يشكل المهرجان الثقافي المحلي "سبيبا"، الذي احتضنته ولاية جانت، الواقعة بأقصى جنوب شرق البلاد، مؤخرا، موعدا سنويا لإبراز ثراء وتنوع الموروث الثقافي لمنطقة طاسيلي ناجر، حسبما أكده المنظمون. يحظى هذا الحدث المتميز، الذي يصادف الاحتفال بيوم عاشوراء (العاشر من شهر محرم)، بمكانة خاصة ضمن العادات والتقاليد الراسخة لسكان المنطقة، حيث يعد مناسبة للتعريف بالتراث الثقافي اللامادي والمساهمة في تثمينه، وفي هذا الصدد، أكد محافظ المهرجان قاسم تاغابو، أن "سبيبا جزء من التراث الأصيل الذي يعبر عن الهوية الثقافية للمنطقة، إذ يجب نقله للأجيال القادمة والمحافظة عليه". تشارك عدة فرق فنية وفلكلورية من مختلف مناطق ولاية جانت، في إحياء هذه التظاهرة، من خلال تقديم عروض متنوعة على مدار ستة أيام (24-29 جويلية)، وفق برنامج مسطر من طرف محافظة المهرجان الثقافي المحلي "سبيبا"، التي دأبت على تنظيمه كل سنة، تحت رعاية وزارة الثقافة والفنون، كما أوضح المكلف بالإعلام بمحافظة المهرجان، ناصر بكار، ل"وأج". يذكر أن التحضيرات للمهرجان تبدأ مع مطلع شهر محرم، إلى غاية "اليوم الكبير''، الذي يتميز بتقديم عروض متنوعة وجولات المنافسة على الرقص واللباس وترديد أشعار "سبيبا" بين سكان قصري "زلواز" و"الميزان"، في ساحة المنافسة الواقعة بوسط مدينة جانت "دوغيا". يتم خلال هذه التظاهرة الثقافية، التي انطلقت فعالياتها بساحة الحفلات ''سوق تاج اكال''، بوسط مدينة جانت، تنظيم عدة أنشطة، من بينها معارض للصناعات التقليدية المحلية وعروض فنية وفكاهية، وورشات بيداغوجية لتلقين الأطفال كيفية ارتداء اللباس الخاص بالتظاهرة، وكذا القيام بتدريبات رقصة "سبيبا". كما يتضمن البرنامج تنظيم يوم دراسي حول التراث الثقافي اللامادي، بكل من دار الشباب ب"تين خاتمة" ومركز الصناعات التقليدية. من جهته، أشار المدير الولائي للثقافة والفنون، ميلود بالحنيش، إلى أن "الدولة لم تدخر جهدا لحماية هذا الموروث الثقافي، وأن دعمها المتواصل يتعزز سنة بعد أخرى، من خلال المنظومة القانونية التي أعدتها، بالإضافة إلى الدعم المادي والمعنوي المقدم للمهرجان". يذكر أن تظاهرة "سبيبا"، تساهم كل سنة في خلق حركية تجارية معتبرة على مستوى محلات بيع الأقمشة والحلي التقليدية، خاصة بسوق "تاج أكال" الذي يستقطب عددا معتبرا من سكان المنطقة لاقتناء الألبسة والحلي الخاصة بيوم "سبيبا". بهذه المناسبة، يحرص السياح الوافدين على المنطقة، على متابعة العروض المقدمة، واقتناء كل ما يدل على رمزية هذه التظاهرة، وهو ما تم تعيينه رفقة أحد أصحاب المحلات، عمي محمد، الذي يحث هو الآخر أولاده على مساعدته في تسيير شؤون محله، الذي يختص في بيع القماش الخاص باللباس التقليدي المحلي. الجدير بالذكر، أن تظاهرة "سبيبا" التي تم إدراجها ضمن قائمة التراث غير المادي العالمي ل"اليونسكو" في 2014، هي احتفال تقليدي سنوي يجمع بين قصرين عريقيين بالمنطقة، وهما "قصر الميزان" و"قصر زلواز"، ويجتمع سكان القصرين خلال الساعات الأولى من صبيحة يوم عاشوراء، كل في ساحته الخاصة به (ساحة داق أخداجي بقصر الميزان وساحة خيلا بقصر زولواز)، حيث يشرع المشاركون من النساء والرجال والأطفال، ممثلين لكل عائلة، في ارتداء ملابسهم المخصصة لهذه المناسبة، ويتجهون إلى ساحة "دوغيا" المتواجدة وسط مدينة جانت. يدخل المتنافسون إلى الساحة في عملية تسمى "التنفار"، وهي عملية استعراض المشاركين بالدوران مرتين أو ثلاث، ثم تعود كل فرقة إلى موضع تمركزها، بعد قيام أعيان القصرين باختيار من سيمثل كل قصر هذه السنة، حيث يقوم فريق كل قصر بالتمركز على يمين الساحة، على أن يتمركز منافسه في الجهة المقابلة له، وتقوم الفرق المشاركة بمبارزة بعضها البعض وتأدية رقصات وحركات منتظمة ومتناسقة، في تركيز تام على إيقاع الطبول والأشعار التي ترددها النسوة. وتنقسم هذه الفعاليات إلى فترة صباحية إلى غاية الظهر، والأخرى مسائية بداية من العصر إلى غاية المغرب، حيث تقوم لجنة التحكيم المكونة من كبار أعيان المنطقةو باختيار الفائزين في المنافسة.