كشف الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مرة أخرى وفي أقل من أسبوع أن السلام الذي يريده ليس ذلك الذي تسعى كل المجموعة الدولية لإقامته في منطقة الشرق الأوسط. فبعد رفضه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة خلال القمة التي جمعته بالرئيس الأمريكي باراك اوباما عاد نتانياهو ليؤكد أمس في سياق نفس سياسة الرفض أن مدينة القدس لا يمكن أن تخضع لأية مفاوضات مع الفلسطينيين "لأنها كانت وستبقى العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل" في تعارض صريح مع كل لوائح الأممالمتحدة الرامية إلى إنهاء صراع منطقة الشرق الأوسط. وأكد نتانياهو بمناسبة مرور 42 عاما منذ ضم القدسالشرقية إلى الكيان الإسرائيلي المحتل أن القدس ستبقى دائما العاصمة الموحدة لإسرائيل. وأضاف نتانياهو في تحد واضح لكل المجموعة الدولية أن القدس هي عاصمة إسرائيل وقد كانت كذلك وستبقى ولن يتم تقسيمها أبدا. وعاد ليؤكد على نزعته اليهودية العنصرية زاعما أن علاقة اليهود بالقدس تعود لآلاف السنين وستبقى موحدة تحت سلطتنا متنكرا في ذلك لحقائق التاريخ التي أكدت أن العرب كانوا أول من سكن المدينة قبل اليهود. ولم تقتصر تصريحات الضم القسري للمدينة العتيقة على نتانياهو ولكنها نزعة اقتنع بها كل المسؤولين الإسرائيليين مهما كانت توجهاتهم السياسية. فقد صبت تصريحات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في سياق نفس هذه النزعة حيث أكد هو الآخر أن القدس ستبقى عاصمة إسرائيل ولم تكن أبدا عاصمة لأية دولة أخرى. ولم يكن لمثل هذه التصريحات العنصرية أن تمر هكذا حيث سارعت السلطة الفلسطينية إلى استنكارها على لسان نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية الذي أكد أن مثل هذه التصريحات تعتبر بمثابة تحد لفكرة حل الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية. ودعا أبو ردينة الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى التدخل لوقف السياسة الإسرائيلية على اعتبار أن مثل هذه التصريحات ستقضي على كل الجهود المبذولة لإحلال سلام عادل وشامل في المنطقة. وقال أبو ردينة داحضا الادعاءات الإسرائيلية أن القدسالشرقية أرض فلسطينية محتلة مثلها مثل كل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في الرابع جوان 1967 ويتعين عليها الانسحاب منها. وقد التزمت الإدارة الأمريكية إلى حد الآن الصمت المطبق إزاء هذه التصريحات الخطيرة والتي جاءت في وقت تصر فيه إدارة الرئيس الأمريكي على تجسيد فكرة حل الدولتين الخيار الذي ترى فيه الولاياتالمتحدة الحل الأمثل الذي يراعي مصالح كل الأطراف. وفي أول رد فعل على هذه التصريحات أدانت الخارجية الفرنسية أمس مضمون تصريحات نتانياهو وأكدت أنها ترهن مفاوضات الوضع النهائي التي بقيت معلقة إلى حد الآن. وقال الناطق باسم "الكي دورسيه" أمس ان مصير مدينة القدس يجب ان يكون موضوع تفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأنها ويضع حدا نهائيا للصراع في المنطقة. وقال الناطق الفرنسي ان التصرفات الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية من شاكلة تدمير منازل الفلسطينيين أو تهويد أحياء عربية بكاملها يمكن أن تؤدي إلى انفجار للوضع واندلاع المواجهات. مؤكدا أنها عمليات مرفوضة وتتعارض مع مبادئ القانون الدولي. وبتأكيد موقفه الرافض لكل انسحاب من مدينة القدسالمحتلة يكون الوزير الأول الإسرائيلي قد أكد على نزعته المعادية لأي سلام مع الفلسطينيين ورهن كل أمل في التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وأعاد بذلك الوضع في المنطقة إلى نقطة البداية بعد أن طعن في الاتفاقيات المبرمة بين الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والسلطة الفلسطينية منذ اتفاقات اوسلو سنة 1993 وإلى غاية الآن.