عاد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أول أمس إلى أرض الوطن بعد مشاركته بسرت الليبية في الدورة ال13 العادية للاتحاد الإفريقي، حيث دعا كافة دول القارة إلى إيلاء الأولوية للتكفل الشامل بالإشكالية الفلاحية، مبرزا بالمناسبة أهمية التجارب التي خاضتها الجزائر في السنوات الأخيرة لإنعاش هذا القطاع واستجماع شروط الأمن الغذائي الدائم. وشدد السيد بوتفليقة في كلمته خلال هذه الدورة العادية التي عرفت مشاركة أكثر من ثلاثين رئيس دولة وحكومة من الاتحاد الإفريقي على ضرورة إيلاء أهمية أكبر لتنمية قطاع الفلاحة في إفريقيا من أجل ضمان الأمن الغذائي الدائم لشعوب القارة، مشيرا إلى أن خيار الثورة الخضراء أصبح يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى في إفريقيا، باعتباره السبيل الحتمي للقضاء على مسببات التخلف وتوابعه المتمثلة في الفقر والجوع وسوء التغذية، فضلا عن صلته المباشرة بكرامة الإنسان الإفريقي وبمسألتي الأمن الوطني للدول ومصير القارة ككل. وفي سياق متصل أكد رئيس الجمهورية ضرورة أن تدرج الدول الإفريقية ضمن أولويات برامجها الوطنية وكذا ضمن مساعي المجموعات الاقتصادية الجهوية، مسألة ترقية الاستثمار في القطاع الفلاحي من أجل مضاعفة إنتاجية هذا القطاع الحيوي، كما دعا في الصدد إلى بذل جهود جديدة للمضي قدما في اتجاه تخصيص 10 بالمائة من الموازنات الوطنية لدعم الاستثمار الفلاحي، مع تحسين الحوافز المقدمة للمنتجين وتعزيز مؤسسات الدعم والإسناد، مبرزا بالمناسبة أهمية التجارب التي خاضتها الجزائر خلال السنوات الماضية لإنعاش قطاع الفلاحة واستجماع شروط الأمن الغذائي الدائم، حيث أشار في البداية إلى إطلاق الجزائر لسياسة التجديد الفلاحي والريفي بهدف تحسين الأمن الغذائي، وهي السياسة التي تشمل على وجه الخصوص بعث برنامج تنموي واسع للزراعات الإستراتيجية، يتوخى تعزيز وتوسيع القدرة الإنتاجية الفلاحية، في أفق سنة 2014 من خلال إنجاز عدة عمليات تشمل بالأساس، تكثيف إنتاج الحبوب مع الوصول إلى إنتاج 50,2 مليون قنطار في السنة، تطوير إنتاج الحليب الطازج لبلوغ مردود سنوي قدره 3,2 ملايير لتر، امتصاص أرض السبات ( غير المستغلة) بما يصل إلى مليون هكتار، اقتصاد الماء من أجل إعادة التصويب لصالح الزراعات الإستراتيجية وتعميم اللجوء إلى الأنظمة القليلة الطلب للمياه وكذا تطوير البذور والفسائل الموجهة لإعادة تكوين المخزون والتصديق على الأنواع المتكيفة مع الظروف الزراعية والجوية وطبيعة التربة. كما أشار السيد بوتفليقة إلى أنه في إطار نفس السياسة يتم إيلاء عناية خاصة لتطوير الزراعة الصناعية، التي تعد عاملا من العوامل التي تجر النمو مجددا في شعب الحبوب ومشتقات الحليب وصناعة المعلبات وتطوير صناعة المدخلات الفلاحية، مذكرا من جانب آخر بالإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الدولة في صالح المزارعين بغرض تنمية قدراتهم، ومنها اللجوء إلى مسح ديونهم لتمكينهم من الإدلاء بدلوهم بفعالية أكبر في المجهود الوطني المتوخي بعث الحياة مجددا في القطاع الفلاحي، علاوة على إجراءات تشجيعية أخرى اتخذتها السلطات العمومية لتعزيز دور المرأة والشباب ضمن هذه الإستراتيجية الوطنية. وفي مجال التكفل بالمعادلة المناخية استعرض رئيس الجمهورية الجهود الكبيرة التي تبذلها الجزائر للتصدي للتصحر، ولا سيما ضمن خطة العمل الوطنية التي تم بعثها في 2003، والموجهة لتطوير الإجراءات الوقائية للأراضي وتعزيز القدرات المناخية والجوية والمائية ووسائل إطلاق إنذارات مبكرة بالجفاف، مع إرفاق الخطة بالمخطط الوطني لإعادة التشجير بصفته جانبا هاما من سياسة حماية الموارد وعاملا مساعدا على تطبيق بروتوكول "كيوتو" حول التغيرات المناخية. على صعيد آخر دعا السيد بوتفليقة شركاء إفريقيا إلى الوفاء بالوعود التي تعهدوا بها لمرافقة القارة، مقدرا بأن الأزمات المالية والاقتصادية والغذائية التي يعيشها العالم والتي تأتي لتذكر بهشاشة وضع إفريقيا، لا ينبغي أن تتخذ ذريعة لإعادة النظر في مثل هذه التعهدات، وإنما مناسبة لتقدير مدى إلزامية التخلص من العوامل والمسببات الخارجية التي ترهن مصير القارة. للتذكير فقد شارك الرئيس بوتفليقة بسرت في القمة ال21 للجنة تنفيذ مبادرة الشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا (النيباد)، حيث أكد أن خارطة الطريق التي تم رسمها أثناء قمة الجزائر في 2007 مكنت من تجاوز الصعوبات والعوائق التي كانت قد تحول إدماج النيباد في الاتحاد الإفريقي، معربا عن قناعته بأن إنشاء هيكل النيباد الجديد وإدماجه في الاتحاد سيمكنان من إرساء تكامل فعلي في مهام ونشاطات مجمل هياكل الاتحاد الإفريقي خدمة للهدف المشترك المتمثل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لإفريقيا وفي اندماجها. كما شارك رئيس الجمهورية بالمناسبة في المنتدى ال11 لرؤساء دول وحكومات الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء، حيث هنأ كل من مالي والموزمبيق واللوزوتو لالتزامهم تجاه تجسيد الأهداف المسطرة على مستوى القارة من أجل تعزيز الديمقراطية ودولة القانون وترقية التنمية عبر تحسين الحكم الراشد.