يشرع عشرون قطاعا وزاريا في فتح مفاوضات مع الشريك الاجتماعي بهدف تحديد قيمة العلاوات والمنح بعدما كانت محل تأجيل لعدم استكمال استصدار نصوص القوانين الأساسية للوظيف العمومي لأكثر من عشرين قطاعا آخر، وكانت البداية قبل أيام بقطاع الصحة. لقد كان من الشروط الأساسية لفتح مفاوضات بين الحكومة والمركزية النقابية فيما يخص المنح والعلاوات الانتهاء من إصدار جميع القوانين الأساسية المقدر عددها ب44 نصا، وهذا ما جعل 20 منها -صدر بعضها قبل أكثر من سنة- رهينة جمود، كون العديد من القطاعات لم تصدر قوانينها الى غاية اليوم، ويدور الحديث عن وجود انسداد في البعض منها بسبب بعد المسافة الفاصلة بين إدارة كل قطاع والفيدراليات النقابية التابعة للقطاعات المعنية وينتظر أن يتم اللجوء إلى تحكيم الجهاز التنفيذي لإذابة الجليد وتقريب وجهات النظر أو اتخاذ موقف وسط. وكان الوزير الأول السيد أحمد أويحيى لدى مروره عبر البرلمان لعرض مخطط عمل الحكومة واضحا بخصوص هذه المسألة، حيث يرى أنه لا يمكن معاقبة عمال القطاعات التي أصدرت قوانينها الأساسية لكون قطاعات أخرى لم تفصل بعد في الأمر وهناك معطيات ميدانية تشير إلى أن اعتماده لن يكون في القريب المنظور. واستنادا إلى روح نص قانون الوظيف العمومي فإن الشروع في المفاوضات لاعتماد نظام المنح والعلاوات سيكون له الأثر الإيجابي أولا على عمال القطاعات ال20 التي عرفت صدور قوانينها الأساسية، وسيساهم من جديد في رفع أجورهم وهم الذين تعالت أصواتهم في المدة الأخيرة مطالبين بالتكفل أكثر بانشغالاتهم، وهذا ما يؤدي حتما إلى وضع حد للاحتجاجات التي قادتها عدة فئات منتسبة إلى قطاع الصحة مثل الأطباء والأطباء النفسانيين وكذا أولئك المنتسبين إلى التعليم العالي والتربية، وسيقطع الطريق أمام التحرك النقابي للتنظيمات المستقلة التي جعلت من المطالبة بتطبيق نظام المنح والعلاوات الجديد تنفيذا لقانون الوظيف العمومي المحرك لمجمل قرارات شن الإضراب. وسيكون الضوء الأخضر الذي قدمه الوزير الأول للشروع في المفاوضات حول نظام العلاوات بالنسبة للقطاعات العشرين محفزا للقطاعات الأخرى كي تستكمل إجراءات الانتهاء من النصوص الخاصة بها، وسيكون ضغط المنتسبين للقطاع أقوى لإجبار المكلفين بمفاوضات إعداد القوانين الأساسية على المضي في البحث عن صيغ توافقية، تمكن العمال من الاستفادة من الزيادات المنصوص عليها. ويندرج قرار الوزير الأول أيضا في سياق "براغماتية التسيير" من منطلق أنه لا يمكن معاقبة قطاع سوى جميع التزاماته القانونية لأنه مرتبط شكليا بقطاع آخر لم يعرف نفس المصير، وهذه النظرة ستساعد أكثر في امتصاص ما من شأنه أن يخلق بعض التوترات في بعض القطاعات كما كان الحال في الأيام القليلة الماضية بالنسبة لقطاعات الصحة والتعليم العالي. وهو ما سيؤدي حتما إلى ترسيم السلم الاجتماعي عبر معالجة هذا الوضع بموضوعية وواقعية، خاصة وأن كل الإجراءات والآليات المعتمدة منذ 2006 بما في ذلك قانون الوظيف العمومي جاء كنتيجة حتمية للعقد الاجتماعي الموقع بين الحكومة والرامي إلى إيجاد حلول لجميع المشاكل عن طريق الحوار والتشاور.