ثمّنت نقابات الصحة وجمعيات مكافحة السرطان، قرارات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الأخيرة، القاضية بقيام المفتشية العامة للرئاسة بتحقيق حول ندرة بعض أنواع الأدوية في السوق الوطنية. رئيس الجمهورية خلال لقائه الدوري الأخير مع ممثلي الصحافة الوطنية، أوضح أن المعطيات الأولية تشير إلى وجود ندرة فعلية في السوق وهو ما دفع مصالحه لإسداء تعليمة باللجوء إلى الاستيراد، غير أنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة التحري حول سبب الندرة، معتبرا هذه التذبذبات في تموين السوق غير عادية، إذ أن الإمكانيات المالية متوفرة والمسؤوليات محددة بوضوح بالنسبة لكل طرف. تصريحات رئيس الجمهورية، لاقت أصداء كبيرة خاصة من قبل مهنيي قطاع الصحة، جمعيات المرضى، مسيرين وكذا المواطنين الذين يواجهون مشكلا كبيرا في صرف أدويتهم جراء الندرة، حيث وعد السيد الرئيس، بإبلاغ المواطنين بنتائج هذا التحقيق الذي يشرف عليه 37 مفتشا من رئاسة الجمهورية، بمجرد الانتهاء منه "ولن يظلم أي طرف"، مؤكدا أن الندرة راجعة إلى دخول لوبيات الى سوق الأدوية الوطنية. في هذا الشأن ثمّنت نقابة الصيادلة الجزائريين المعتمدين، تطمينات الرئيس تبون، معتبرة بأن رسالتها وصلت الى القاضي الأول للبلاد، حيث كانت من أوائل الجهات التي نددت بهذه الممارسات التي نتجت عنها ندرة كبيرة في السوق. نقابة الصيادلة تطالب بتشديد العقوبات على اللوبيات وقال الدكتور سمير والي، الناطق الرسمي باسم النقابة في اتصال مع "المساء"، إن الندرة وصلت الى أرقام خيالية مست أدوية حساسة في عز الجائحة، مشيرا إلى أن قرار رئيس الجمهورية من شأنه كبح الممارسات غير شرعية التي تمارسها لوبيات الأدوية، والتي نتج عنها عدم تمكن المواطن البسيط من اقتناء الادوية الخاصة بعلاجه. وأضاف الناطق باسم النقابة، أن قرارات الرئيس ستضع حدا نهائيا للممارسات غير الأخلاقية التي راح ضحيتها الصيدلي والمواطن على حد سواء، جراء البيع المشروط وإخفاء كميات كبيرة من الأدوية لإحداث الندرة على حساب المرضى، موضحا أن بعض مخابر الأدوية وصلت الى درجة فرض وصف أدوية مستوردة دون غيرها من قبل الأطباء، لزيادة الطلب عليها والتحكم في السوق على حساب الانتاج الوطني، "الذي لولاه لواجهت الجزائر خلال جائحة كورونا كارثة لا يحمد عقباها". وطالب الدكتور والي، بقطع الطريق على هذه اللوبيات التي تعمد إلى رفع أسعار علاجات ليس لها أي قيمة علاجية، على حساب أدوية متوفرة في السوق الوطنية وبأسعار معقولة لا تستنزف خزينة الدولة من العملة الصعبة، ولا تضر بالتوازنات المالية لصناديق الضمان الاجتماعي، مؤكدا أن هذه التجاوزات لم تمس صيدليات المدينة فحسب، بل امتدت إلى المراكز الاستشفائية بدليل البحث الدائم للمرضى عن أدوية المستشفيات على مستوى الصيدليات. جمعيات مكافحة السرطان تدعو لمحاسبة المتسببين في مآسي المرضى أما جمعيات مكافحة السرطان المنضوية تحت لواء التحالف الوطني لمكافحة السرطان، فقد أكدت تلقيها بارتياح كبير قرارات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، للتحري في أسباب الانقطاعات اللامتناهية للأدوية واختلالات التسيير المستمرة في قطاع الصحة والتي يذهب ضحيتها المرضى. وحسب بيان صادر عن التحالف، فإن مرضى السرطان على وجه الخصوص لا يمكنهم إلا الاطمئنان، وهم الذين يعانون منذ أشهر من انقطاع أدويتهم ووسائل علاجهم، مشيرة إلى أنها كتنظيم يدافع عن حقوق المرضى، لم تتأخر في تحضير التقارير المدققة حول هذه المآسي، "لكنها بقيت في غالبها دون جواب أو استجابة". ولاحظت الجمعية في ذات السياق أنه في الوقت الذي وضعت فيه الدولة الجزائرية أموالا طائلة منذ سنوات لتحسين قطاع مكافحة السرطان، من خلال بناء مراكز العلاج في كامل التراب الوطني، واقتناء المعدات اللازمة، إلا أن آلاف المرضى لا زالوا يقضون نحبهم جراء انقطاع الأدوية والعلاجات حتى أبسطها وأرخصها ثمنا، "دون الحديث عن آخر العلاجات التي طالما حلمنا بها من أجل مرضانا مع أن تراخيص تسويقها موجودة منذ سنوات". وذكرت جمعيات مرضى السرطان، أنه لا يمكن السكوت ونحن نرى أن العلاج الإشعاعي ما زال على حاله، وصعب الوصول إليه من قبل المرضى، رغم اقتناء عدد كبير من المسرعات، حيث يوجد الكثير منها دون استعمال، أو دائمة التعطل كما هو الحال في باتنة، سطيف، وأدرار. وأعرب تحالف جمعيات مرضى السرطان، عن مساندته لقرارات الرئيس، لتحديد المسؤولين عن الانقطاعات التي تؤرق المرضى، آملين في الخروج من هذه الوضعية في أسرع الآجال، باعتبار مرض السرطان قاتل ولا يمكن التأخر في علاجه.