس الجمعة وسمحت للسوق بالتقاط أنفاسها، ففي الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش استقر سعر مزيج برنت لشهر فيفري دون تغيير على 97.60 دولار للبرميل، فيما انخفض الخام الأمريكي ب 0.09 دولار ليصل إلى 99.09 دولار للبرميل··وقالت شركة أم· أف جلوبل في تقرير "نتوقع أن تستقر الأسواق بعد الصعود المبهر الذي سجلته يوم الأربعاء"· وأرجع هذا الارتفاع القياسي في الأسعار الذي بلغ حوالي 70 بالمائة مقارنة ببداية سنة 2007 -التي شهدت تراجعا في الأسعار-إلى انخفاض مخزون النفط الأمريكي بما يفوق التوقعات إذ تراجع بأربعة ملايين برميل بينما كان المحللون يتوقعون انخفاضا قدره 2.2 مليون برميل· ولأن مثل هذا الرقم القياسي لأسعار النفط سيوجه الأنظار حتما نحو منظمة الدول المصدرة للنفط، باعتبار أن الإتهامات دائما توجه لها لدى حدوث أي ارتفاع جديد، فإن بلدان المنظمة بدأت بالدفاع عن نفسها منذ الآن في خطوة لصد أي محاولات لتحميلها مسؤولية الارتفاع· في هذا الصدد أكد رئيس المؤسسة الليبية للنفط شكري غانم أن المنظمة ليس بيدها الكثير لخفض أسعار النفط، وأوضح في تصريح للصحافة أول أمس أن الأوبيك ليس بيدها الكثيرلأن معظم دولها تنتج الخام بأقصى طاقة، مضيفا أن على الدول المستهلكة في المدى القصير أن تخفض ضرائبها على المنتجات النفطية بشكل خاص· من جانبها شددت وكالة الأنباء الجزائرية في مقال تحليلي حول هذا الارتفاع الكبير لأسعار البترول بعنوان "العوامل الرئيسية للمستويات القياسية الراهنة لأسعار النفط" على القول بأن المحللين يتفقون أن "السياسة الإنتاجية لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبيك) لا تشكل سوى عاملا من جملة عوامل محددة لارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية"· وأشارت إلى جملة من العوامل المشجعة لهذا الارتفاع لاسيما ضعف الدولار(1.47دولار للأورو الواحد) ودور صناديق المضاربة وزيادة الطلب والعوامل المرتبطة بأمن الإمدادات إضافة إلى عجز قدرة المصافي الأمريكية على تلبية الطلب·مسجلة بهذا الخصوص أنه بحساب نسبة التضخم فإن سعر النفط لم يصل بعد إلى الرقم القياسي المسجل في الثمانينات·وجاء في المقال أن "ارتفاعات أسعارالنفط كانت وتبقى ارتفاعات إسمية يحد التضخم وتراجع الدولار من آثارها الإيجابية على إيرادات دول الأوبيك لا سيما وأن المستثمرين يستخدمون النفط كملاذ آمن في مواجهة ضعف الدولار" · وكانت الأوبيك قد قررت في آخر اجتماع عقدته في ديسمبر2007 بأبوظبي عد تطبيق أي زيادات على انتاجها من النفط، معتبرة أن هناك كميات كافية بالفعل في الأسواق· وتؤكد الجزائر التي ترأس حاليا المنظمة في كل مرة على لسان وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل على أن ارتفاع الأسعارلايرجع إلى نقص في الامدادات ولكن إلى عوامل جيوسياسية وفي بعض الأحيان مناخية إضافة إلى ما يقوم به المضاربون الذين يستغلون المخاوف من حدوث أزمات في مناطق مختلفة· وكان خليل قد استبعد وصول أسعار البرميل إلى 100 دولارا في 2007 وقال أنه راهن على ذلك ··ويبدو أنه ربح الرهان في آخر لحظة بعد أن فضل رقم ال100 الانتظار إلى غاية 2008 ليتجسد في السوق الدولية· والأكيد أن التطورات الأخيرة في الوضع بنيجيريا تعد من بين أهم العوامل المسببة للارتفاع إذ انخفضت إمدادات الخام من ثامن أكبر بلد مصدر للنفط في العالم منذ فيفري عام 2006 بسبب هجمات المتمردين في الدلتا على مواقع نفطية· وقالت خبيرة ألمانية أنها ترتقب استمرار ارتفاع أسعار النفط في السنوات المقبلة متوقعة أن تصل إلى سقف ال200 دولارا من هنا إلى 2018 مرجعة ذلك إلى نضوب الموارد النفطية يوما بعد آخر بالتزامن مع الارتفاع المتواصل للطلب· وقالت كلوديا كيمفيرت أنه من غير المستبعد أن يصل السعر إلى 150 دولار بعد خمس سنوات وتوقعت أن ترفع الأسعار ارتفاعا إلى 105 دولار في المدى القصير·