تخلت العديد من العائلات الجزائرية عن عادات كانت لسنوات تميز أفراحها من زفاف وختان وازدياد مولود جديد وحفلات النجاح في مختلف الشهادات، ولا شك أن من أهم ما كانت تحرص عليه هذه العائلات هو تحضير الحلويات، وهي المهمة التي لا طالما لمّت شمل العائلة لأيام وليال طويلة. ويؤكد هذا التحول الإقبال المتزايد من سنة إلى أخرى على المخبزات وصانعات الحلويات التي أصبحت تذر عليهم هذه التجارة أموالا طائلة. ولم تعد أفراح الجزائريين في السنوات الأخيرة مناسبة للقاء عائلي يدوم أياما كاملة بغية التحضير لأفراحها، تتعالى خلالها الزغاريد قبل أيام من المناسبة، معلنة اقتراب موعد الفرح وهي مجتمعة حول قصعات تحضير الكسكسي والحلويات، حيث اختفت مظاهر إحياء الفرح التقليدية التي ميزتها لسنوات، وكانت صينيات الحلويات المحضرة في البيوت إحدى هذه المظاهر التي طالما صنعت فرحة شباب الحي وحتى أطفالها الذين غالبا ما كانت توكل لهم هذه المهمة. وقد تحول تحضير الحلويات من البيوت لتنتقل إلى المخابز وصانعي الحلويات الذين زاد الطلب عليهم خاصة خلال موسم الصيف حيث تكثر الأعراس، وترجع العديد من ربات البيوت تخليها عن صناعة الحلوى في البيت ولجوئها إلى الحلويات الجاهزة إلى كون صناعة حلويات العرس في البيت تزيد من متاعبها في تحضير الفرح، خاصة وأن الكمية ستكون كبيرة وشراء الحلويات جاهزة سيجنبها عناء تحضيرها بالبيت بالإضافة إلى أن التكاليف تكاد تكون نفسها بعد أن عرفت أسعار المواد المستعملة في صناعتها ارتفاعا ملموسا خلال السنوات الأخيرة. وتبرر بعض النسوة تفضيلهن لشراء حلوى الأفراح بضيق الوقت خاصة أن درجة الحرارة تزيد من عناء التحضير للمناسبة السعيدة، إضافة إلى أن الحلويات المتوفرة لدى المخابز وصانعي الحلويات أصبحت أكثر تنوعا، إضافة إلى أنها متقنة الصنع وذات أشكال جميلة كما أن الخيارات متنوعة بين العصرية والتقليدية، وبين المصنوعة من اللوز والجوز والفستق والأخرى المصنوعة من الفول السوداني أو عجينة اللوز، والأسعار طبعا تختلف من نوع لآخر. أما صانعو الحلويات من أصحاب المخابز فيحددون سعر الحلويات حسب مواد صنعها، لتتراوح ما بين 25 دينارا إلى غاية 50 دينارا حسب صاحب محل لبيع الحلويات بشارع العربي بن مهيدي بالعاصمة، والذي أكد لنا من جهة أخرى أن الطلبات ترتفع خلال شهري جويلية وأوت رغم أن الأعراس أصبحت تقام خلال كل أيام الأسبوع، مضيفا أنه يفعل كل ما في وسعه لتلبية كل الطلبات إلا في بعض الحالات يكون مجبرا على الاعتذار ورد بعض الزبائن، وأكد محدثنا أن فصل الصيف يدفع بصانعي الحلوى إلى العمل لأوقات متأخرة من الليل ومباشرة العمل في ساعات مبكرة من الصباح، معترفا بأن هذه الوضعية التجارية مربحة للغاية، وقد أسالت هذه التجارة المربحة لعاب العديد من الفتيات وربات البيوت اللواتي يتقنّ صناعة الحلوى، حيث اتخذن منها حرفة ينافسن بها صانعي الحلويات المحترفين، خاصة وأنهن يعتمدن أسعارا تنافسية، علما أن ما ينتجنه لا يقل جودة عن حلويات المحلات المحترفة.