كرّم الشاعران سليمان جوادي وعاشور فني، مؤخرا باسم "بيت الشعر"، الأستاذ أبا القاسم خمّار، بمناسبة عيد ميلاده 91، مثمّنين مساره الحافل، عرفانا له بما قدّمه للشعر الجزائري والعربي. وجاء في تهنئة الشاعرين: "عيد ميلاد سعيد للشاعر أبي القاسم خمار عميد شعراء الجزائر، صحة وعافية وراحة بال". جاءت هذه الالتفاتة من شاعرين يقدّران هذه الشخصية الكبيرة بمقامها بين الجزائريين، فأبو القاسم خمّار هو فارس القافية، وأبو أجيال من الشعراء. كما إنها عرفان لما قدمه لوطنه، ولثقافته التي حارب لأجلها عقودا طويلة. ورغم التكريمات المهمة لهذه القامة الأدبية والوطنية، إلا أن لموعد عيد ميلاده نكهة، ووقعا خاصا في نفسه، حيث لا مراسم رسمية، ولا بروتوكولات، ويأتي الحب فيه فياضا من الأصدقاء والمقربين، الذين لا ترتبط زيارتهم له بأي مناسبة إلا مناسبة الاحتفال بأب وصديق وشاعر عزيز. وهذا التكريم الواضح في الصورة، كان له وقع خاص بحميميته وتلقائيته، بحضور الأحباب ورفقاء الدرب. للإشارة، كان بعض المقربين من الشاعر يصفونه في مثل هذه المناسبات، ب "زينة الشباب". وبعضهم كان يهديه مقاطع من قصيدة شعبية، مطلعها "قمر الليل خواطري تتونس بيه". وشهد شعراء جزائريون في مرات عديدة، أنهم قرأوا لأبي القاسم خمار وكانوا لايزالون تلاميذ في المدارس الابتدائية. وآخرون عرفوه مع "مذكرات النسيان" الشهرية عبر مجلة "ألوان"، وببرنامج "قصة ونغم" الإذاعي في السبعينيات، الذي كانت تعدّه السيدة أمينة خمار زوجة الأستاذ خمار. ويعتبر آخرون أن الشاعر أثر في أجيال متعاقبة، كانت ثمرة إنتاجه رغم أن البعض لم يقتد بخمار في تواضعه وسعة أخلاقه. وحتى اليوم لم يُسمع أحد يشتكي من الأستاذ خمار أو يذمه، وهو دليل على رفعة أخلاقه وسمعته، التي أصبحت في أيامنا عملة نادرة. وسبق لهذا الشاعر أن كُرم، واحتُفل به في بيته وفي مختلف الولايات. وُلد أبو القاسم خمار وهو محمد بلقاسم خمار في مدينة بسكرة، عام 1931م. درس فيها، ثم انتقل للدراسة الإعدادية في معهد "عبد الحميد بن باديس" بقسنطينة. ولدراسة المرحلة الثانوية انتقل الشاعر إلى مدينة حلب السورية، حيث أتم دراسته هناك، ثم التحق بجامعة دمشق ودرس فيها تخصص علم النفس في كلية الآداب من قسم الفلسفة، وتخرّج حاملا شهادة الليسانس في تخصصه. عمل مسؤولا بمكتب جبهةِ التحرير الوطني الموجود في دمشق، ثم واصل عمله في الصحافة في مؤسسة "الوحدة" للصحافة، حيث عمل محررا لمدة سنتين، ثم انتقل إلى وزارة الشباب والرياضة حيث عمل مستشارا. وعاد مجددا للإعلام، ليعمل في وزارة الإعلام والثقافة مديرا ومسؤولا عن مجلة "ألوان" الإعلامية، ومستشارا ثقافيا. للشاعر خمار عدة دواوين، تتراوح فترة إصدارها ما بين عامي 1967م و1996م، حيث أصدر ما يزيد عن عشرة دواوين، جلها يتحدث فيها عن الوطن، والجراح، وعن الغربة، ومذكراته في الشام، وعن بطولة بلاده والأحلام والآمال التي يبحث عنها كل مواطن في التحرر والاستقلال. ومن هذه الدواوين "أوراق" الذي صدر عام 1967، و"أصداء وظلال" صدر في 1977، و"ربيعي الجريح"، و"ملحمة البطولة والحب" صدر عام 1984 وغيرها.