تعطي الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأممالمتحدة و التي تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من اليوم الجمعة "بصيص أمل" لأكثر من 25 مليون يمني يحتاج اغلبيتهم الساحقة الى المساعدات الانسانية الضرورية, الا ان استمرار المعارك الدامية قد يجعل منها "عرضة للاختراق في اي لحظة". قرار الهدنة جاء استجابة لطلب من الاممالمتحدة وضغوط اقليمية ودولية, و نظرا للحاجة الملحة الى وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق ودون قيد أو شرط" للمواطنين اليمنيين الذين يواجهون الموت جوعا او قتلا في حرب تجاوزت تكاليفها 50 مليون دولار على الاقل. و في هذا السياق اكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون على ضرورة "مواصلة العمل مع جميع الجهات المعنية اليمنية, بهدف اتخاذ خطوات لبناء الثقة من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار, ووضع آلية لسحب القوات, وإطلاق سراح السجناء السياسيين واستئناف عملية سياسية شاملة وفقا لقرار مجلس الأمن 2216 (2015)". الحوثيون يرحبون بالهدنة و الحكومة اليمنية تواقف عليها بشروط و في اطار المساعي الرامية الى البدء في تنفيذ الهدنة اجرى كان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد أجرى محادثات مع مسؤولين في حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي التي تعمل من السعودية ومع جماعة الحوثي من اجل إنهاء الاشتباكات والضربات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية منذ أكثر من ثلاثة أشهر. و قال المتحدث باسم الحكومة اليمنية ان الحكومة اليمنية أبلغت الأممالمتحدة موافقتها على هدنة "مشروطة" لإنهاء المعارك. واكد وزير الخارجية المكلف رياض ياسين إن "الشروط تتضمن إيجاد آلية أممية فاعلة لمراقبة الهدنة والإعلان عن أي تجاوزات, والإفراج عن السجناء العسكريين والسياسيين مع استمرار فرض الحظر الجوي والبحري على اليمن, والتدخل الفوري لقوات التحالف لدى إقدام الحوثيين وحلفائهم على أي عمليات عسكرية. من جانبها اكدت جماعة أنصار الله الحوثية, انها تدعم الجهود المبذولة للتوصل إلى حلول من شأنها رفع المعاناة عن كاهل المواطنين فى اليمن, حيث اكد القيادي في الجماعة محمد البخيتى وقوفهم "مع أي خطوة يتم اتخاذها للتخفيف عن المواطنين اليمنيين" معتبرا أن الهدنة الإنسانية لمدة أسبوع غير كافية, وذلك لأن الهدف من الهدنة ليس إيصال المساعدات بقدر ما هو السماح باستئناف الحركة التجارية ووصول البضائع إلى كافة المناطق اليمنية و تلك التى تشهد اشتباكات , وخصوصا مدينة عدن بجنوبى اليمن". و قال البخيتى "كان من المفترض أن تتم الموافقة على هذه الهدنة منذ مدة طويلة من أجل الدخول فى مواضيع الحوار الرئيسية والمتعلقة باختيار رئيس توافقى جديد وحكومة يمنية جديدة, لأن معظم التداعيات الحاصلة حاليا فى البلد هى نتيجة الفراغ الحاصل فى السلطة". في أول تعليق على قرار الهدنة في اليمن قالت الناشطة توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان الهدنة "جيدة اذا بدأت بتعز وعدنومأرب واذا كفلت تدفق المساعدات الى هذه المحافظات دون ان تمر عبر الحوثيين, وهو ما ندعو إليه ونطالب به وإلا فهي ستقوي ميليشيا الحوثي والرئيس المخلوع صالح وستعطيهم فرص اضافية لممارسة مزيد من القتل والتدمير, وعلى كل حال نأمل الالتزام بالهدنة وان تؤدي الى تخفيف معاناة المواطنين". نجاح الهدنة مرهون بالتزام كل الاطراف بها و مخاوف من اختراقها رهنت الاممالمتحدة نجاح الهدنة الانسانية في اليمن بالتزام كل الاطراف بتطبيقها و بالخصوص التحالف "الحوثي -الصالحي" على وجه الخصوص. و في هذا الاطار أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون, أنه تلقى تأكيدات من ممثلي جماعة الحوثي والمؤتمر الشعبي العام, وأطراف أخرى باحترام وقف إطلاق النار في اليمن "بشكل كامل". وقال كي مون في بيان تلاه على الصحفيين المتحدث الرسمي باسمه استيفان دوغريك, إنه "تلقى تأكيدات من الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام وأحزاب أخرى بأن يتم احترام الهدنة بشكل كامل وعدم وقوع أي انتهاكات من المقاتلين الخاضعين لسيطرتهم". وأعرب بان كي مون في البيان عن تطلعه إلى "التزام جميع أطراف النزاع في اليمن بهدنة إنسانية دون قيد أو شرط تبدأ الساعة 23:59 بتوقيت غرينتش يوم الجمعة 10 يوليو حتى نهاية شهر رمضان". و جاءت هذه الخطوة من اجل تخفيف من معاناة اليمنيين تزامنا مع الايام العشرة الاخيرة من شهر رمضان بداية عيد الفطر الا ان استمرار الفوضى الدموية والفلتان الامني, في ظل عدم وجود سلطة مركزية يزيد من القلق ازاء مدى الالتزام بتطبيقها. ميدانيا لم تصمت اصوات المدافع عشية الاعلان عن الهدنة بل لا زالت المعارك الدائرة بين المقاومة الشعبية الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من جهة وبين المسلحين الحوثيين والقوات الموالية لهم على أشدها في عدد من محافظات البلاد بعضها وصف ب"الاعنف"منذ بدء المواجهات. ففي عدن خلفت اشتباكات عنيفة دارت بين الجانبين في مناطق "البساتين" و"بئر أحمد" و"جعولة" شمال لمدينة مقتل نحو 15 مسلحا حوثيا وإصابة عدد آخر بالإضافة إلى مقتل ثلاثة من رجال المقاومة الشعبية. و في تعز دارت مواجهات عنيفة بين الحوثيين واللجان الشعبية تركزت في مناطق الضباب والحصب وجبل جرة مخلفة قتلى بين الجانبين. و شدد الحوثييون وقوات الرئيس السابق صالح الحصار على مدينة تعز ومنعت دخول المياه إلى المدينة. ويشكو سكان مدينة تعز من انعدام المياه للشهر الثالث على التوالي ومن زيادة سعر افاتورة الماء التي فرضها عليهم الحوثوين. كما نفذ الحوثيون قصفا مكثفا على أحياء الشماسي وكلابة والروضة والأربعين. وفي شبوة, قتل 22 شخصا في اشتباكات بين الحوثيين ومسلحي القبائل. أما في مأرب فقد شن التحالف غارات على مواقع للحوثيين في صرواح. كما سقط قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين بهجوم استهدف تجمعا لهم في محافظة الحديدة غربي اليمن. و حسب تقديرات الاممالمتحدة فان الحرب الدائرة في اليمن خلفت لحد الان 2800 قتيل معظمهم من المدنيين, و حوالي 13 الف جريح الى جانب الالاف النازخين.