انطلقت مؤخرا بمنطقة القبائل، عملية جني الزيتون التي يشارك فيها الرجال والنساء، حيث تعكس هذه الظاهرة تعلق سكان منطقة القبائل بثروة الزيتون المباركة، نظرا لفوائدها الصحية والمادية، فضلا عن كونها مصدر رزق العديد من العائلات· تتوزع أشجار الزيتون بولاية تيزي وزو على مساحة تقدر ب 27.657 هكتار، وتنتج أنواعا مختلفة من الزيتون تختلف كميتها باختلاف نوعية التربة، كما تختلف ألوانها بين الأسود، الوردي، الأصفر والبني الفاتح، ويطلق على الزيتون الكبير إسم "أزاراج" باللهجة المحلية، فيما يسمى الزيتون الكبير ب "أشميال"· وشهدت هذه السنة تراجعا في المحصول بسبب الحرائق التي نشبت في مختلف أرجاء الولاية خلال الصائفة الفارطة، حيث أتلفت النيران 10 آلاف شجرة زيتون، ما أدى الى ارتفاع أسعار زيت الزيتون، خاصة وأنه يعد مصدر رزق العديد من العائلات· ويقوم أهل منطقة تيزي وزو في بداية مرحلة جمع الزيتون بتجسيد عادة "التويزة"، التي لا يزال سكان القرى والمداشر بتيزي وزو يحافظون عليها، نظرا لما تمثله من معاني التضامن والأخوة والمحبة، وتعتمد هذه العادة على تعاون أفراد عائلتين في جمع الزيتون الى غاية نهاية المرحلة، التي تتميز بتحضير يومي لطبق الكسكسي، الذي يتناوله الافراد المساعدون في عملية جمع الزيتون وكذا عابري السبيل· بعد جمع الزيتون ووضعه في أكياس تقوم العائلات بنقله الى المعصرة، التي تحوله الى مادة سائلة جاهزة للاستهلاك، وذلك بعد غسله ونزع الشوائب والأوراق وطحنه، ثم يوضع الزيتون المطحون والماء الساخن في خلاط ليتسنى إثر ذلك فصل الزيت عن مخلفات الزيتون المسماة محليا ب"الزيبار"· ويعتمد سكان منطقة القبائل على زيت الزيتون في الطهي بالدرجة الأولى، حيث يدخل في إعداد كل الأطباق·ويستعمل زيت الزيتون أيضا في الحفاظ على الصحة، فمن العادات الشائعة بتيزي وزو، دلك المواليد الجدد بزيت الزيتون لمدة سنة أو سنة ونصف، وذلك تجسيدا لقوله صلى الله عليه وسلم: "كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة"، وفي هذا الصدد تقول السيدة (ج· فروجة)، أن قلة الأمراض في القديم تعود الى الاعتماد على هذه المادة في إعداد الأطباق، حيث أن فوائده الصحية لا تحصى· ويعبأ الزيت في براميل مصنوعة من الطين تسمى باللهجة المحلية "أشبيلي"، أما حاليا فتتم تعبئته داخل قارورات بلاستيكية مختلفة الأحجام·وبمجرد أن يصل الزيت إلى البيوت حتى تطلق النسوة الزغاريد، وفي بعض القرى يصاحبها إطلاق البارود تعبيرا عن الفرحة والشكر لله·· ولا تتوقف مظاهر الاحتفال عند هذا الحد، بل تمتد الى إعداد أطباق مختلفة بزيت الزيتون، كما تتبادل العائلات الأكلات فيما بينها، وفي الأخير تحضر النسوة طبق "البركوكس" الذي يرمز للأمل في أن تثمر الأشجار من جديد في موسم آخر·