تواصل الجبهة الداخلية المغربية نضالها السلمي في مواجهة الفساد والاستبداد الذي طغى على الحياة العامة في مملكة تعيش على صفيح ساخن وسط تنامي الحركات الاحتجاجية وتوسعها لتشمل مزيدا من القطاعات والمجالات التي يكافح منتسبوها من أجل حياة كريمة بالرغم من القمع الذي يتعرضون له على يد قوات الامن الواقفة بالمرصاد. في هذا السياق، شجبت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب كل ما يتعرض له النشطاء والسياسيون والصحفيون من قمع، داعية القوى الحية للشعب المغربي لوضع حد لتغول السلطة وعنفها المتصاعد ضد كل الأصوات الممانعة والأقلام الحرة والهيئات الساعية لتقويض دعائم الفساد والاستبداد. وأبرزت جملة من الانتهاكات الحقوقية "الممنهجة" التي رصدتها في الآونة الأخيرة منها الخروقات القانونية التي شابت محاكمة بعض الحقوقيين مثل القيادي في جماعة العدل والإحسان، محمد أعراب باعسو، الذي قضت محكمة الاستئناف بمكناس بحبسه عاما واحدا بتهمة "تحرش جنسي" وفق ما أفاد به مسؤول في التنظيم السياسي الذي ندد بما وصفه ب "المحاكمة السياسية". كما رصدت الهيئة المغربية الوضع الصحي المزري للصحفي، توفيق بوعشرين، "الذي لم تكتف السلطات المخزنية بسجنه 15 سنة نافذة رغم القرار الأممي الذي أقر بتعرضه لاعتقال تعسفي، بل أمعنت في إذلاله وإهانته بإلزامه التوجه إلى المرافق الصحية مصفد اليدين وبلباس السجن". وأشارت إلى الاستدعاءات المتكررة لزوجته من طرف مصالح الامن بالرباط ومصادرة جواز سفرها قصد منعها من حضور فعاليات حقوقية داعمة لتوفيق بوعشرين بالخارج. واستدلت أيضا بالمضايقات المستمرة التي يتعرض لها الصحفي عمر الراضي داخل السجن تحت ذريعة أنه "مصنف في حالة خاصة وأنه تحت المراقبة المستمرة"، في نفس الوقت الذي سجلت فيه استمرار التضييق والتنكيل بالمؤرخ معطي منجب بعد إيقافه عن العمل بشكل رسمي كأستاذ جامعي بما جعل هذا الناشط السياسي والحقوقي "في وضع مادي متأزم". وحملت "المخزن جريمة التجويع الممنهج لمنجب"، بالإضافة إلى "المس الخطير" بحقوق السجين النقيب محمد زيان وزير حقوق الانسان السابق والإمعان في معاقبة الناشطة والمدونة سعيدة العلمي على آرائها المعارضة لنظام الحكم والاستمرار في التضييق على معتقلي حراك الريف وعلى رأسهم ناصر الزفزافي. ونبهت أيضا الى ما يتعرض له الناشط الحقوقي نور الدين العواج من مضايقات من طرف إدارة السجن قبل خروجه بأيام، ناهيك عن اعتقالات طالت محتجين ومدونين وأيضا مناضلين في حركة 20 فيفري من الجالية المقيمة في الخارج. واستنكرت الهيئة المغربية، عدم استجابة السلطات المغربية للمقرر الأممي المعني بالاعتقال التعسفي الذي أوصى بإطلاق سراح الصحفي سليمان الريسوني وتعويضه عن سنوات السجن باعتباره معتقل رأي. وبعد أن استعرضت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب كل هذه الخروقات القانونية والانتهاكات الحقوقية، دعت المخزن إلى ضرورة إيقاف "انتهاكاته الممنهجة" في مجال حقوق الإنسان وسياسته المشجعة على الإفلات من العقاب وكل أشكال الضغط التي يمارسها على المطالبين بالحقيقة والعدالة في قضايا التعذيب والشطط في استعمال السلطة. وفي مواجهة تغول المخزن، أعلنت عدة نقابات وأحزاب مغربية مشاركتها في احتجاجات الثلاثاء القادم المخلدة لانتفاضة 20 جوان 1981، التي دعت إليها الجبهة الاجتماعية المغربية تنديدا بالغلاء الفاحش وبكل مظاهر الفساد والاستبداد المستشري في البلاد. وأعلنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب مشاركتها في هذه المحطة النضالية وحثت جميع الاتحادات الكونفدرالية المحلية والإقليمية والنقابات المغربية على المشاركة بقوة في الوقفات الاحتجاجية. كما دعت هذه النقابة الى وضع برنامج نضالي خلال الأسبوع الذي يصادف انتفاضة 20 جوان 1981 بالدار البيضاء. من جهته، دعا حزب النهج الديمقراطي العمالي المغربي الى الاحتجاج في ذكرى 20 جوان تنديدا بسياسات المخزن التي أضرت كثيرا بالمملكة المغربية في ظل تدهور القدرة الشرائية وتصاعد القمع والتضييق على الحريات. وتضم الجبهة الاجتماعية المغربية عشرات النقابات والجمعيات الحقوقية والأحزاب السياسية التي تناضل ضد فساد واستبداد المخزن الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء خاصة بعد التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها. يذكر أن انتفاضة 20 جوان 1981 بمدينة الدار البيضاء المغربية، والتي تعرف "بثورة الخبز"، شكلت احدى أبرز محطات الغضب الشعبي في تاريخ المغرب المعاصر، حيث أدت إلى اشتباكات خطيرة انتهت بزج عشرات المحتجين في السجون ودفن عشرات القتلى في مقبرة جماعية وتم الكشف عن 77 جثة في ديسمبر 2005.