يشكل إحياء ذكرى عملية الهجوم التاريخي على بريد وهران التي تصادف يوم 5 أفريل من كل سنة مناسبة للمجاهدين والجامعيين، خاصة لاستحضار محطة بارزة في مسيرة الكفاح ضد المستعمر الفرنسي من أجل الاستقلال. ودأبت المديرية الولائية للمجاهدين بوهران على استذكار هذه العملية التي نفذت خمس سنوات قبل اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، وكذلك تفعل جامعة وهران أحمد بن بلة التي تحمل اسم أحد المشاركين فيها، والتي ما فتئت تحرص على تنظيم اللقاءات العلمية والدراسات لتعميق البحث حول هذا الحدث التاريخي الهام الذي بقي راسخا إلى الأبد في الذاكرة الوطنية. ونفذت عملية الهجوم على البريد المركزي لوهران يوم الاثنين 5 أفريل من سنة 1949 من قبل كوماندوس تابع للمنظمة الخاصة بغية تمويل العمل المسلح ضد الاستعمار الفرنسي. وأوضح البروفيسور محمد بن جبور أستاذ التاريخ بجامعة وهران 1 بمناسبة إحياء هذه الذكرى أن المنظمة الخاصة التي تأسست في 15 فيفري 1947 على يد ثلة من المناضلين السياسيين التابعين لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية كانت بحاجة إلى الأموال لتحقيق أهدافها فاقترح بختي نميش على أحمد بن بلة عملية الهجوم على قطار نقل الأموال بين وهران وبشار أو على مركز بريد وهران فاستقر اتفاق أعضاء المنظمة على الاقتراح الثاني. وأضاف الباحث في تاريخ الجزائر أن الهجوم على بريد وهران كان مقررا في أول اثنين من شهر مارس سنة 1949 لكن الظروف لم تكن مواتية فتم تأجيله إلى أول اثنين من الشهر الموالي حيث نفذ في 5 أفريل. وكلل الهجوم بالنجاح بفضل المعلومات الدقيقة التي قدمها بختي نميش الذي كان موظفا بالبريد المركزي وقيادة أحمد بن بلة والتخطيط والتنفيذ الجيدين لهذه العملية التي شارك فيها مجموعة من المناضلين من بينهم سويداني بوجمعة، حسين أيت أحمد، حمو بوتليليس، بلحاج بوشعيب، الحاج بن علة، بن نعوم بن زرقة، ومحمد خيثر الذي كلف بنقل الأموال إلى مدينة الجزائر نظرا لحصانته كنائب كما أبرز البروفيسور بن جبور الذي يشغل أيضا مدير مخبر مصادر وترجمة بجامعة وهران 1. ومكنت هذه العملية من الحصول على مبلغ 178ر 3 مليون فرنك فرنسي كانت موجودة بخزينة البريد المركزي واستعملت فيما بعد لشراء الأسلحة من ليبيا. وأوضح بن جبور أن عقب عملية بريد وهران أصدرت إدارة المستعمر الفرنسي مذكرة بحث وتوقيف ضد مدبري العملية، لافتا إلى أن الصحف الفرنسية ذكرت بأن المناضل بن زرقة ألقي عليه القبض وتمت محاكمته وصدر في حقه حكم السجن لمدة 10 سنوات. ندوة تاريخية حول عملية بريد وهران.. محطة مفصلية في مسيرة الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي قال مشاركون في ندوة تاريخية، أمس، تناولت عملية بريد وهران، التي نفذها كوماندوس تابع للمنظمة الخاصة يوم 5 أفريل سنة 1949، بأنها شكلت محطة مفصلية في مسيرة الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي. وأبرز متدخلون في هذه الندوة التي نظمها مخبر المخطوطات الإسلامية بشمال إفريقيا التابع، لجامعة "أحمد بن بلة" بوهران، بمناسبة إحياء الذكرى 73 لهذه العملية، أن مبلغ 3,178 مليون فرنك فرنسي، الذي تم أخذه من خزينة البريد، سخر لشراء أسلحة من ليبيا تم استخدامها في العمل المسلح ضد الاستعمار الفرنسي. وقال محمد بن جبور، أستاذ التاريخ بجامعة "وهران 1" إن العملية جاءت إثر مجازر 8 ماي 1945 التي اقترفها المستعمر الفرنسي، وتأكد الجزائريون بعدها أنه لا جدوى من مواصلة العمل السياسي للحصول على الاستقلال ولا بد من الانتقال إلى العمل المسلح من أجل تحقيق هذه الغاية. وقدم محمد بلحاج أستاذ التاريخ بنفس الجامعة مداخلة بعنوان "الهجوم على بريد وهران: أعلام ومعالم" تطرق من خلالها إلى المشاركين في التحضير والتخطيط وتنفيذ هذه العملية وكذا الأماكن التي كانت مسرحا لإعداد وتنفيذ الهجوم، منها مسكن بحي الصديقية استخدم لمدة ثلاثة أشهر للإعداد للعملية ومسكن للمناضل الزاوي عبد القادر بحي الصنوبر "بلانتير سابقا" الذي استخدم لإيواء المناضلين وبعض منفذي العملية ومسكن حمو بوتليليس بشارع "معسكر" الذي حولت إليه الأموال التي حصل عليها إثر هذه العملية. كما قدمت الأستاذة حصام صورية من نفس الجامعة، مداخلة حول الكتابات الفرنسية عن الهجوم ،مركزة على كتاب "حرب الجزائر" من خلال نظرة الجزائريين للكاتبين بن يمين ستورا ورونو دو روشبرين، الذي أبرز فيه حاجة المنظمة الخاصة إلى الأموال لتجهيز الكفاح المسلح ضد المستعمر، حيث سمحت العملية بشراء قرابة 700 قطعة سلاح. وشارك في التخطيط لهذه العملية الجريئة وتنفيذها كل من بختي نميش وأحمد بن بلة وسويداني بوجمعة وحسين آيت أحمد وحمو بوتليليس وبلحاج بوشعيب والحاج بن علة وبن نعوم بن زرقة، ومحمد خيذر الذي كلف بنقل الأموال إلى مدينة الجزائر نظرا لحصانته كنائب. للإشارة حضر أشغال هذه الندوة ممثلو السلطات المحلية وأعضاء الأسرة الثورية وممثلو المجتمع المدني وبعض أبناء وبنات منفذي هذه العملية، الذين ثمّنوا تنظيم هذا اللقاء الذي سمح بتسليط الضوء على هذه العملية.