يحتضن رواق "محمد تمام" بالجزائر العاصمة، معرضا تشكيليا للفنان محمد جوا، يضم أعمالا تجريدية مميزة له، تعرض لأول مرة، تشع بالألوان وتغوص في فلسفة الجمال وميتافيزيقا الروح والوجود. ويقدم المعرض الذي ينظم تحت عنوان "علاج عن طريق الرسم" حوالي 24 لوحة فنية من أحجام مختلفة، استعملت فيها تقنيات ومواد متنوعة، كالزيت والأكريليك والكولاج، على القماش والورق، تجسد اللمسة الإبداعية لهذا الفنان ونظرته الجمالية للحياة. "بدون حدود"، "حلم"، "علاج عن طريق الرسم"، شعور غريب" و«نظرة أخرى"، هي أعمال ازدان بها المعرض، تحث بجمالها الزوار على التأمل وتثير فيهم مختلف مشاعر الإعجاب والانفعالات الباطنية، وتعرفهم أيضا بروح الفنان وشاعريته وبمختلف رؤاه وأفكاره. وتجلت في هذه الأعمال العديد من الألوان، على غرار الأصفر والبرتقالي والبنفسجي، وأيضا الغامقة، كالبني، ربما لأنها الأكثر تعبيرا عما يدور في وجدان هذا التشكيلي، الذي استطاع بريشته وقدرته على التعامل معها، أن يجسد جوانب في علاقة الإنسان والحياة وأيضا بنفسه. يقول جوا إن "التجريد هو من اختاره وليس هو من اختار التجريد"، وأنه "ومن خلال التعبير التجريدي، يستطيع أن يعبر عن نفسه وأحاسيسه ومشاعره"، مضيفا أنه "يرسم في عالم من اللاوعي، ومن خلاله تخرج مكبوتاته من تلقاء نفسها ..". وأشار إلى أنه من خلال التجريد أيضا "يحب أن يترك للمشاهد حرية تأويل اللوحات المعروضة وتفسيرها، كل وفقا لحالته النفسية والشعورية وثقافته أيضا"، غير أنه "يتطلع دائما إلى التقنيات الجديدة في الرسم". ويرى أن "الفنان لا يلزمه سوى دعامة بيضاء وألوان" ليعبر بها عما يجول في نفسه، غير أنه يؤكد على أن الفنان "يجب أن يبحث كثيرا، وأن تكون له لمسته الفنية الخاصة، التي يستطيع الفنانون الآخرون والنقاد وغيرهم من قراءتها ومعرفتها ..". وعن موضوع معرضه الذي تنظمه مؤسسة "فنون وثقافة"، إلى غاية 20 أكتوبر الجاري، يقول الفنان إن "الرسم منظم للحياة، ولا بد من إعطائه قيمته في المجتمع، فهو علاج بامتياز للنفس الإنسانية"، ضاربا المثل في هذا السياق، بلوحته "المتاهة" التي يقول إنها "تعبر عن كيفية التخلص من المشاكل والهموم، من خلال الفن بما يحمله من أحاسيس وطاقة إيجابية، فالفن له دور هام في توازن الإنسان النفسي". ويضيف جوا أنه "لم يعرض منذ خمس سنوات تقريبا للعديد من الأسباب، أهمها جائحة كورونا التي عطلت النشاط الثقافي في كل مكان"، مضيفا أن "إنجاز هذه الأعمال تطلب منه الكثير من الجهد النفسي والجسدي، وأيضا المالي". الفنان الذي نشط في 2010، ندوة بالجزائر العاصمة حول موضوع العلاج عن طريق الفن، وبالضبط من خلال الرسم والفن التشكيلي. من مواليد 1974 بحجوط ولاية تيبازة، درس التشكيل في بداياته على يد الفنان الراحل سيد أحمد اسطمبولي، أحد أعمدة الفن التشكيلي في الجزائر، ليتخرج بعدها من المدرستين الوطنيتين للفنون الجميلة لكل من مستغانم ووهران. وشارك جوا في عدة صالونات ومعارض فردية وجماعية للفن التشكيلي بكل من الجزائر العاصمة وتيبازة، كما أنشأ العديد من الجداريات الفنية بعدة فضاءات في الولايتين، إضافة إلى تنشيطه لورشات خاصة بالرسم والفن التشكيلي.