اندلعت، أمس، معارك ضارية بين عناصر المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الصهيونية المتوغلة في شمال قطاع غزة الغارق في مجاعة خطيرة ،تكاد تفتك بما لا يقل عن 700 ألف فلسطيني لا زالوا يصارعون ظروف المعيشة القاسية التي خلفها العدوان الصهيوني المستمر منذ تسعة أشهر على غزة والذي أودى بحياة قرابة 38 ألف شهيد غالبتهم من الأطفال والنساء العزل. نفذ جيش الاحتلال هجمات واسعة النطاق شمال غزة في أعقاب إطلاق صواريخ تجاه مستوطنات الغلاف في تطور يؤكد مواصلة المقاومة لعملياتها النوعية التي تلحق في كل مرة أضرارا بليغة في صفوف القوات الصهيونية. وتتواصل المعارك الضارية في حي الشجاعية، وفي رفح غداة بث كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" مقطعا مصوّرا بعنوان "كمائن الموت"، تضمن مشاهد من كمائن سابقة أوقعت فيها جيش الاحتلال بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي. وأظهرت المشاهد نماذج متعدّدة من الكمائن التي نفذتها القسام، ومنها كمين الشابورة المركب الذي نفذ منذ أسبوع واستهدفت فيه القسام دبابتي ميركافا وآليتين من نوع "إيتان" بقذائف "الياسين 105″ وأجهزت فيه على جنود للاحتلال من المسافة صفر في مخيم الشابورة برفح. كما تضمن المقطع لقطات رصد لجنود جيش الاحتلال خلال استدراجهم إلى كمائن مختلفة ومشاهد تفجير دبابات وناقلات جند وجرافات وكذلك قنص جنود، إضافة إلى مشاهد بقايا أسلحة وعتاد تم الاستيلاء عليها عقب تنفيذ عدد من تلك الكمائن. وفي نهاية المقطع ظهرت صورة الناطق باسم القسام أبو عبيدة وإلى جواره عبارة "لن يجد جيش الاحتلال سوى كمائن الموت في أي بقعة من أرضنا بعون الله". والمفارقة أن جيش الاحتلال الذي كان يدعي أن منطقة رفح الواقعة إلى أقصى جنوب القطاع والتي ينفذ فيها عملية برية منذ السابع ماي الماضي، هي آخر قلاع المقاومة التي سيقضي عليها، إلا أن قواته لا تزال تواجه مقاومة باسلة في الشمال جعلتها تغرق في وحل غزة. وهي حقيقة أقر بها ضمنيا قائد اللواء 12 الإسرائيلي الذي قال، أمس، إن "حماس" تدير برفح حرب عصابات مكوّنة من مجموعات مستقلة ما يجعل مهمة التعامل معها أصعب، مشيرا إلى أن تفكيك "حماس" في رفح سيستغرق عامين آخرين على الأقل. النزوح القسري يطارد سكان غزة في كل المناطق بسبب فشلها الذريع في هذه الحرب الدامية التي تخوضها بلا هوادة في غزة، تواصل قوات الاحتلال انتقامها من السكان المدنيين العزل الذي تمارس في حقهم أبشع الانتهاكات من حرمانهم من أدنى مقومات الحياة من ماء وطعام ودواء والتنكيل بهم وتهجيرهم القسري، علاوة على استهدافهم اليومي وقصفهم بالأسلحة المحظورة دوليا. وفي هذا السياق، كشف مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" عن حدوث عمليات نزوح جديدة لآلاف الأشخاص من المناطق الواقعة شرق مدينة غزة. وأفاد بأن قوات الاحتلال الصهيوني أمرت السكان الذين يعيشون في 28 مجمعا سكنيا في المناطق الواقعة شرق مدينة غزة بالإخلاء الفوري، لافتا إلى أن ما لا يقل عن 60 ألف شخص قد نزحوا من هذه المنطقة التي تمتد على مساحة سبعة كيلومترات مربعة. وذكر مكتب "أوتشا" في غزة بالعملية العسكرية الصهيونية في منطقة المواصي الواقعة إلى جنوب القطاع والتي اوقعت يوم الخميس الماضي عشرات الضحايا الذين تم نقلهم إلى مستشفى ميداني قريب. كما أسفرت عن نزوح ما لا يقل عن 5 آلاف شخص. وأكد أن القيود المفروضة على الوصول لأى منطقة وانعدام الأمن والأعمال العدائية المستمرة لا تزال تعيق بشكل كبير تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية الأساسية في جميع أنحاء غزة. ويشمل ذلك المساعدات الغذائية والضرورية والرعاية الطبية ودعم المأوى وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة لمئات الآلاف من الأشخاص المحتاجين. وأمام هذه الكارثة الانسانية غير مسبوقة، دعا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دينيس فرانسيس، لوقف العدوان في قطاع غزة، مؤكدا ان الكثير من المدنيين فقدوا أرواحهم في القطاع معظمهم من النساء والأطفال. وشدّد فرانسيس في تصريحات له على أهمية تقديم الدعم للفلسطينيين بغزة لإعادة بناء حياتهم ووقف العدوان الصهيوني وبدء العملية السياسية على أساس الدولتين. وقال إنه "كلما طال أمد العدوان زاد خطر الانتشار وبروز ديناميكيات جديدة لذلك يجب السيطرة عليها وآخر ما نخشاه هو انتشار الكارثة إلى الشرق الأوسط". ومع تعدّد مآسي سكان غزة، حذر قطاع تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية من تداعيات العدوان الصهيوني في قطاع غزة على واقع هذه الفئة التي ارتفع عددها إلى 10 آلاف حالة إعاقة نصفها من الأطفال. ولفت قطاع التأهيل في بيان، أمس، إلى استشهاد المئات من الأشخاص ذوي الإعاقة وإصابة الآلاف منهم بجروح وإصابة عشرة آلاف مواطن بإعاقات مختلفة جراء العدوان، بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة وتعرضهم لظروف النزوح الصعبة والصدمات النفسية . وأكد أن قيام الاحتلال بتدمير البنى التحتية والطرق الرئيسية والمواءمات ومقرات المنظمات العاملة في مجال التأهيل، تسبب في الحد من قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على الحركة والوصول إلى الخدمات وفرص التنقل والإخلاء بما يعرض حياتهم للخطر الشديد .