❊ موافقة ضمنية من الدوائر الرسمية في فرنسا على حملات التشويه ❊ حياد فاضح عن المعالجة الموضوعية عندما يتعلق الأمر بالجزائر ❊ حملات تشويه مدروسة زمنيا تواجهها الجزائر الجديدة بسبب استراتيجيتها تعتبر الحملة الإعلامية الأخيرة لقناة "فرانس24" على الجزائر، استمرارا للنهج الذي تصر على تبنيه بعض الدوائر الفرنسية التي مازالت تقف حجر عثرة أمام أي محاولة لتليين العلاقات الثنائية، حيث لا تتردد في استغلال أي ظرف أو طارئ لنفث سمومها على الجزائر، مثلما كان عليه الحال مع حرائق الغابات الأخيرة التي عرفتها الجزائر على غرار دول متوسطية أخرى. وليست هذه المرة الأولى التي تشن فيها وسائل الإعلام الفرنسية هجومها على الجزائر بإيعاز من أطراف تكن العداء للجزائر، بل إنها كثفت حملاتها العدائية خاصة بعد انتخاب الرئيس تبون رئيسا للبلاد، حيث ركزت القنوات الفرنسية تغطياتها على الجزائر من ضمنها قناة فرنس 24 التابعة لوزارة الخارجية الفرنسية، ما يدل على موافقة ضمنية على مضمون ما ينتجه الإعلام الفرنسي ويبثه ضد الجزائر. ولا تنطلق هذه الحملات العدائية من فراغ، حيث كان للسياق السياسي في الجزائر دور بارز خاصة بعد الحراك الشعبي السلمي في الجزائر الذي أبهر العالم بسلميته والذي أعاد الروح النوفمبرية لتكريس مطالب العدالة وبناء جمهورية جزائرية جديدة على أسس صلبة بعيدا عن التبعية للخارج. ولم يكن تناول الإعلام الفرنسي لما كان يجري في الجزائر موضوعيا في الوقت الذي عاشت فيه باريس أوقاتا عصيبة بسبب احتجاجات السترات الصفراء، التي تميزت بالعنف وأعمال الشغب عكس الحراك الشعبي الذي طبعته السلمية. فقد ظلت فرنسا متخوفة من ضياع مصالحها في الجزائر خاصة أمام التنافس الكبير مع بقية الشركاء، على غرار روسيا والصين، فضلا عن تنامي دورها الإقليمي في المنطقة، حيث لم تجد وسيلة سوى الاستعانة بوسائلها الإعلامية من أجل الترويج لأخبارها المغلوطة، ففي سنة 2020 نشرت قناتا "فرانس 5" والقناة البرلمانية الفرنسية وثائقيا يمس بالشعب الجزائري وحراكه ومؤسساته السيادية، حيث عجت استوديوهات القنوات الفرنسية بأعضاء لوبيات من كل حدب وصوب، وبقدماء مصالح المخابرات وخبراء من كافة المشارب وصحافيين ممن ليس لهم إلمام بالمواضيع المطروحة للنقاش هم الوحيد مهاجمة الجزائر. فحتى أزمة كورونا كانت بمثابة مادة دسمة لقناة "فرانس 24"، إذ بدل أن توجه الجهود الإعلامية لاحتواء الوباء في العالم، راحت تستضيف القناة خبيرا في مركز العلاقات الدولية ليبث أخبارا كاذبة مفادها أن الوفد الطبي الذي وصل إلى الجزائر للمساعدة في مواجهة كوفيد 19 موجه للعمل في المستشفى العسكري فحسب بدل توزيعها على المستشفيات المدنية. وظلت قناة "فرانس 24" وفية لهذا النهج، حيث كثفت من التخمينات والخداع والبلاغات الكاذبة، خدمة للمصالح الدبلوماسية الفرنسية، غير آبهة بالتداعيات الوخيمة على العلاقات بين البلدين، في حين تعتبر الجزائر مثل هذه التصرفات لا تمت بصلة لحرية التعبير والرأي، بل تنتهك قيم الممارسة المهنية في الإعلام بسبب مساسها بأمن المؤسسات الجزائرية والشعب الجزائري. كما أن استمرار النهج الإعلامي الفرنسي بأسلوب الدعاية المغرضة، دون أي رد فعل من السلطات الفرنسية، من شأنه أن يضر حتما بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلدين. وتؤكد هذه الحملة الإعلامية العدائية على النية المبيتة والمستدامة لبعض الأوساط الفرنسية التي لا يروق لها أن تسود السكينة العلاقات بين الجزائروفرنسا بعد سنوات من الاستقلال في كنف الاحترام المتبادل وتوازن المصالح التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال موضوعا لأي تنازلات أو ابتزاز من أي طبيعة كان. كما أنه من شأن هذه الحملات جعل العلاقات بين البلدين أكثر تعقيدا، وهو ما لا يصب في مصلحة التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري، وهو ما جعل الجزائر تستدعي في كل مرة سفراء فرنسا للاحتجاج على انحرافات وسائل الاعلام الفرنسية، التي يفترض ان تكون منابر للتواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب المختلفة، وليس منابر لتغذية الأحقاد والتوترات السياسية.