أكد وزير الاتصال، محمد بوسليماني، أمس، أن الجزائر لا تتسرع في منح الاعتمادات لوسائل الإعلام الأجنبية بالجزائر، حفاظا على أمن واستقرار البلاد، "وحتى لا نفتح باب جهنم على نفسها"، فيما رفض نواب المجلس الشعبي الوطني، التعديل الخاص بتمكين مزدوجي الجنسية من أبناء الجالية من ملكية وسائل الإعلام بالجزائر، كونها تشكل، حسبهم، خطرا على السيادة الوطنية. صادق النواب في جلسة علنية، بالمجلس الشعبي الوطني، أمس، بالأغلبية على مشروع قانون العضوي للإعلام، بعد أن أثار التعديل رقم 39 المدرج على المادة الرابعة جدلا واسعا، دفع لجنة الاتصال والثقافة والسياحة إلى تقديم استدراك بشأنه. وبذلك تم رفض التعديل الذي تقدم به النائب عن الجالية، محمد يعقوبي والمتعلق "بفتح الاستثمار في مجال الإعلام لجميع الذين يحملون الجنسية الجزائرية سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو ضمن أشخاص معنويين". وقامت اللجنة بتقديم "استدراك" على قبول التعديل في وقت سابق، وبررت اللجنة تراجعها، بالقول إنه "بعد تعميقها للتشاور، ترى اللجنة أن اقتصار ممارسة نشاط الإعلام على المتمتعين بالجنسية الجزائرية فقط، واستبعاد الأجانب ومزدوجي الجنسية، يهدف إلى سد الأبواب أمام الجهات المعادية للجزائر التي تنتظر فرصة الاستثمار في الإعلام للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، ما يشكل خطرا على السيادة الوطنية". وذكرت اللجنة بالشروط الأخرى التي تضمنها النص، لملكية وسائل الإعلام، وهي "إلزامية حيازة الشخص الطبيعي والمساهمين والشركاء لرأس مال وطني خالص ومنع التمويل الأجنبي، والحفاظ على الثوابت الوطنية ومعالم الهوية الجزائرية ومرجعيتها الأساسية من الدين الإسلامي واللغة الوطنية وقيمنا وثقافتنا في ظل التحوّلات العميقة التي يشهدها حاليا مجتمعنا، وتداعياتها على مختلف المستويات ما يستدعي اتخاذ إجراءات احترازية قصد القضاء على المعتقدات والأفكار والثقافات الدخيلة عن المجتمع الجزائري". وأضافت في استدراكها الذي أدرجته في إطار تطبيق المادة 61 من النظام الداخلي، أنها تتمسك بالمادة 4 كما وردت في تقريرها التمهيدي، وهي "تمارس أنشطة الإعلام من طرف وسائل الإعلام التابعة للهيئات العمومية ومؤسسات القطاع العمومي، الأحزاب السياسية والجمعيات والتنظيمات النقابية في حدود ما تسمح به القوانين المنظمة لها، الشخصيات الطبيعية من جنسية جزائرية فقط والشخصيات المعنوية الخاضعة للقانون الجزائري وتمتلك رأسمالها شخصيات طبيعية تتمتع بالجنسية الجزائرية فقط أو شخصيات معنوية خاضعة للقانون الجزائري. ويتمتع مساهموها أو شركاؤها بالجنسية الجزائرية فقط". كما صوّت النواب أيضا على مضمون استدراك شفوي لتعديل تقدم به وزير الاتصال محمد بوسليماني، خلال الجلسة بموجب المادة 34 من القانون العضوي الناظم للعلاقات الوظيفية بين غرفتي البرلمان والحكومة، يتضمن إضافة على المادة 17 تتضمن "اشتراط التكوين في الصحافة في مراكز التكوين المعتمدة على حاملي الشهادات العليا الراغبين في ممارسة مهمة الإعلام". وبرر الوزير شرط التكوين، بالحاجة الملحة لتلقي القواعد الأساسية وتقنيات الإعلام والتمييز بين الأنواع الصحفية كالتقرير التحقيق المقال والتعليق. وأكد في تدخله أن التكوين الوارد في المادة 31 من المشروع، يختلف عن التكوين المقترح في المادة 17، لأن الأولى تتعلق "برسكلة المهارات والتحكم في تكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة والإلمام بكل المستجدات الخاصة في مجال الإعلام". وصوّت النواب أيضا على التعديل المدرج على المادة 22، الخاص بتحديد أجال منح الاعتماد للصحفي العامل لصالح وسيلة إعلامية أجنبية بالجزائر ب30 يوما، وهذا بعد صياغة التوافقية التي أدرجتها اللجنة على اقتراحين الأول يحصر فترة دراسة الملف في 3 أشهر حتى تقوم الأجهزة المختصة بتحقيقاتها اللازمة، والتعديل الثاني يحددها ب10 أيام. وتدخل الوزير بوسليماني، ليوضّح المخاطر الناجمة عن التسرع في منح الاعتمادات لوسائل الإعلام الأجنبية التي ترغب في النشاط في الجزائر، وهذا حتى لا تفتح الجزائر باب جهنم على نفسها، مشيرا إلى أن وزارة الاتصال لن تتقيد بأي مدة في منح الاعتماد وستستغرق الوقت الكافي لدراسة الملفات. وأضاف أن الدول الأجنبية تتعامل بكثير من الحرص في مسألة منح الاعتمادات تصل والتي تصل آجالها إلى 4 أشهر، لقبول حضور صحفيين لتظاهرات عادية، مثل تظاهرة كأس العالم مثلا. وقبل مصادقتهم على النص بأكمله، صوّت النواب على اقتراح رفع الحد الأدنى من عدد الصحفيين المحترفين في الوسيلة الإعلامية من الثلث إلى النصف. ثمّن إسهام النواب في إثراء النصّ.. بوسليماني: القانون الجديد يؤسّس لمنظومة إعلامية مسؤولة ثمّن وزير الاتصال محمد بوسليماني، أمس، تصويت النواب بالأغلبية على مشروع قانون العضوي للإعلام، مشيرا إلى أن هذا النص يساهم في بناء منظومة قانونية ويعزز حرية التعبير ويضمن حق المواطن في الحصول على المعلومة الصحيحة. وأضاف الوزير في تعقيبه على عملية التصويت، أن الهدف من التشريع الجديد هو تكريس ممارسة إعلامية وتعزيز احترافية الإعلام الوطني من خلال تدارك الاختلال والنقائص التي كانت سائدة في السابق، وبناء إعلام حر ونزيه في الجزائر الجديدة. واعتبر تمرير النص يخدم مصالح الوطن، باعتبار أن النواب والحكومة فريق واحد، يحرص جميعهم على بناء إعلام محترف ومسؤول يصب في خدمة المواطن وتزويده بالمعلومة الصحيحة والموثوقة. من جانبه ثمن رئيس اللجنة الاتصال والثقافة والسياحة أحمد مواز، المشروع العضوي للإعلام، مشيرا إلى أنه يعزز أخلاقيات المهنة ويؤسس بالفعل لمنظومة إعلامية محترفة ومسؤولة.