القطعة قد تصل الى 70 دينارا.. والفستق أو اللوز قد يتحول إلى طحين فول تحولت صناعة الحلويات التقليدية، التي كانت أنواعها تعد على أصابع اليد، إلى حلويات عصرية بمئات الأنواع تدرس في مراكز مؤهلة تسعى إلى إضفاء لمسة حداثة عليها وهو ما ذهبت إليه العديد من الكتب المهتمة بالطهي، وللزبائن حرية اختيار ما يعجبهم ويناسبهم، مما جعلها تجارة مطلوبة بكثرة ومربحة ترتب عنها ظهور منافسة كبيرة في سوق الحلويات التقليدية والعصرية بالجزائر، خاصة مع تزايد الطلب عليها في فصل الصيف والمناسبات. وللتعرف أكثر على حرفة صناعة الحلويات التقينا "نعيمة"، البالغة من العمر 42 سنة، من مدينة بوفاريك، وهي واحدة من اللواتي اخترن صناعة الحلويات دون غيرها من الحرف وبرزن فيها، حيث حدثتنا عن حبها للحلويات الذي ورثته من العائلة وأكدت أن الطلب على طهي الحلويات يزداد في فصل الصيف، لأن العائلات أصبحت تفضل خدمة "الحلواجية" لتفادي طهي الحلويات بالمنزل التي يضاعف من متاعب التحضير للحفل. الخدمات الجاهزة تقضي على 80 بالمائة من متاعب التحضير للحفلات وللتعرف أكثر على الأسباب الكانة وراء لجوء العائلات إلى هذا النوع من الخدمات الجاهزة، تحدثت إلينا "رتيبة"، المقبلة على إقامة حفلة زفاف ابنها بعد شهر رمضان، فتقول إنه بمجرد حلول فصل الصيف تكثر الأعراس والحفلات على غير عادتها في المواسم الأخرى، وتخلت الأعراس الجزائرية على الكثير من عاداتها و تقاليدها القديمة، كإقامة الأعراس على السطوح، أو الاعتماد على المداحات التي كانت تنشط الحفلة، وكذا تحضير الحلويات وأشهى الأطباق بالمنزل مع كل نساء العائلة والجيران، وآل هذا التحول الجذري إلى نقص التئام أفراد العائلات كما كانت في الماضي، فإقامة الأعراس بقاعة الحفلات اصطحبت معها "أكسسواراتها" المتمثلة في الاعتماد على الطباخة، الحلواجية والنادلات في الاهتمام بأمور التوزيع والترتيب. وأكدت "جميلة" أن تحضير الحلويات عند صانعها، والمأكولات لدى الطباخة، والنادلات يساعد في التخفيف من المتاعب المنزلية؛ فيما راحت "ليلى" توضح أنها تعيش في فرنسا وعندما جاءت هذا الصيف لتقيم حفلة "طهارة" ابنها، وكون الوقت لا يكفيها لإنجاز كل لوازم العرس، لجأت إلى دفع المال مقابل الخدمات الجاهزة. زبائن يفضلن الحلويات التقليدية وأخريات يقعن ضحايا احتيال الحلواجيات أكدت "سليمة"، حلواجية من العاصمة، أن مجال صنع الحلويات واسع جدا، خاصة فيما يخص الشكل والذوق، وهناك عائلات كثيرة لا تزال متمسكة بالحلويات التقليدية القديمة كالدزيريات، المقروط، البقلاوة وغيرها، إلا أن بعض الأنواع لا تختلف عن الحلويات القديمة، وتشير إلى أن هناك منافسة كبيرة في هذا المجال، خاصة بعدما كانت تقتصر على الخبازين فقط، واقتحمت النسوة الماكثات في البيت هذا المجال. وتقول محدثتنا إنه مع توفر مدارس تعليم الطبخ والحلويات العصرية لم تجد النسوة مجالا مربحا غير ذلك. وترى "نسيمة"، حلواجية من القصبة، أن أعالي القصبة منبع الحلويات التقليدية في الجزائر تم توارثها عن الأتراك، وإلى يومنا لا تزال سيدات كبيرات السن يصنعن الحلويات التقليدية. وهو ما أكدته الحاجة "مريم"، البالغة من العمر 70 سنة، إذ أنها لا تزال إلى يومنا تحفظ كيفية تحضير بعض الأنواع التقليدية، وتضيف "أجيد خاصة صنع "مقروط اللوز ومقروط العسل، الذي لا أزال إلى يومنا أصنعه في الأعراس العائلية وبكميات كبيرة، ولا أريد أن يساعدني أحد لأنه مهما كان عمل المساعد فلا يعجبني كعملي". فيما اتفقت بعض النسوة على أن اختيار الحلواجية المثالية صعب للغاية لكثرتهن في الميدان، فقالت "زهرة" إنه لا يمكن الثقة في حلواجية غير معروفة، فكثيرون وقعوا ضحايا تلاعبات صانعات الحلويات، كالغش في المقادير وتغيير اللوازم والاحتيال على الزبائن إلى غير ذلك. كما أكدت "راضية" أن أختها وقعت ضحية تلاعب حلواجية بالعاصمة حين اكتشفت أن الحلواجية قامت باستبدال اللوز بالفول السوداني. مدخول الحلواجية يفوق 70 مليون سنتيم شهريا بعدما أصبحت صناعة الحلويات تجارة مربحة في زمن المنافسة على الأفضل، وفي جولة على محلات بيع الحلويات اكتشفنا ثمن القطعة الواحدة الذي لا يقل عن 35 دينارا، وقد يصل في بعض الأحيان إلى 70 دينارا، والأفراح تتطلب كميات كبيرة تصل أحيانا إلى 1500 حصة من الحلويات، حسبما أشارت إليه الحلواجيات اللاتي التقتهن "النهار"، ومن بينهن "نعيمة" التي أكدت أن معظم الزبائن يطلبون من 4 إلى 7 أنواع في العلبة، وبعملية حسابية بسيطة فإن مصاريف الحلويات لوحدها تفوق 25 مليون سنتيم. وأضافت أن الكثير من الزبائن يحضرون اللوازم وما على الحلواجية إلا صنعها، مؤكدة أن ثمن الصنع يتراوح بين 20 إلى 30 دينارا للقطعة. غير أن الحلواجيات رفضن الكشف عن مدخولهن الشهري، وإن اتضح لنا من خلال الدردشة مع بعضهن، أنه يتوقف على حجم ونوع الطلب المتزايد، كصنع حلويات عرسين أو ثلاثة في الأسبوع، وعموما فإن مدخولهن لا يقل عن 70 مليون شهريا.