احتفلت ساكنة ولاية جانت الواقعة بأقصى جنوب شرق البلاد اليوم الاثنين بالمهرجان الثقافي المحلي "سبيبا" الذي يصادف سنويا العاشر من شهر محرم، عيد عاشوراء. وقد انطلقت فقرات هذه التظاهرة التراثية منذ سهرة الأحد قبل أن تتواصل مشاهدها على مستوى ساحة وسط مدينة جانت بحضور السلطات المحلية ومحافظة المهرجان، حيث عرف الحفل تقديم رقصات فلكلورية تعبر عن الموروث الثقافي للمنطقة أبدعت فيها فرق من داخل وخارج ولاية جانت والتي جلبت فضول الحضور الحاضر بكثافة إلى جانب عدة سياح أجانب الذين توافدوا لمتابعة هذا الحدث الثقافي الهام. وتعتبر "سبيبا" واحدة من أهم محطات التراث اللامادي في المنطقة حيث يكتسي هذا الموروث طابعا خاصا لدى الساكنة المحليين، خاصة بعد إدراجه ضمن قائمة التراث اللامادي العالمي لليونسكو في 2014 . وينظم هذا الحدث التي دأبت ساكنة المنطقة على إحيائه بمناسبة حلول عيد عاشوراء من كل سنة حيث تنطلق التحضيرات الخاصة به مع مطلع أول يوم من شهر محرم وتتضافر الجهود المبذولة لإنجاحه باعتباره من أهم المناسبات المحلية التي ترتبط بأحداث تاريخية تعود لعصور قديمة. وفي هذا الصدد أكد محافظ مهرجان "سبيبا" قاسم تاقبو في تصريح لوأج أن مختلف المصادر تتفق على أن "سبيبا" تشكل أحد المعالم التراثية الخاصة بمدينة جانت، حيث توصف "سبيبا" من قبل أصحابها بكونها العادة والتقليد الأكثر أهمية في المنطقة وهو ذلك الحدث الذي يجمع قبائل الطاسيلي ناجر، حيث يتم إحيائها كل سنة عند حلول عاشوراء من كل سنة. وتحتفل القبائل في القصور (قصر الميزان وقصر زولواز) بهذا الحدث بواسطة طقوس يمتزج فيه بهاء الفن بالتقاليد والدين ويكتسي أهمية كبيرة ليس باعتباره رقصا فقط بل لأنه دليل ملموس لتقليد حربي صنع من أسلاف قبائل جانت أسيادا في كل من إفريقيا الشمالية وحوض البحث لأبيض المتوسط. وتجمع تلك الطقوس رجال ونساء قصري "الميزان" و"زلواز" مشكلين بذلك فسيفساء مدهشة، فالنساء يرتدين أجمل اللباس ويتحلين بأجمل الحلي ويسهرن على تناسق العرض، فيما يؤدي الرجال مشاهد من الحركات ضمن نظام متبع على عدة مراحل، الأمر الذي يجعل من "سبيبا" لحظة فريدة من نوعها وجزء من تاريخ نطقة طاسيلي ناجر. وترتبط نشأة "سبيبا" بحادث نجاة نبي الله موسى عليه السلام وانتصاره على فرعون مصر سنة 1297 قبل الميلاد، حيث تجتاح مظاهر الفرح أوساط قبائل المنطقة، وتنحر فيها الإبل، وتقام الولائم وتدق فيها طبول الفرح والسعادة، حسبما أوضح الباحث في تاريخ المنطقة يوسف أوقاسم. ==انطلاق احتفالات "سبيبا" مع أولى ساعات صباح عاشوراء== مع بداية أول يوم من السنة الهجرية الجديدة تنطلق التدريبات على المبارزة وطريقة اللباس التقليدي والرقصات والأشعار التي يتم تأديتها يوم عاشوراء وذلك في ساحتي "داق أخداجي" بقصر "الميزان" وساحة "خيلا "بقصر "زولواز تفريريت"، والتي تتواصل يوميا في كل أمسية لتستمر تلك التدريبات إلى غاية ليلة التظاهرة الكبرى بمشاركة عدة فرق ومختلف فعاليات المجتمع المدني والأطفال الصغار لترسيخ هذا الموروث في أوساطهم. ويقوم الشيوخ الكبار باختيار من يمكنهم الدخول في المسابقة الكبرى لتمثيل قصري "الميزان" و"زولواز" لتنطلق مع أولى ساعات الصباح من يوم عاشوراء تظاهرة "سبيبا" بساحة "دوغيا" حيث تقوم الفرق المشاركة بمبارزة بعضها البعض وتأدية رقصات وحركات منتظمة ومتناسقة وأداء الأشعار الخاصة بهذه المناسبة أمام الجميع بحضور ساكنة ولاية جانت والسياح المحليين والأجانب، حسبما تجمع عليه مصادر تاريخية. وتكمن قيمة هذا الحدث في الحفاظ على هذا التراث واستمراره إلى اليوم على مستوى قصري "الميزان" و"زولواز"، التي تعتبر من أعرق أحياء المدينة. وتشمل رقصة "سبيبا" أهازيج ورقصات فلكلورية وأشعار يشارك فيها الرجال والنساء يرتدون أغلى وأجمل ما عندهم من ألبسة تقليدية مخصصة لهذا الحدث الكبير وتستمر ليوم كامل وبفعاليات عديدة على غرار المبارزة بالسيوف، حسبما أوضحه أعيان المنطقة. ==حضور سياح أجانب == وكان قد سجل حضور عدد من السياح الأجانب لمشاهدة والاستمتاع بفعاليات تظاهرة "سبيبا" بولاية جانت، كما أفادت مديرية السياحة والصناعات التقليدية. وقدم السياح الأجانب خصوصا لمتابعة هذا الحدث التراثي بالإضافة إلى توافد عدد كبير من السياح الذين قدموا من مختلف ربوع الوطن، الأمر الذي يبرز الأهمية السياحية للمهرجان ودوره في تنشيط السياحة بالمنطقة خاصة منها السياحة الداخلية. وقدمت كافة التسهيلات للوكالات السياحية بالمنطقة للترويج لهذا الموروث الثقافي بالإضافة إلى تنظيم معرض للصناعات التقليدية شاركت فيه عدة جمعيات ثقافية وسياحية وحرفيين، حيث تم عرض مختلف المنتوجات التي تعبر عن تاريخ المنطقة، حسبما ذكر مدير القطاع الأمين حمادي.