الوضعية التي صارت عليها حديقة التسلية بباب الزوار، لم تعد تبعث على الارتياح، ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه السكان المجاورون وروادها الأوفياء من الجهات المعنية أن تعمل على الحفاظ على مقاييس المرفق العمومي الهام، كالأمن والطمأنينة، وفرة الضروريات، النظافة، وكذا احترام الآداب العامة، وهي المواصفات التي بدأت تأفل بهذه الحديقة، مما أعطى انطباعاً بأن الجهات المعنية -التي تعلم بكل ما يحدث بالمكان- غضّت الطرف وتركت الحبل على الغارب، مما جعل عشرات العائلات التي تزور الحديقة لا تعود لزيارتها مرة ثانية. عند زيارتنا لحديقة "جوزيف بروس تيتو" بباب الزوار شرق العاصمة، في الفترة الصباحية وجدنا عمال الحديقة منهمكين في الاعتناء بالنباتات وتنظيف المسالك والمساحات الخضراء، وعددا معتبرا من الأزواج الذين اتخذوا أماكن لهم تحت ظلال الأشجار، إلى جانب فضاءات التسلية المخصصة للأطفال التي تتوسط الحديقة، ويلاحظ الزائر النشاز الحاصل بين ما توفره الجهة المسيرة للحديقة وهي مؤسسة تنمية المساحات الخضراء لولاية الجزائر "أوديفال" وبين ما يحدث به من تصرفات، مما جعل العمال يجدون صعوبات جمة مع المنحرفين الذين ينشرون الرعب وسط رواد الحديقة، ويهددون حتى أعوان "أوديفال" الذين لا تخرج مهمتهم عن نطاق "مراقبة وحماية ممتلكات الحديقة"، وما عدا ذلك فإن تدخلهم صار يجلب لهم الضرر، حسب أحد العمال، الذي أسرّ لنا بأنه كثيراً ما يقوم بنصح بعض الأزواج بالتخلي عن التصرفات المخدشة للحياء، لكنه بتدخله هذا يتعرض للتهديد. وبرأي محدثنا، فإن السكان المجاورين هم الأكثر تضرراً من هذه السلوكات، فكثيراً ما تنشب خلافات بين السكان المحتجين الذين يضطرون الأزواج إلى تغيير المكان في الضفة البعيدة عن الأعين، ولم يخف مصدرنا المجهودات التي تقوم بها مصالح مؤسسة تنمية المساحات الخضراء لولاية الجزائر في تهيئة المكان والاعتناء بالنباتات، متأسفاً لتصرفات الأزواج المنحرفين واللصوص المترصدين، التي صارت تحجب عن المواطنين نعمة الاستجمام والترويح عن النفس، بل وتشكل نقطة سوداء، صعبت على المصالح المعنية القضاء عليها، حسب شهادات بعض المهتمين بالحديقة، مما يجعلنا نتساءل: لماذا لم تبادر المصالح المعنية إلى إيجاد تسوية للوضعية، رغم المطالب الملحة؟.
عمال "أوديفال" في وضع غير مريح وذكر لنا مصدر من مؤسسة تنمية المساحات الخضراء "أوديفال" أن مصالح الشرطة التي تبذل مجهودات كبيرة في حفظ الأمن بالمنطقة، كثيراً ما تقوم بدوريات للمكان، أو تأتي استجابة لمطالب بعض الضحايا الذين يبلغون عن الاعتداءات التي يتعرضون لها من طرف عصابات السطو، لكن حسب مصدرنا، فإن هذا لا يكفي ولا يحل المشكل نهائياً، طالما ليس هناك مكتب قار للأمن بالحديقة التي يؤمها آلاف المواطنين يومياً، وأشار مصدرنا أن مؤسسة "أوديفال" طالبت في كثير من المناسبات بتخصيص أعوان للشرطة للسهر على تأمين المكان وتسوية المشاكل في أوانها. وحسب أحد المواطنين الذي وجدناه جالساً تحت ظل شجرة، فإن العديد من العائلات صارت تخاف ولوج الحديقة التي تحولت إلى مرتع للاعتداءات ووكر لممارسة الرذيلة، قائلا: "أنا لا أقبل بأن اصطحب أبنائي وزوجتي إلى هذا المكان، رغم إلحاح الأطفال على دخول الحديقة للاستمتاع بوسائل التسلية"، إلا أن شاباً آخر وجدناه مع بعض الأطفال ذكر أنه لا يرى مانعاً من دخول الحديقة رغم كل ما يقال عنها، لكنه لم ينف وجود مشاهد مخلة بالحياء، وأنها تزداد بشكل ملفت للانتباه، جراء عدم تطبيق قوانين حفظ الآداب العامة.
مسيرو فضاءات التسلية يشتكون عزوف العائلات.. من جهتهم أكد بعض القائمين على تسيير فضاءات التسلية بالحديقة أن العائلات التي تجد في المكان ملاذاً لها من مشاق العمل والروتين، ومتنفساً للأطفال، صارت لا تزور المكان، كونها "رأت ما لا يسر الناظر"، وأن العديد من الأولياء الذين يأتون للمرفق يشدهم الإعجاب بما يتوفر على وسائل هامة للترفيه والتسلية، لكنهم يصدمون بمشاهد مخلة بالآداب العامة، وحرمة المكان، ومن جهة أخرى يتوجسون خيفة من عصابات الأشرار الذين ينتشرون بالمكان كلما مالت الشمس إلى المغيب، وأكد أحد المشرفين على تسيير وسائل اللعب أن هناك من المواطنين من أَقسَم بأن لا يعود إلى المكان، الذي اختلط فيه الحابل بالنابل. وما زاد الطين بلة، حسب مصدرنا، أن زوار الحديقة المحتجين لا يجدون من يشتكون إليهم إلا أعوان "أوديفال"، هؤلاء الأخيرين الذين يعدون ضحايا الوضع، يقومون بتوجيههم إلى الأمن الحضري بحي إسماعيل يفصح، مما يجعل حتى الضحايا يعزفون عن تقديم شكاويهم، خاصة هؤلاء الذين لا يعرفون مكان تواجد مقر الشرطة.
دوريات الأمن لا تنقطع ونقص في ثقافة التبليغ.. وأوضحت مصادر من أمن ولاية الجزائر ل "المساء" أن مصالح الشرطة تقوم يومياً بدوريات منتظمة، وتتدخل عند الضرورة، لكن المصادر تؤكد أن الشكاوى "المكتوبة" المودعة لدى مصالح الأمن الحضري لحي اسماعيل يفصح تكاد تكون منعدمة، وأن المواطنين الذين يتعرضون لاعتداءات بالحديقة لا يبلغون بها مصالح الأمن، التي يمكنها أن تتخذ إجراءات خاصة، منها تكثيف الدوريات، وتشير المصادر أن نقص ثقافة التبليغ لدى المواطنين هي السبب وراء استفحال الجرائم والاعتداءات، وأن الشرطة التي هي في خدمة المواطن، تعمل وفق قوانين ومقاييس لنصب مراكز أمن بمختلف الهيئات والمرافق، منها أخذ شكاوى المواطنين وتبليغاتهم بعين الاعتبار.