تمكن قادة الاتحاد الإفريقي بعد عمليات شد وجذب في كواليس قمة الاتحاد بمدينة سرت الليبية من التوصل فجر أمس إلى اتفاق بالتراضي يقضي بإنشاء سلطة جديدة مهمتها تنسيق سياسات الدفاع والعلاقات الدولية للدول الثلاث والخمسين الأعضاء. وبهذا القرار يكون قادة الدول الإفريقية قد فضلوا التوصل إلى هذا الاتفاق الوسط دون تلبية رغبة العقيد الليبي معمر القذافي ولكن دون إغضابه أيضا وهو الذي ضغط من أجل الحصول على توافق إفريقي لتشكيل حكومة الولاياتالمتحدة الإفريقية. وقد تأجلت هذه الرغبة بعد أن وافق القادة على تشكيل هذه السلطة ولكن دون محنها صلاحيات فعلية واسعة للقيام بمهامها وكأنها سلطة فعلية وربما أرادوا ان تكون خطوة أولى على طريق طويل قبل التوصل إلى تشكيل حكومة افريقية. ويرى العديد من قادة الدول الإفريقية المعارضين لفكرة العقيد الليبي معمر القذافي أن الاتحاد الإفريقي مازال في بداياته وان الوقت لم يحن بعد لتشكيل حكومة افريقية مفضلين اعتماد المرحلية المدروسة قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة انطلاقا من تجارب التكتلات الإقليمية الأخرى بينما وضع العقيد القذافي مثل هذا الأمر على رأس قائمة أولوياته منذ تأسيس الاتحاد الإفريقي. ويبدو أن القبضة التي ميزت الموقفين جعلت طرفي المقاربتين يفضلون إنشاء هذه الهيئة الإفريقية الجديدة لاستخلاف لجنة الاتحاد الإفريقي بعد أربع ساعات من المناقشات الحادة في جلسة مغلقة لم تنته إلا فجر أمس. وقال جون ماري اوهوزو وزير الخارجية البنيني الذي مثل بلاده في هذه المحادثات التي وصفها ب"الشاقة والطويلة" ان الهيئة المستحدثة ستوكل لها مهمة تنيسق السياسات الخارجية والدفاع لكل الدول الإفريقية. وأضاف أن الصيغة التوافقية أرضت كل الأطراف بما فيها رغبة العقيد الليبي معمر القذافي بعد أن قبلت الدول الأعضاء التخلي عن بعض من سيادتها لصالح هذه الهيئة الجديدة. وكان الرئيس الليبي دافع عن مقاربة أيدت منح هذه السلطة كل صلاحيات الدفاع والسيادة الخارجية للدول الإفريقية وهو الطرح الذي لاقى معارضة شديدة من عدة دول. وبنظر العديد من المتتبعين فإن هذه الخطوة تبقى شكلية من وجهة نظر عملية إذا اعتبرنا أن إنشاء هذه الهيئة التنفيذية الجديدة يجب أن تحظى بمصادقة برلمانات الدول الثلاث والخمسين الأعضاء في الاتحاد وهو ما يعني ان ميلادها الحقيقي سيعرف وقتا طويلا. وتضمنت وثيقة الاتفاق المصادق عليها تزويد الهيئة الجديدة برئيس ونائب له وأمناء عامين يخلفون المحافظين الحاليين للاتحاد الإفريقي وبمهمة تنسيق بين مواقف الدول الإفريقية خلال المفاوضات الدولية وبإمكانها أيضا التحدث باسم كل الاتحاد في المنظمات الدولية وخاصة في مجال السياسة الخارجية بعد أن يكون قد تحصل على تخويل رسمي بذلك. كما ستوكل لها مهمة تطبيق سياسة دفاعية موحدة وصياغة استراتيجيات التعبئة وتوفير مصادر التمويل الضرورية للدفاع عن القارة. وأكدت عدة مصادر تابعت أطوار القمة الإفريقية بمدينة سيرت الليبية أن هذه الهيئة عرفت ولادة قيصرية وبعد مخاض عسير تجلى بشكل واضح من خلال مواقف السلطات الليبية المؤيدة لفكرة إنشاء الحكومة الإفريقية ونيجيريا وانغولا ودول جنوب إفريقيا الأخرى التي أبدت معارضة شديدة لهذه الفكرة وهو ما جعل الأشغال تتواصل في جلسة ليلية ساخنة والى غاية فجر أمس. واختتمت قمة الاتحاد الإفريقي بعد ثلاثة أيام من الأشغال خصص جدول أعمالها لبحث مسائل الأمن الغذائي في القارة وبحث آليات وضع سياسة زراعية إفريقية موحدة تلبي حاجيات دولها وإخراج بعضها من دائرة العوز والمجاعة التي تتهدد شعوبها. ولكن ذلك لم يمنع أيضا من تناول الأوضاع غير المستقرة في عدة دول أعضاء بسبب الانقلابات المتلاحقة التي تشهدها.