يحمل مقام الشهيد، المحكمة العليا، الأرشيف الوطني، قصر الثقافة والمدرسة العليا للبحرية وغيرها، توقيع الفنان القدير يلس شاوش بشير الذي سيكرم اليوم باطلاق اسمه على قاعة بالمتحف الوطني للفنون الجميلة ستحتضن بالمناسبة معرضا تحت عنوان "إرساء الذاكرة" يضم 55 تحفة ما بين لوحات، حلي وطوابع من منطقة جبل عمور. يعتبر يلس شاوش بشير أحد أهم الفنانين التشكيليين الجزائريين، اهتم منذ نعومة أظافره بالموسيقى والمسرح وفن الرسم الذي تعلمه على أيدي أوديت دي باك ولوي فرنيز، علاوة على اهتمامه بالهندسة بورشة كلارو المعروف بتصميماته لعمارات العاصمة، وعرف بمواهبه الفنية وأعماله المميزة، كما صاحب أسماء كبيرة في عالم الفن التشكيلي مثل أرماند اسو وكذا الأخوين محمد وعمر راسم، وما تزال مسيرته الفنية تشهد له الكثير خاصة وان العديد من المعالم الوطنية صممت على يديه.
إنجازات حافلة تحدى بها الاستعمار الفرنسي ولد يلس بتلمسان سنة 1921، درس بثانوية "دي سلان" (بن زرجب حاليا) من 1932 إلى 1947، ومن ثم التحق بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر تحت إشراف أندري دي باك ولويس فارنيز من 1943 إلى 1947. شارك يلس في المعرض الأول للرسم والمنمنمات الإسلامية بالجزائر سنة 1944 بصورة "قاضي تلمسان"، منمنمة "عرس في تلمسان" ولوحة "مناظر من تلمسان مسجد سيدي الحلوي". وفي سنة 1946 أنجز منمنمة "بن باديس" التي نسخت منها أكثر من خمسة آلاف نسخة هيليوغرافية، في حين بيعت النسخة الأصلية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كما ظفر يلس سنة 1947 بجائزة الشرف للفنون الجميلة وذلك بمعرض بتلمسان ومن بين أعماله المعروضة "درب سيدي بلحسن"، "صومعة المنصورة"، "الأندلسي" و"الشحاذ". انتقل يلس إلى فرنسا في الفترة الممتدة من 1947 إلى 1950حيث التحق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة وبالضبط ورشة يوجين ناربون ونيكولاس أندرستيلار، وأثناء ذلك عرض سنة 1948 بعض أعماله بقاعة العرض في نقابة المبادرين بتلمسان من بينها لوحة "من ورشة العمل" وساهم سنة 1950 مع باية وأورلاندو بلايو في رسومات العدد الثاني من جريدة الشمس لجون سيناك، ثم شارك في معرض "مجلة الشمس في قاعات الحمراء" وبيت الصناعة التقليدية بحي العربي بن مهيدي بالعاصمة. وظّف يلس في مصلحة الحرف في الجزائر (معرض الرسم للوسيان قولفين) ليرسم صورة جورج مارسي رئيس الغرفة الحرفية لتلمسان وهذا من 1950 إلى 1952، ونال في سنة 1952 جائزة الخطوط الجوية الجزائرية ومن ثم تحصل على منحة للمكوث بكاسا دي فيلازكويز باسبانيا مع أصدقائه جيوفروا دوفيرج، كورتين، بورتجوا وزافارو ليعيد اكتشاف الفن الأندلسي الاسباني ومن ثم التحق بمصلحة الحرف بأفلو وبالجزائر العاصمة. كلف يلس بتسيير مراكز جهوية مختلفة بالبلد وبالأخص في منطقة جبل عمور ومنطقة القبائل من سنة 1951 إلى1960، بالمقابل كتب مقالة في صحيفة الجزائر الناطقة بالانجليزية عدد 35 في فبراير 1954 حول مجوهرات جبل عمور، وفي سنة 1955 شارك في معرض للأعمال المرشحة للتنافس على الجائزة الكبرى للفنون في الجزائر، كما فاز بالدبلوم الوطني للفنون الجميلة بباريس وهذا خارج المنافسة ما بين سنوات 1955 و1958. ووضع الفنان ديكور المدرسة التقنية بوهران من خلال جداريتين وهما "مشاهد زراعية" و"الزواج في تلمسان" وهذا في سنة 1960، وفي نفس السنة شارك في مهرجان الشباب بهلسنكي.
معالم وطنية قدم يلس أجمل أعماله سنة 1962 في صالون الاستقلال وعرض بالمناسبة مجموعة رائعة من الزرابي، وتقلّد بعدها منصب أول مدير للمدرسة الوطنية للفنون الجميلة واستقر بهذا المنصب مدة عشرين سنة أي من 1962 إلى 1982، وفي سنة1963 أسس الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية. وقام يلس بتنظيم معرض تحت تأطير جان سيناك في الفاتح من نوفمبر 1963وبمشاركة فنانين جزائريين من بينهم محمد أسكوح، باية، محمد أسياخم، قرمازي، محمد خدة، شكري مسلي، دينيس مارتينيز، لويس نالارد وجون من مازونساي، وفي سنة 1964، عرض أثناء الصالون الوطني للإتحاد "عودة إلى الحقول"، "الأم"، "مناظر طبيعية"وشارك في أفريل من نفس السنة في معرض الرسامين الجزائريين في متحف الفنون بباريس بأعمال"حرب الجزائر"، "1963" و"تشكيلة 1964". وأنجز يلس في الفترة الممتدة من 1967 إلى 1984 نماذج من الطوابع الجزائرية أكثرها شهرة مجموعتين من أزياء (1971/1975)، والسجاد الجزائري (1968) والحرف (1981)، بينما أنجز جدارية في سفارة الجزائر بباريس سنة 1969، تليها سنة 1970التي أنجز فيها جدارية في سفارة الجزائر ببيروت وفي سنة 1972جدارية أخرى بولاية باتنة. قام سنتي 1981 و1982 بزيارات عديدة إلى كندا في إطار الدراسة لتجسيد معلم مقام الشهيد التي أنجزت تصاميمه بمدرسة الفنون الجميلة تحت إشرافه، واشتغل من 1982 إلى 1992 مستشارا بوزارة الثقافة، وأنجز سنة 1984 المرافق والزخرفة المعمارية لقصر الثقافة، وكان سنة 1992المسؤول عن وضع الجناح الجزائري في المعرض العالمي باشبيلية الاسبانية. وابتداء من سنة 1980 كلف يلس بالإشراف على العديد من المشاريع المعمارية والثقافية علاوة على معلم مقام الشهيد، من بينها صخرة الترحم بمتحف المجاهد وقصر الثقافة والمحكمة العليا والأرشيف الوطني، المدرسة العليا للبحرية، مقر البنك الجزائري لتيزي وزو، وكذا ملحقة بنك الجزائر بالعاصمة. وفي سنة 2007 أقيم على شرف الفنان المخضرم يلس شاوش بشير حفل تكريم من قبل الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية برواق محمد راسم، وهذه السنة تفتح قاعة تحمل اسم الفنان القدير بمتحف الفنون الجميلة تقديرا وعرفانا بعمله الفذ وموهبته الأخاذة.