هل ستكون الهدنة المعلنة في اليمن أول خطوة على مسار إنهاء حرب عمرة لقرابة ثماني سنوات، وراح ضحيتها آلاف اليمنيين ووجد الملايين الآخرون أنفسهم في مواجهة مجاعة ضمن مأساة إنسانية يشهدها العالم في الوقت الراهن. سؤال يطرح وقد دخلت أمس، الهدنة المعلنة في اليمن لمدة شهرين حيز التنفيذ تزامنا مع حلول شهر رمضان الكريم، على أمل أن أول خطوة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين فرقاء هذه الحرب المدمرة. وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غرونبورغ، أعلن أول أمس، عن تجاوب الأطراف المتصارعة في اليمن بشكل إيجابي مع مقترح الأممالمتحدة، الالتزام بهدنة شهري، قابلة للتمديد وقد شرع في تطبيقها مع أول يوم من رمضان. وقال إن الأطراف وافقت على وقف جميع الهجمات الجوية والبرية والبحرية في اليمن وخارج الحدود، والترخيص للسفن النفطية بالرسو في موانئ محافظة الحديدة غرب البلاد، وعودة الرحلات التجارية من وإلى ميناء العاصمة صنعاء مع وجهات محددة. وتأتي هذه الهدنة تتويجا لجهود مضنية قادها المبعوث الأممي إلى اليمن، منذ عدة أشهر ضمن مسعى لإعادة إطلاق مفاوضات السلام لإنهاء الحرب، وهو الذي كان أجرى الخميس الماضي، محادثات منفصلة مع ممثلي جماعة "أنصار الله" الحوثية بسلطنة عمان، في حين التقى بممثلي الحكومة اليمنية والمملكة العربية التي تقود التحالف العسكري العربي، بالعاصمة السعودية الرياض. وأعلن التحالف العربي مباشرة بعد ذلك أنه "يدعم التزام الحكومة اليمنية بالهدنة وكذا جهود الأممالمتحدة لتثبيتها " في موقف أعطى الأمل في إمكانية إخماد صوت الرصاص، وتغليب لغة الحوار التي غابت عن الساحة اليمنية طيلة السنوات الماضية. وأكد المبعوث الأممي إلى اليمن، استعداد الأطراف المتحاربة في حال تواصل هدوء الأوضاع في اليمن، وتراجع التوتر للشروع في لقاءات تفاوض برعاية أممية وبالتالي رفع الحصار المفروض على عدة محافظات يمنية من طرف فرقاء الحرب وجعل سكانها يعيشون تحت خطر الموت المحدق ومآسي مجاعة قاتلة. وإذا كان الهدف المبدئي من هذا الاتفاق يبقى إسكات صوت الرصاص فإن الهدف بعيد المدى الذي يسعى المبعوث الأممي، إلى تحقيقه يبقى منح الأمل لليمنيين في إمكانية إنهاء هذا الصراع الذي طال أمده. وحظي إعلان الهدنة بترحيب دولي واسع أجمعت على إثره مختلف العواصم، على أنه خطوة هامة نحو إرساء السلام المفقود في اليمن، والتخفيف من معاناة شعبه الذي وجد نفسه بين فكي كماشة المسلحين الحوثيين من جهة وقوات الحكومة اليمنية المدعومة بقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. وفي هذا السياق شددت الولاياتالمتحدة، على أهمية التوصل إلى "أرضية توافقية يمكن أن تقود إلى سلام دائم لكل السكان اليمنيين"، في حين وصفتها فرنسا بأنها "تقدم كبير من شأنه التخفيف من حدة معاناة اليمنيين". كما أوضح الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح مبارك الحجرف، إن "صدور هذا الإعلان يأتي تأكيدا على الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي للأزمة اليمنية والاستجابة السريعة من قبل التحالف العربي بوقف العمليات العسكرية بالداخل اليمني والتي ستثمر في تهيئة الأجواء للأطراف اليمنية لبدء العملية السياسية والوصول إلى سلام شامل يحقق الأمن والاستقرار في ربوع اليمن". من جهتها أعربت وزارة الخارجية التركية، عن أملها في أن يتبع خطوة الهدنة الإيجابية إعلان وقف دائم لإطلاق النار وبدء عملية حل سياسي في جميع أنحاء البلاد، مؤكدة أن تركيا ستواصل دعم جهود الممثل الخاص للأمم المتحدة في هذه المرحلة، وتشجيع الحوار والمصالحة بين كافة الشرائح وتقديم الدعم للشعب اليمني. أما بريطانيا فأوضحت أن هذه تعد أفضل فرصة لتخفيف المعاناة الإنسانية لليمنيين، مؤكدة أنه "لا حل عسكري للحرب في اليمن، بل الحوار السياسي الشامل للجميع هو السبيل الوحيد للوصول إلى حل مستدام".