أجمع الطرفان الجزائري والأوروبي، أول أمس، على أن اجتماع الدورة الرابعة لمجلس الشراكة بين الطرفين توج بالنجاح بالنظر إلى الصراحة والهدوء وروح المسؤولية التي ميزت المفاوضات، مما سمح بإجراء تقييم شامل وفعال للعلاقات بين الجانبين ووضع آليات جديدة من شأنها أن تعطي دفعا قويا للتعاون الثنائي. ففي حين أوضح السيد مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية الذي ترأس أشغال المجلس أن الاجتماع اتسم بجو مفعم بالصراحة وبهدوء تام، اعتبر النائب الأول لوزير الشؤون الخارجية التشيكي الذي يترأس بلده الاتحاد الأوروبي السيد توماس بوجار أن هذه الدورة توجت بنجاح، منوها بالمناسبة بجودة الحوار السياسي الحاسم والمثمر الذي ساد اللقاء الذي انعقد قبيل مجلس الشراكة والذي شارك فيه السيد مدلسي والممثل السامي للسياسة الخارجية الأوروبية السيد خافيير سولانا ومندوبة المفوضية الأوروبية المكلفة بالعلاقات الخارجية السيدة بينيتا فيريروفالدنر إلى جانب وزير الشؤون الخارجية التشيكي السيد يان كوهوت. ولدى تطرقه لفحوى النقاشات التي دارت داخل اجتماع مجلس الشراكة، أعرب وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي عن قناعته بأن هذا الموعد الجديد سيسمح بدفع العلاقات التي تجمع الشريكين تدريجيا، مستدلا بالرغبة التي أبداها الطرفان منذ البداية، في التجاوب مع الانشغالات المطروحة ولا سيما فيما يتعلق بمضاعفة الاستثمارات وخلق مناصب شغل جديدة وفتح مجال اكبر للتكنولوجيا ولشبكة توزيع المنتجات والخدمات الجزائرية في دول الاتحاد. وأشار السيد مدلسي في السياق إلى أن الجانبين توصلا عقب تقييمهما لمسار التعاون الثنائي، إلى وضع آليات جديدة من شأنها تعزيز أهداف اتفاق الشراكة الذي دخل حيز التنفيذ في سبتمبر 2005، فيما سجلا بارتياح تطور العلاقات السياسية التي كانت محل متابعة وزيارات رفيعة المستوى لاسيما خلال سنة 2008، وسمحت للمسؤولين الجزائريين والأوروبيين بالتشاور حول مسائل دولية وأخرى وطنية، شملت بالأساس قضايا التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب والمشاكل المتعلقة بما يعرف بالدفاع عن حقوق الإنسان. أما على الصعيد الاقتصادي فبعد أن ذكر الوزير بأن أساس اتفاق الشراكة يتمثل في إنشاء منطقة للتبادل الحر، أشار إلى أن نسبة مشاركة الإتحاد الأوروبي في واردات الجزائر بعد ثلاثة سنوات من دخول اتفاق الشراكة حيز التنفيذ، ليست أكبر مما كانت عليه قبل إبرام الاتفاق، حيث استقرت في حدود 52 و53 بالمائة. وحسب الأرقام التي قدمها فإن مستوى واردات الجزائر من الإتحاد الأوروبي ارتفع من 11 مليار دولار في 2005 إلى 20 مليار دولار في 2008، وذلك راجع إلى كون الجزائر باشرت برامج هامة متعلقة بالمنشآت القاعدية والتنمية استوجبت اللجوء إلى التجارة الخارحية، غير أن نمو استثمارات الاتحاد الأوروبي في الجزائر لم يكن بالوتيرة والتنوع المرجوان من قبل الطرف الجزائري. وذكر الوزير في هذا السياق بأن الجزائر كانت قد أوضحت للشريك الأوروبي في تصريح جزائري وقع بالموازاة مع التوقيع على اتفاق الشراكة سنة 2001 أن الهدف الأكثر أهمية بالنسبة لها هو إحداث حركة لترقية الاستثمارات، ولاسيما خارج المحروقات، في حين لاحظت أن ما تحقق على أرض الواقع بعد انقضاء ثلاث سنوات من تطبيق الاتفاق يبقى دون تطلعاتها. وبهدف إعطاء دفع للتعاون الاقتصادي وتعزيز الاستثمار بالجزائر، اتفق الطرفان على تنظيم أول منتدى للمتعاملين الاقتصاديين الأوروبيين قبل نهاية السنة الجارية بالجزائر يخصص لموضوع بعث الاستثمارات الأوروبية المباشرة في الجزائر، كما تم تنصيب مجموعة عمل لبحث العراقيل التي يجدها المتعاملون الجزائريون في تصدير منتجاتهم إلى الاتحاد الأوروبي. وشكل اللقاء أيضا فرصة للطرف الجزائري لتقديم توضيحات أكبر حول الإجراءات الاقتصادية التي تعتزم الجزائر تبنيها قبل نهاية السنة والمتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة الخارجية، حيث اتخذت في هذا الصدد قرارا يجعل من الآن فصاعدا مشاركة المؤسسات الجزائرية إجبارية بنسبة لا تقل عن 51 بالمائة في الاستثمارات المقبلة. وأفضى الاجتماع من جانب آخر إلى الاتفاق على تعزيز إطار المفاوضات لاتفاق الشراكة من خلال لجنة فرعية للأمن والدفاع وحقوق الإنسان، حيث وافق الاتحاد الأوروبي على اقتراح الجزائر بإضافة لجنة فرعية جديدة لدراسة هذه المسائل إلى مجموعة اللجان الفرعية. وفي الأخير بحث الشريكان القضايا المتعلقة بالبيئة الإقليمية وتطرقا إلى قضايا المغرب العربي والساحل والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا ومسألة الشرق الأوسط، كما تطرقا إلى قضية الصحراء الغربية، حيث ذكر السيد مدلسي بالمناسبة بموقف الجزائر الثابت حول القضية والدعم الذي تقدمه للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية طبقا لآخر لائحة أصدرها مجلس الأمن في 30 أفريل 2009.