انطلقت في الآونة الأخيرة عملية جني الزيتون في بعض مناطق ولاية برج بوعريريج خاصة منها الشمالية مثل "الجعافرة" و" أيث لعلام" و"زمورة"،"تسامرت"، "ثنية النصر" وبغرب الولاية كالمنصورة، لا سيما ونحن في العطلة الشتوية، أين تغتنم العائلات البرايجية إتمام عملية جني محصولها. وتعكس هذه الظاهرة تعلق سكان هذه المناطق بثروة أشجار الزيتون المباركة نظرا لفوائدها الصحية والمادية فضلا عن كونها مصدر رزق العديد من العائلات. وقبل البدء في هذه العملية تحيي العائلات البرايجية عادة" تمشراط"،هذه التظاهرة الثقافية التقليدية الشعبية الموروثة عبر الأجيال لا تزال تمارس حتى هذا اليوم، فهي تعد شكلا من أشكال التآزر والتضامن يشترك فيها سكان المنطقة. وبعد ذلك تبدأ عملية الجني التي يشارك فيها الكبار والصغار من نساء ورجال وأطفال بالتوجه نحوالحقول والمزارع بمساعدة كل أفراد العائلة وحتى مساعدة أفراد عائلات أخرى هذا عن طريق ما يسمى ب"التويزة" وهي أن تعتزم عائلة ما جني محصولها باستدعاء أفراد عائلة أخرى من أجل مساعدتها في العملية، حيث تتولى العائلة المستضيفة تحضير طبق الكسكسي لإطعام العائلة التي تساعدها كما تطعم أيضا عابري السبيل، ويحدد مقابل هذه المساعدة حسب المتفق عليه بين العائلتين، فإن كانت العائلة المدعوة لا تملك أشجار الزيتون فالمقابل يكون بإعطائها زيت الزيتون بعد عصره، وإذا كانت تملك فإنها ستقوم هي الأخرى بمساعدتها في عملية جني محصولها، هذا ما يخلق جوا من التعاون. وعن طريقة الجني فهناك من يفضل الطرق التقليدية كضرب أغصان الشجرة بعصا من الحطب ويتم جمعه ثمرة بثمرة بالأيدي، وذلك من أجل الحفاظ على سلامة الثمرات، وتعتبر هذه العملية متعبة تحتاج إلى الأيدي الكثيرة، وهناك من يفضل الطرق الحديثة عن طريق الآلات والأمشاط والمواد الكيميائية، وبعد جمع الزيتون ووضعه في الأكياس يتم نقله إلى المعصرة لتحويله إلى الزيت وذلك بعد غسله ونزع الشوائب والأوراق، وعادة سكان البرج يفضلون ترك عصره في فصل الربيع كي يجفف جيدا، فتتوزع معاصرة كثير ببرج بوعريريج ونميز بين المعصرة القديمة التي يتم فيها عصر الزيتون بالأحصنة المربوطة بما يسمى "إغراف "، ثم وضعه في قفات ثم عصره، فينتج لنا زيت الزيتون الصافي ذولون ذهبي، وزيت ذولون بني يسمى ب "أمورج، فالزيت هذا يحفظونه ما يسمى ب " أشبايلي " وهوعبارة عن قدر كبير مصنوع من الطين فيحفظ الزيت كما يحفظ في القديم، وهناك من يعبئه في دلاء وقارورات مختلفة الأحجام . وتكون الأكلة الأولى عادة التي تحضرها العائلات البرايجية لتستقبل دخول الزيت إلى البيت "البغرير" أوما يطلق عليه ب "ثيغريفين"،حيث يتم غمسها في الزيت الجدبد،كما تقوم بعض العائلات الأخرى بتبادل الأكلات التقليدية المختلفة التي تعرف بها منطقة برج بوعريريج كالمطلوع والكسكسي، أملا في أن تثمر الأشجار من جديد في موسم آخر،ليبقى جني الزيتون عملية وعادة تتوارثها الأجيال.