يعتبر الأطفال والشباب من بين أكثر الفئات تعرضا لمخاطر المخدرات، ولأننا في فصل الصيف فإن شواطئ البحر تعد المقصد الأول لهؤلاء، ومن أجل تفادي لجوئهم إلى مثل هذه السموم، تقوم الجمعية الوطنية "أنفوكوم شباب"، بحملات تحسيسية على الشواطئ تحت شعار "الإعلام على الشواطئ، عطلة بلا خطر". يقوم من خلالها منشطو الجمعية بتوعية المصطافين للوقاية من المخدرات، وهي العملية التي تتواصل منذ 2005 برعاية من الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وبشراكة مع وزارة الشباب والرياضة. الصيف والعطلة مناسبة للكثير من الشباب للترفيه عن النفس وإطلاق العنان لكل الرغبات دون ضوابط، مما يجعل الشاب يحاول تجريب بعض الأشياء التي لم يسبق له وأن جربها، حتى يعيش أحاسيس جديدة، ولأن كل الأمور مسموح بها في نظر هذا الشاب، فإنه يكون عرضة لتجريب ذوق المخدرات، وبعض الأمور الأخرى التي قد تؤدي به إلى الإصابة بأمراض خطيرة، كالسيدا مثلا. ومن أجل تفادي كل هذه المشاكل التي قد يندم عليها الشاب بعد نهاية الأيام الجميلة لفصل الصيف، تعمل جمعية "أنفوكوم" على التقرب من الشباب والعائلات بشواطئ البحر، وتوزيع مطويات توعوية حول مخاطر المخدرات، كما يتكفل المنشطون بعملية الشرح والتحسيس في أوساط هؤلاء المصطافين. الفضول قد يؤدي إلى الإدمان تقول فريدة دريش، منشطة ومربية في جمعية أنفوكوم "شاطئ البحر تقصده كل الشرائح، الأولياء، الشباب والأطفال وهناك اختلاط كبير، والشاب يحاول تجريب بعض الأمور من باب الفضول، ويغتنم فرصة العطلة لتذوق الكثير من الأشياء، فهو ربما يذهب إلى تجريب المخدرات ليجد نفسه بمرور الوقت مدمنا، وتقع الكارثة بعد ذلك". وقد انطلقت عملية التوعية بمخاطر المخدرات منذ 2005، حسب ما أكده لنا رئيس الجمعية، السيد فرحات الذي يرى أن هذه الحملة أصبحت ضرورية، نظرا للارتفاع المتزايد لمستهلكي المخدرات سنويا، ويقول "خلال العطلة الصيفية يقصد الناس البحر للاسترخاء والاستجمام، وهنا يتعارفون مع بعضهم البعض، ويكوّنون صداقات جديدة، وتزيد عندهم روح المغامرة، خاصة المراهقين، كل هذه الظروف تشكل خطرا على الشاب، لهذا ركزنا مجهوداتنا للقيام بالعمل التحسيسي، فالعملية وقائية بالدرجة الأولى، وإذا التقينا بالمدمنين نساعدهم، بالإصغاء والمرافقة". نتائج إيجابية لحملات التوعية وقد عرفت العملية نتائج إيجابية منذ انطلاقها، ولهذا أصبحت تتكرر كل عام باستهداف مختلف الشواطئ في الجزائر، حيث مست العملية التحسيسية 36 ولاية لحد الآن، أشرفت عليها فرق موزعة عبر كل هذه الولايات، من أجل التوعية في الأوساط الشبابية. وتنطلق العملية في 26 جوان من كل سنة، لتستمر إلى غاية 31 أوت، لكن هذه السنة ستعرف الاستثناء كونها ستتوقف بحلول شهر رمضان. وتشير المربية فريدة دريش "في الحقيقة خلال السنوات الأخيرة، سجلنا تحسنا كبيرا، فالناس يتقبلون الحديث عن المخدرات، لكن أول كلمة يقولها معظمهم أنا لست معنيا، أظن أنه لا أحد منا بمنأى عن هذه الآفة وليست هناك عائلة جزائرية لم تعرف هذا المشكل سواء من بعيد أو من قريب، ونحن نحاول إيصال الرسالة حتى يتواصل العمل في البيت". وفي جولة استطلاعية مع المربين بشاطئ "بالم بيتش" غرب العاصمة، عاينا رد فعل المصطافين على هذه العملية، فالعديد من العائلات والشباب الذين وزعت عليهم هذه المطويات، أكدوا استحسانهم للعملية، ورغبتهم في أن تتوسع إلى العديد من الميادين الأخرى، لكن ما شد انتباهنا ونحن مع أعضاء الجمعية، هي الاعترافات الصريحة لبعض الشباب حول تعاطيهم للمخدرات. "كيف أقلع عن تعاطي المخدرات؟" أول سؤال يطرحه الشباب على منشطي الحملة هو" كيف نقلع عن تعاطي المخدرات؟"، في الوقت الذي أكد فيه البعض الآخر على أنهم لا يستطيعون فعل ذلك ولا يفكرون في هذا، ليكون التوجيه من طرف المنشطين، حول الطريقة التي يجب اتباعها للتخلي عن تعاطي هذه السموم. يقول (م. س) أحد الشباب الذين يتعاطون المخدرات في حديثه مع المربية دريش "أنا أتعاطى المخدرات منذ مدة طويلة، ولا يمكنني الإقلاع عن ذلك، فلدي مشاكل كثيرة، هي الوسيلة الوحيدة التي تنسيني همومي، فأنا لا أعمل ولاأملك شيئا"، هنا حاولت المنشطة أن توضح له أن تعاطي هذه السموم سيزيد من حجم الكارثة ولا يعالج الأمر، لتطرح عليه سِؤالا "من أين تأتي بالمال لشراء هذه المخدرات؟" فكانت إجابته "هم يعطونا إياها "، ولدى محاولتنا الاستفسار من يكون "هم"؟، تحاشى ذكر أي شيء ليغير الموضوع وينصرف بسرعة. ويقول السيد فرحات رئيس الجمعية "هذه العملية تعرف استحسانا من طرف المصطافين، فالكثير من الشباب عبروا لنا عن رضاهم لهذه الحملة، وعندما نلتقي بالمدمنين، فإننا نقوم بتوجيههم ونعطيهم نصائح، ولابد من توفر الإرادة عند هؤلاء لتغيير نمط الحياة اليومية". وستتواصل الحملة عبر مختلف الولايات، حيث ستصل إلى مدينة تقزيرت بتيزي وزو خلال شهر أوت لمدة 3 أيام كاملة، وهذا في إطار التحسيس والتوصل إلى استهداف أكبر قدر ممكن من الشباب عبر كامل الولايات، فالعام الماضي توصلت الجمعية إلى استهداف 350 ألف شاب بشكل مباشر، وتسعى إلى الوصول إلى أكثر من ذلك هذا العام، بغض النظر عن المستهدفين بشكل غير مباشر، مثل العائلات التي توصل الرسالة أيضا للشباب.