أشرف الفنان الموسيقي فريد عوامر على إخراج الحفل الختامي للمهرجان الثقافي الإفريقي الثاني الذي احتضنته قاعة "الأطلس" أوّل أمس، في ختام الحفل اتّجهت "المساء" نحوه وأجرت معه هذا الحوار. - ما الذي أراد أن يقوله فريد عوامر في هذا العرض؟ * حاولنا أن نتناول أفريقيا بطريقة مختلفة، مغايرة لتلك الصورة التي رسمت لها وظلّت وسائل الإعلام تروّجها حول القارة السمراء من الفقر والعوز ...وغيرها، العرض يضم 16 لوحة سعينا إلى أن نطرح من خلالها مجموعة من الأسئلة حول التاريخ والهوية الإفريقية والذاكرة وغيرها من الأسئلة الحقيقية التي أراها ضرورية اليوم، لذلك فالعرض لا يقوم على الإبهار والبريق بقدر ما يدفع الحضور للتفكير والتساؤل، تعبنا من الإبهار كما أنّ التطوّر الذي وصلت إليه التكنولوجيا والتقنيات السمعية البصرية جعلت الإبهار في متناول الجميع يكفينا ما رأيناه في بكين ... - وعلى ماذا اعتمدتم إذا؟ * اعتمدنا على الفكرة والمضمون، أعتقد -وهذا الكلام يخصّني أنا شخصيا- أنّه على الجزائر أن تبتعد عن العروض الضخمة وتركّز أكثر على العرض التي يقول شيئا، لأنّه وبالنسبة لي العرض الذي يقوم على الإبهار ولا يقدّم أي معنى لا يهمّني البتة فهو شبيه بالكتاب الفارغ، وعلى ما أعتقد المسألة أيضا هي مسألة خبرة وسن، الآن أنا أقارب ال42 سنة ولا أريد أن أتكلّم عن نفس الأشياء التي تكلّمت عنها عندما كان عمري 25 سنة ..هذا سخيف. - لاحظنا أنّ العمل لم يعتمد على أسماء لامعة أو نجوم الصفّ الأول؟ * عندما بدأت التفكير في طريقة إخراجي للعمل ركّزت على الحدث في حدّ ذاته، بمعنى المهرجان الإفريقي، لأنّه بالنسبة لي هو الأهم، لذلك عندما أسأل عن نجم العرض أقول أنّ المهرجان الإفريقي هو النجم الأوّل والأخير هذا أوّلا، ثانيا لست بحاجة إلى نجوم أو أسماء لامعة من أجل القيام بعمل جميل وناجح، فقط علينا تقديم عرض متكامل وثري ومفيد، فأنا لم أبحث عن نجوم وإنّما عن فنانين يخدمون العرض. - وكيف اخترتم هؤلاء الفنانين؟ * بالنظر من حولي، وعن طريق إجراء كاستينق مثل السينما تماما، وفي الحقيقة عندما تكوّنت لديّ فكرة العرض كانت هناك أسماء فرضت نفسها على غرار الفنان المالي صديقي الشيخ تيديان ساك الذي استعنت بخبرته باعتباره من أهمّ الملحّنين الأفارقة حيث اشتغل إلى جانب قامات موسيقية على غرار سليف كايتا ..لقد تحدّثنا معا وتبادلنا الأفكار والرؤى وعملنا على تجسيدها معا، رغم أنّني عادة أعمل وحدي لكن هذه المرة أردت الاشتغال على الموسيقى الإفريقية فاتّجهت لمن يعرفها أكثر مني. - قلتم أنّ اللوحات تحمل رسائل، هل نستطيع أن نتعرّف أكثر عليها؟ * العرض كما قلت هو نظرة إلى ماضي إفريقيا ومستقبلها عبر مجموعة كبيرة من الرسائل التي تناولت إشكالية الهجرة والهوية والتاريخ والذاكرة، اليوم لم يعد يكفيني أن أقدّم موسيقى بل أن أحمّل تلك الموسيقى رسائل ودلالات تقول أشياء كثيرة. هناك لوحة تتناول الذاكرة وأخرى تتناول الهجرة وأخرى عن التاريخ، وفي لوحة من هذه اللوحات نكتشف أنّ أمريكا لم يتم اكتشافها من طرف كريستوف كلومب وأنّ أحد الانثروبولوجيين واسمه ايفون سرتيما اكتشف آثارا إثيوبية على حجارة بجنوب أفريقيا، وهذا ما أبحث عنه بالضبط، أبحث عن التاريخ الحقيقي وليس التاريخ الذي كتب من طرف المنتصر . - أنتجتم مقاطع موسيقية خاصة بالعرض بالإضافة لأغاني الفنانة المكرّمة مريم ماكيبا؟ * صحيح، أغلب الألحان التي تمّ أداؤها خلال العرض هي للفنانة الملتزمة مريم ماكيبا على غرار "أفريقيا"، "ملائكة" و"أنا حرّة في الجزائر"، بالإضافة إلى مقاطع موسيقية قمت بتركيبها خصيصا لأبولقرع من أجل العرض الكوريغرافي، وهي ألحان شخصية. وفي الحقيقة عند اشتغالي على هذه الألحان لم اشتغل كما تعوّدت أن افعل، لقد اشتغلت ببعد زخرفي لأنّ بولقرع يشتغل في هذا البعد أيضا، فمثلا في اللوحة ال15 هناك رقصة تجمع بين الموسيقى الكلاسيكية من القرن 21 مع ألحان إفريقية وقليل من الهيب هوب وكلّ ذلك في قالب واحد، هذا ما أردته فعلا، والشابة التي تغني لمريم ماكيبا هي مريم ماكيبا الجديدة 2009، لسنا هنا لنبكي ماضينا وإنّما لنطرح الأسئلة الحقيقية عن ذلك الماضي وأؤكد للسياسيين الذين قالوا أنّ مشكلة الإفريقي أنّه لم يدخل بشكل كاف في التاريخ، أنا أقول أنّ مشكلة الإفريقي أنّه متواجد منذ سنوات طويلة وطويلة جدا في التاريخ. - وهل تعتقدون أنّ هذا العرض كان ناجحا فعلا؟ * أقول فقط أنّ هذه التجربة، تجربة مهمة في مسيرتي الفنية، وأنّه عندما استطيع أن أجعل الجمهور يخرج بمجموعة من الأسئلة حول تاريخ أفريقيا لا عن البهرجة والإبهار التقني.. أعتبر نفسي نجحت.