❊ التحوّل نحو الرقمنة اصطدم ب"مقاومة" نعمل على تذليلها بالتحسيس ❊ نشر الثقافة الرقمية وكسب ثقة المواطن هدف منشود يكشف السيد فاتح الدين قزيم، مدير النظام البيئي ودعم الاقتصاد الرقمي بوزارة الرقمنة والإحصائيات ل"المساء"، عن سيرورة هذه الوزارة الحديثة، التي صارت هيئة مفصلية، تشمل كافة القطاعات والهيئات وتقدّم خدماتها التكنولوجية، لإنجاح الإستراتيجية الوطنية للتحوّل الرقمي، حيث يعدّد التحدّيات التي يواجهها هذا الجهاز الحسّاس، سواء من حيث نشر ثقافة رقمية وكسب ثقة المواطنين والمؤسّسات، كما يبيّن أنّ الإرادة السياسية التي كانت وراء إنشاء هذه الهيئة الرسمية، تدرك أنّ العصر يتطلّب ذلك ويفرض التكيّف مع التطوّر التكنولوجي. ذكر السيد فاتح الدين قزيم ل"المساء"، أنّ وزارة الرقمنة، التي استحدثت في 2020، كان قطاع الرقمنة قبلها خاضعا لقطاعات أخرى، لكن الإرادة السياسية شاءت أن يكون للرقمنة وزارة خاصة نظرا لما لها من أهمية كبرى، وأضيفت لها مهمة الإحصائيات لأنّها تتعلّق بجملة البيانات ويكمّل بعضها بعضا. وأفاد المسؤول بأنّه من مهام الوزارة إنشاء الإستراتيجية الوطنية للتحوّل الرقمي، المنبثقة عن مخطّط عمل الحكومة، وهي التي كانت بدايتها التأسيسية صعبة، لكن بفضل الخبراء والجهود المبذولة من طرف الإطارات الوطنية، سارت الأمور بطريقة سلسة. كما ذكر السيد قزيم، أنّه منذ بداية عمل الوزارة "وضعنا برنامجا متكاملا لضبط الأطر القانونية التي تسيّر هذه الوزارة الجديدة وعلاقتها بباقي القطاعات الحكومية والهيئات العمومية والخاصة، وتحديد المحور التنظيمي للعمل في الميدان، حيث عكف إطارات وخبراء الوزارة، في البداية، على معاينة عدة قطاعات عمومية اطلعوا من خلالها على كلّ ما هو متوفّر من هياكل وبنى تحتية ووسائل مادية وبشرية". تحديد القوانين والأطر التنظيمية.. أوّل مهامنا وأفاد ممثل وزارة الرقمنة قائلا: "تحدّثنا إلى مسؤولي القطاعات من خلال برنامج عمل تمّ تجسيده بين 2020 و2021، لتحديد نقاط القوّة، سواء من حيث الهياكل أو الكفاءات أو البرامج والأنظمة المعلوماتية وصناعة المحتوى، كما درسنا الجانب القانوني والتشريعات التي يجب أن تسيّر هذا القطاع الحسّاس، إذ أنه لا يمكن أن نجسّد الابتكار في مجال الرقمنة والتحوّل الرقمي، ما دام النظام القانوني لا يتماشى والهدف المنشود، إلى جانب الاحتياجات اللازمة للهياكل ووسائل العمل الضرورية لإنجاح المسعى". وأضاف المتحدّث، أنّ إطارات الوزارة شكّلوا فوج عمل متعدّد القطاعات، وعكفوا على دراسة الجانب القانوني والتدقيق في طبيعة القوانين المتعلقة بالرقمنة، مباشرة وغير مباشرة، في القطاعين العام والخاص، ومثال ذلك في المجال التجاري والمعاملات المالية كالتجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني، حيث تمّ سنّ قوانين شاملة تمسّ كلّ القطاعات، على اعتبار الرقمنة قطاعا أفقيا. ويشكّل محور الإطار التنظيمي أيضا نقطة هامة في التحوّل الرقمي، حيث قال السيد قزيم، إنّ فوج العمل وقف على اختلاف كبير بين الهيئات والمؤسّسات العمومية والخاصة من حيث الإطار القانوني الذي يحكم الرقمنة، فبعض القطاعات جعلت له مديرية عامة، وأخرى خصّصت له دائرة، وثالثة اكتفت بمجرد خلية بحجم مصلحة الإعلام الآلي، وهو ما يتطلّب توحيد هذه الأطر لضمان تحوّل رقمي سلس. "مقاومة التغيير" فرض المواطنة الرقمية ولا يخفى على أحد أنّ أمر الرقمنة والتحوّل الرقمي لقي "مقاومة" كبيرة في البداية، ومثال ذلك، ما لاحظناه في عمليات الدفع الإلكتروني، حيث لم يقتنع الناس بسهولة، وكذلك الأمر في معاملات أخرى وهو ما يفرض علينا - يقول السيد قزيم- مسايرة وإدارة هذه المقاومة بطريقة ذكية دون أن نخلق حساسيات في أوساط المجتمع، مشيرا إلى أنّ إدارة هذه المقاومة أفردت له الوزارة ما أسمته ب"المواطنة الرقمية" لمعالجة كلّ التحدّيات التي تواجه عملية التحوّل الرقمي، وتقديم خدمات للمواطن والمتعامل الاقتصادي والإدارة. نشر الثقافة الرقمية وكسب ثقة المواطن.. هدف منشود ولم ينفِ محدّثنا أنّ نشر الثقافة الرقمية وكسب ثقة المواطن، والهيئات والمؤسّسات العمومية والخاصة، يتطلّب توفير عوامل أساسية، منها قوّة تدفق الأنترنت، وتوفير الأمن السيبراني، فهدف وزارة الرقمنة اليوم - حسب المصدر- هو كيفية الوصول إلى إقناع المواطن البسيط باستعمال الوسائل الرقمية في معاملاته اليومية كالبيع والشراء بدون أن يضع يده في جيبه وإخراج قطع نقدية. وأضاف ممثل الوزارة، أنّ كلّ قطاع كان يرقمن بطريقته الخاصة، لكن التحدي اليوم هو كيف نجعل كلّ القطاعات تتعامل فيما بينها بالرقمنة، ولعلّ الإطلاق الرسمي للبوابة الحكومية للخدمات العمومية، الأسبوع الماضي، جزء من الجهود المبذولة من طرف الوزارة لتسهيل الأمر على المواطن، حيث يدخل بوابة واحدة يجد فيها كلّ المعلومات والخدمات بمختلف القطاعات. ومن أجل كسب ثقة المواطن، تسعى وزارة الرقمنة والإحصائيات - يوضّح السيد قزيم- لتجسيد برنامج للتحسيس والتوعية بضرورة التحوّل الرقمي، الذي يمسّ مختلف القطاعات، وجمهور الطلبة وجمعيات المجتمع المدني، عن طريق عقد اتفاقيات إطار مع مختلف الهيئات والمؤسّسات، منها المدرسة العليا للصحافة، الكشافة الجزائرية، جمعية "اقرأ"، التجمع الجزائري للناشطين في الرقمنة وغيرها. الدولة ماضية في توفير مراكز البيانات وأكّد السيد قزيم، أنّ توفير مراكز البيانات، من بين أهم العوامل التي تضمن نجاح التحوّل الرقمي، وتعزيز السيادة الرقمية، في خضم التحدّيات التكنولوجية والمخاطر السيبرانية المتزايدة، مشيرا إلى أنّ الدولة ماضية في توفير مثل هذه الوسائل المادية الحسّاسة، علما أنّ بعض القطاعات تمتلك مراكزها الخاصة لحفظ المعلومات والبيانات. وقال السيد قزيم، إنّ مواصفات إنجاز مراكز بيانات تخضع لعدّة شروط عالية الدقة والحساسية، انطلاقا من طبيعة البنايات التي تحوي مركز حفظ البيانات، والظروف الطبيعة الأخرى كدرجة الحرارة وغيرها، وأنّ هناك شركات مختصة في إنجاز هذه الوسائل، التي تؤمّن حفظ البيانات محليا، دون اللجوء إلى حفظها في الخارج، وما يشوب ذلك من مخاطر سيبرانية.