دخلت الاشتباكات المسلحة في السودان، أمس، أسبوعها الثاني وسط تجاهل كلي من الأطراف المتحاربة لهدنة عيد الفطر وللدعوات الدولية المطالبة بضرورة وقف المواجهات التي تعدت حصيلة ضحاياها 400 قتيل وآلاف الجرحى. رغم تراجع الانفجارات ليلة الجمعة إلى السبت، التي شكلت المشهد الطاغي طيلة الأسبوع الأول من الانزلاق الأمني العاصمة الخرطوم، فقد عاد الوضع إلى ما هو عليه في الساعات الأولى من صباح أمس مع استئناف لمعارك العنيفة بين مقاتلي الطرفين المتحاربين. وأعلن الجيش السوداني بقيادة الجنرال، عبد الفتاح البرهان، أول أمس، قبوله هدنة من ثلاثة أيام بمناسبة عيد الفطر، ولكن ما لبث أن تجاهلها الجانبان مثلها مثل هدنة أولى تم الاتفاق عليها للسماح للمدنيين من مغادرة المدينة ولكنها انهارت في أقل من 24 ساعة. وقال الجنرال، محمد حمدان داغلو، قائد قوات الدعم السريع المتحاربة مع الجيش النظامي، إنه "تباحث مع الأمين العام الاممي حول الأزمة الحالية وخاصة ما يتعلق بهدنة انسانية وتأمين الممرات وحماية الموظفين الانسانيين". وذكرت تقارير إعلامية أنه رغم اتفاق وقف إطلاق النار بمناسبة العيد، فقد سمع دوي الرصاص في الخرطوم من خلال اشتباكات متقطعة في وقت تبادل خلالها الطرفان الاتهامات بشأن خرق الهدنة. ويشهد إقليم دارفور في غرب البلاد والذي عانى من حرب أهلية مدمرة، طيلة سنوات، اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش النظامي والدعم السريع، حيث يسعى كل طرف لفرض سيطرته بقوة السلاح . ويواصل الفرقاء العسكريون السودانيون تجاهل كل اتفاقات الهدنة رغم دعوات الأمين العام الأممي، انطونيو غوتيريس، وكاتب الدولة الأمريكية، أنطوني بلينكن، بوقف إطلاق النار وخاصة ما يتعلق بهدنة انسانية لتأمين ممرات آمنة لعشرات آلاف السودانيين الفارين من ضراوة القتال. وأكد وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، أن "حصيلة القتلى تجاوزت 400 قتيل وأكثر من 3500 جريح، سجلت معظمها في مدينة الخرطوم، حيث قتل 130 شخص و1900 جريح". وأعلنت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، بمدينة جنيف السويسرية، بأن حصيلة الاشتباكات التي اندلعت في 15 أفريل الجاري بلغت 413 قتيل و3551 جريح. وتحدث المتحدث باسم منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسيف"، جامس ايلدر، عن مقتل "تسعة اطفال على الاقل في المعارك واصابة أكثر من 50 آخرين". ودق ناقوس الخطر من مأساة انسانية تلوح في افق السودان خاصة وأن "الرعاية المنقذة للحياة" التي كانت تقدم قبل الاشتباكات لحوالي 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية "الحاد" توقفت بما يهدد حياة هؤلاء. ودفعت ضراوة القتال في مختلف مناطق البلاد إلى فرار 20 ألف شخص إلى دولة تشاد المجاورة، حيث أكد فريق المفوضية العليا للأمم المتحدة المتواجد على الحدود بين البلدين، بأن غالبية النازحين هم من النساء والأطفال وهم بحاجة الى الماء والغذاء والملاجئ ومراكز العناية الصحية وحماية الأطفال إضافة إلى الرعاية النفسية والاجتماعية. وقال عزيز محمد صالح، وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة التشادية ، أن معظم الواصلين تم استقبالهم في مقاطعة "أسونغا" وهم يتوافدون بالمئات يوميا مما استدعى تم فتح ممر إنساني لهم قصد التكفل بهم. وشرعت عدة دول في إجلاء رعاياها، حيث وصل أمس الى مدينة جدة السعودية رعايا سعوديون واجانب في اطار اول عملية اجلاء يشرع في تنظيمها منذ اندلاع القتال نهاية الاسبوع الماضي. وأعلنت وسائل إعلام سعودية، عن وصول أول سفينة تقل 50 رعية سعودية ورعايا من دول أخرى إلى ميناء جدة، في نفس الوقت الذي نشرت فيه كل من الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في الدول المجاورة، في حين أعلن الاتحاد الاوروبي عن اتخاذ إجراءات مماثلة لتمكين رعاياها من مغادرة الأراضي السودانية. وأعلنت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين عن إجلاء موظفيها الدبلوماسيين ورعاياها بواسطة الطائرات العسكرية. وفي الوقت الذي أعلن فيه الجيش السوداني عن تنظيم عمليات اجلاء خلال الساعات القادمة، عبرت قوات الدعم السريع عن استعدادها لفتح المطارات في السودان لتسهيل عمليات الإجلاء.