واصلت، أمس، سيول "طوفان الأقصى" لليوم الثاني على التوالي جرف المستوطنات وحتى عمق الكيان العبري الذي وجد نفسه في قلب حرب خاطفة لم يحسب لها حساب وكبدته في الساعات الأولى من اندلاعها أكثر من 600 قتيل وألفين جريح ودفعت برئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إلى المصادقة على بند الحرب مرغما لا مخيرا حتى من دون تمريره على حكومته اليمينية المتطرفة. اندلعت، أمس، مواجهات عنيفة بين المقاومين الفلسطينيين الذين تمكنوا من اقتحام والتسلل الى عديد المستوطنات المتواجدة بغلاف غزة والسيطرة على مواقع عسكرية منها مقر شرطة مستوطنة سيدروت التي حاصرتها قوات الاحتلال بالدبابات والجرافات بعدما عجزت عناصرها في القضاء على المسلحين الفلسطينيين المتحصنين بداخله. واندلعت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين في عشرات المواقع والتي يبدو أن الغلبة فيها تعود للمقاومين الفلسطينيين الذي وقفوا الند للند في وجه واحد من أعتى جيوش العالم المدجج بأحدث التكنولوجيا والأسلحة الفتاكة والمتطوّرة. وهو فاقد تماما لبوصلته، راح جيش الاحتلال الذي استدعى المئات من جنود الاحتياط يعلن عن إخلاء المستوطنات القريبة من غزة التي شهدت ولأول مرة نزوح مستوطنيها بالعشرات والمئات تاركين وراءهم ما نهبوه وسلبوه وسرقوه من أصحاب الأرض وفارين بأرواحهم وجلودهم من رصاص المقاومة. ويأتي إعلان المتحدث باسم الجيش "الذي لا يقهر" الجنرال دانيال هغاري بنشر عشرات آلاف الجنود في المناطق الجنوبية وإعطاء الضوء الاخضر لقتل كل "إرهابي" في إسرائيل، ليفضح حالة الارتباك والتشتت التي وقعت فيها قواته التي فقدت السيطرة على زمام الأمور وتسعى جاهدة لإعادة صورة الردع التي لا طالما حاولت من خلالها ارهاب وترعيب الفلسطينيين. وقد تكون المرة الأولى التي يعد فيها الكيان الصهيوني قتلاه وجرحاه وأسراه بالمئات والآلاف بنفس تقريبا بل وأضعاف تعداد الجانب الفلسطيني الذي كان دائما هو من يدفع الثمن غاليا بروح أبناءه وبناته. وتشير آخر الاحصائيات التي أعلنتها سلطات الاحتلال أمس الى مقتل أكثر من 600 إسرائيلي وجرح ألفين، 200 منهم وصفت حالتهم بالخطيرة، مقابل سقوط نحو 370 شهيد من بينهم 20 طفلا وإصابة قرابة ألفين أخرين في قطاع غزة الذي واصل جيش الاحتلال شن غاراته المجنونة على مناطق مختلفة منه بما أسفر عن سقوط مزيد من الضحايا في صفوف المدنيين العزل وتدمير المنازل. وتستهدف الغارات الإسرائيلية أيضا منازل قياديي حركة "حماس" في قطاع غزة ودمرت أثناء ذلك 10 مبان سكنية، بالإضافة إلى مقر رئاسة العمل الحكومي التابع للحركة الواقع غرب القطاع. وأقرت الحكومة الإسرائيلية، أمس، أيضا بأسر حركة المقاومة الاسلامية "حماس" لأكثر من 100 أسير من الإسرائيليين من جنود ومدنيين، كما أنها نشرت أسماء 44 شخصا من قتلاها من بينهم قادة عسكريون كبار. وهي سابقة لم تشهدها إسرائيل منذ حرب 73 بفارق أن تلك الحرب خاضها الكيان المحتل مع جيوش ثلاث دول عربية لكن اليوم يواجه فصيل فلسطيني مقاوم أبهر العالم بقدراته القتالية وشجاعة وبسالة مسلحيه ضمن ملحمة بطولية سيخلدها التاريخ وستدرسها أكبر وأجود الكليات والمدارس الحربية عبر العالم.وخرج المسؤولون الاسرائيليون المذهلون من قوة رد المقاومة الفلسطينية ليقروا بأن إسرائيل تمر بأيام عصيبة وصعبة وتواجه حربا قد تدوم طويلا وهي الأدمى التي يواجهها هذا الكيان منذ عقود من الزمن، في حين أعلنت حكومة الاحتلال حالة التأهب للحرب بعدما وصل صدى صواريخ "القسام" عمق الكيان العبري في "تل أبيب" والقدسالمحتلة. "حزب الله" يدخل على خط المواجهة المشتعلة ولأن "حماس" حظيت هذه المرة بدعم مختلف فصائل المقاومة الإسلامية وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي التي أعلنت مشاركتها في عملية "طوفان الاقصى"، فقد جاء الدعم أيضا من جهة الجبهة اللبنانية بإطلاق "حزب الله" قذائف صاروخية من جهة مزارع شبعا اللبنانية التي تحتلها إسرائيل في جنوبلبنان. وقال حزب الله في بيان له، أمس، إنه هاجم بمساعدة "عدد كبير من القذائف المدفعية والصواريخ المسيرة" ثلاثة مواقع إسرائيلية في المنطقة الحدودية، مضيفا أنه نفذ هجماته "تضامنا مع المقاومة الفلسطينية". "حماس" تدعو الفلسطينيين للنفير العام دعت حركة "حماس"، أمس، الفلسطينيين خاصة في الضفة الغربية إلى النفير والاشتباك مع الاحتلال ومستوطنيه الارهابيين خلال معركة "طوفان الأقصى". وقالت في بيان لها أمس، إنها تشد على "ايدي المقاتلين الثائرين من كتائب القسام وسرايا القدس وشهداء الأقصى وكل المقاومين لمواصلة الاشتباك واستهداف الاحتلال وميليشيات مستوطنيه في كل مكان على أرضنا المحتلة". وتتواصل الدعاوات لجماهير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية للخروج ومواجهة المحتل الصهيوني في معركة "طوفان الأقصى" التي بدأت في الساعات الأولى من صباح السبت باستهداف مواقع المحتل ومطاراته وتحصيناته العسكرية بأكثر من 5 آلاف صاروخ وقذيفة في دفعة أولى زلزلت كامل اسرائيل. وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الشيخ صالح العاروري قد دعا المقاومين في الضفة الغربية إلى خوض المعركة والاشتباك مع قوات الاحتلال ومستوطنيه. من جانبها أكدت كتائب القسام سيطرتها على مخازن سلاح وذخير قالت انها تكفيها للقتال لعدة أشهر.