صدر مؤخرا عن المجلس الأعلى للغة العربية من سلسلة منبر "حوار الأفكار"، دفتر من الدفاتر التي دأب المجلس الأعلى على نشرها بعد عقده لها ندوات فكرية، الدفتر خصصه المجلس هذه المرة ل: "لغة الإبداع والإبداع في اللغة، الرواية الجزائرية نموذجا" وجاء خلاصة عن المائدة المستديرة التي نظمها المجلس مع الروائيين الجزائريين، مرزاق بقطاش، رشيد بوجدرة، أحمد منور وعمر أزراج. من خلال هذا الدفتر يتبين لنا مدى اهتمام المجلس الأعلى بترقية اللغة العربية وتقريبها من المواطن وتحبيبه فيها من أجل استعمالها في حياته اليومية، ولهذا شكل المجلس وما يزال يشكل أبوابا مفتوحة على اللغة من أجل خلق تقاليد جمالية ووظيفية بين المخاطب والمتلقي، ولعلمه أن الرواية تعد من المداخل الكبرى لاعتماد لغة تخاطب جميلة، خصص هذا الدفتر الذي قدم من خلاله روائيون بارزون تجاربهم في كتابة الرواية والمادة اللغوية التي ينسجون من خلالها أعمالهم الإبداعية. ويرى الروائي رشيد بوجدرة فيما يخص كتابة الرواية أن أساسها اللغة، يعني كيف يكتب الكاتب الروائي ؟ ماذا يقص وماذا يقول ؟، ومن جانب آخر قضية الإبداع في اللغة يؤتى إليه من اللغة، فإذا كان الكاتب متمكنا من اللغة ومن خلال غزارة اللغة، فنيات اللغة، شاعرية اللغة، تقنيات اللغة، التلاعب باللغة، عند ذلك يمكن للكاتب فتح أوشرح الموضوع والدخول فيه بطريقة حقيقية وشخصية. أما الروائي مرزاق بقطاش فيرى من خلال تجربته عدم التقيد بشروط وحدود فيما يخص الكتابة الروائية والقصصية وضبطها بأي ضوابط معينة، ويرى أيضا بأن المبدع يمكن أن يغير آراءه كلما خطا خطوة قبالة موضوع روائي يتعين عليه معالجته. كما اعتبر الروائي مرزاق بقطاش أن الرواية تمثل خلاصة المعرفة الإنسانية، ولهذا يظل الروائي في حركة مستمرة لا تقبل المراوحة في مكان واحد. أما اللغة التي يكتب بها الكاتب فقد أكد بقطاش أن هناك جهودا بدأت تبذل في اللغة العربية من أجل الوصول إلى صيغة يقبلها الجميع في مضمار الكتابة الروائية، ويضيف الكاتب في عرض تجربته قائلا: "أنا أبحث عن اللغة، أبحث عن الإنسان". أما الدكتور أحمد منور فقد رأى فيما يخص الرواية الجزائرية بالذات أن الكل أصبح يؤلف، وصارت تصدر رواية جديدة يوميا ويظهر روائيون جدد بحيث تداخلت الأجيال فيما بينها وأصبح عندنا عشرات وعشرات الروائيين وتصدر سنويا عشرات وعشرات الروايات. أما من جانب اللغة الإبداعية فيراها أحمد منور تنحصر في نقطتين أساسيتين، اللغة الإبلاغية، واللغة الإبداعية، كما يرى منور أن الرواية الحديثة تجاوزت تعدد الخطابات وأصبحت تعبر تعبيرا شعريا مكثفا مليئا بالصور والمجازات والإيحاءات.