تشهد محلات بيع الشاي الصحراوي خلال هذه الأيام، إقبالا شديدا من طرف المتجولين والسياح، والتي باتت تعرض خدماتها في طابع تقليدي بلمسات عصرية، نجحت بفضله في شد اهتمام الكثيرين، لا سيما من عشاق ارتشاف الشاي. وتَحوّل الكثير منها إلى قاعات شبيهة بالمقاهي العصرية، تعرض تشكيلة مختلفة من التحليات والمكسرات. وتمنح المقبلين عليها إمكانية الجلوس في ركن جميل من المحل، والاستمتاع بنكهة الشاي الصحراوي. يبحث الكثير من المتجولين والسياح خلال العطل الصيفية، عن التنويع بين الخرجات اليومية؛ بين النزول إلى الشواطئ، والتوافد على الغابات والحدائق، ومشاركة تجارب الألعاب في متنزهات الترفيه، أو بكل بساطة الإقبال على محلات الأكل من مطاعم ومقاهٍ، ومحلات الأكل السريع، وقاعات المثلجات، إلى جانب كل ذلك، وجدت قاعات الشاي المنتشرة عبر مختلف بلديات العاصمة، هي الأخرى، زبائن أوفياء لها من عشاق الشاي الصحراوي؛ حيث أصبحت وجهة للكثيرين، إلى درجة أن البعض لا يمكنه ختم يومه دون التردد على تلك المحلات كجزء لا يتجزأ من استهلاكاته اليومية، والذي لا بد أن يُختتم بكأس من الشاي؛ لتسهيل عملية الهضم. وأصبحت تلك المحلات تنتشر هنا وهناك؛ إذ يمكن رصد أكثر من محل لبيع الشاي في مجمع سكني واحد؛ حيث يعرض أصحابها القادمون في غالبيتهم، من ولايات الجنوب، للاستثمار في هذا المجال، تشكيلة متنوعة من التحليات، والمكسرات، والشاي بأذواق مختلفة؛ كلاسيكية، بقعدة شاي صحراوي غامق اللون، وحاد المذاق. وفي جولة قادت "المساء" إلى شارع ديدوش مراد بالعاصمة، وقفت على عدد معتبر من المحلات التي اصطفت على طول الأزقة المتفرعة عن الشارع. هي محلات صغيرة، وأخرى أكبر مساحة، بعضها حافظ على الطابع التقليدي، ونقل الخيمة الصحراوية إلى عين المكان، في حين فضّل أصحاب محلات أخرى، الطابع العصري، بل حوّلوا محلاتهم إلى قاعات شاي شبيهة بالمطاعم والمقاهي العصرية، فكسرت بذلك واحدة من نمطية القواعد المجتمعية في إقبال "الرجل" ، فقط، على تلك الأماكن، بل صنعت فيها النساء والعائلات حضورا مميزا. محطة "المساء" الأولى كانت لمحل منحه صاحبه محمد، تسمية "شاي تيميمون"، والذي جمع فيه ديكورين؛ تقليدي من خيمة بألوان ترابية، غلّف بها تقريبا جميع جدران المحل. وديكور عصري آخر، شكّل، فقط، لمسات عصرية، أعطت المكان جمالا فريدا ومميزا؛ زرابيّ مزخرفة زيّنت أرضية قاعته، وطاولات خشبية تلتفّ حولها مقاعد جلدية، وأخرى مخملية بألوان توحي برمال الصحراء الذهبية. وتعبّق رائحة الشاي المكان، وتشمها حين تطأ قدمك مدخل المحل، وكذا رائحة النعناع الطازج الممزوجة بعبق الليمون والعسل، للراغبين في إضافات شهية لكسر حدة الشاي. وأوضح صاحب المحل أن قاعة الشاي كانت فكرة تحويلها من محل إلى "صالون" بعد الإقبال المتزايد للنساء العاملات بمحيط محله، اللواتي طلبن منه في كل مرة، إن كان له محل خاص للجلوس وشرب الشاي. فبعد أن كان دائما يقدّم الكؤوس الورقية والبلاستكية لأخذها واستهلاكها في مكان آخر، حاول تحويل المحل وتوسيعه لتخصيص ركن منه للجلوس، وبذلك نجح في توفير مكان للعائلات أو النساء رفقة صديقاتهن، أو شباب وغيرهم؛ قال موضحا: " اليوم، الكثير من المستثمرين في هذا المجال يحاولون توفير ذلك لزبائنهم؛ من خلال الاستثمار في قعدات "تقليدية عصرية" ، تزيد من جمال المكان ". وبقاعة الشاي لصاحبها لخضر من ولاية تمنراست، أكد أن استثماره في المجال جاء بعد ملاحظته الإقبال الكبير من العاصميين على الشاي الصحراوي، موضحا أن مشروعه بدأ بفتح محل صغير جدا ببلدية باب الزوار، لم يكن يعرض فيه إلا الشاي وبعض المكسرات لا غير، إلا أن الإقبال الواسع عليه جعله يفكر في توسيع مشروعه؛ ما جعله يفتح محلا ثانيا بقلب العاصمة، حينها زاد من عروضه، ونوع لائحة ما يقدمه؛ من شاي بأنواع مختلفة، وعصائر فواكه بوصفات "منزلية"، ومكسرات متعددة، وتحليات لا تُعد ولا تُحصى من معسلات، وغير ذلك، موضحا أن الإقبال على محله يزداد بشكل كبير خلال فصل الصيف؛ ما يجعله يضاعف عمله خلال هذا الموسم، ويؤجل موعد إغلاق محله إلى ساعات متأخرة جدا من الليل. وقال: " كثير من العائلات والشباب والنساء أصبحت لديهم ثقافة استهلاك الشاي" ؛ وهذا ما يجعل عمله يزدهر بين العاصميّين.