تعهد رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، ميشال بارنييه، أمس، بالعمل مع كل من لديهم نوايا حسنة من أجل تحقيق المزيد من الاحترام والوحدة وإيجاد حلول لتحديات وغضب ومعاناة الفرنسيين في بلد منقسم سياسيا بعد أشهر من الاضطراب السياسي. وكلف الرئيس الفرنسي، امانويل ماكرون، أول أمس، مفاوض الاتحاد الأوروبي السابق في ملف "بريكسيت" ، ميشال بارنييه، لتشكيل "حكومة موحدة في خدمة الوطن". وذكرت الرئاسة الفرنسية، في بيان لها، أن هذا التعيين يأتي بعد مشاورات أكد خلالها الرئيس ماكرون وفقا لواجبه الدستوري أن "رئيس الوزراء والحكومة المقبلة سيوفران الظروف اللازمة للاستقرار قدر الإمكان ويمنحان الفرصة للجمع بين معظم الأطراف". وتسلم بارنييه صاحب ال73 عاما مساء، أول أمس، مهامه من سلفه، غابرييل عطال، الذي يصغره بنصف عمره تقريبا والذي استمرت ولايته ثمانية أشهر فقط، وشرع منذ صباح أمس في مشاوراته، حيث استقبل اولا سلفه ثم زعماء حزبه الجمهوريين لبحث شروط المشاركة في فريقه الحكومي المستقبلي. كما تم الاتصال بشخصيات يسارية معينة وتلا ذلك تبادلات أخرى، بما في ذلك مع الحزب اليساري الراديكالي "فرنسا إنسوميز" وحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف باعتبار أن بارنييه "يريد جمع الجميع واحترامهم". وقال في أول خطاب له في المنصب وهو يقف في ساحة قصر "ماتينيون" مقر رئيس الوزراء بجوار سلفه عطال "الفرنسيون.. أعربوا عن حاجتهم.. إلى الاحترام والوحدة والتراضي"، وأضاف أنه "ينبغي قدر المستطاع رفع التحديات والاستجابة للغضب والمعاناة والشعور بالإهمال والظلم"، مشيرا إلى انه من بين أولوياته التعليم المدرسي والأمن والهجرة والعمل والقدرة الشرائية، ووعد كذلك "بقول الحقيقة" حول "الدين المالي والبيئي" لفرنسا. ورغم أن بارنييه معروف بحنكته السياسية، الا أن المهمة الموكلة له ليست بالسهلة وقد تبدو شبه مستحيلة بالنظر الى نتائج الانتخابات التشريعية المسبقة التي أفرزت ائتلافا يساريا في مقدمة القوى السياسية في فرنسا لكن دون حصوله على غالبية صريحة في البرلمان. وينبغي على رئيس الوزراء الجديد الذي يعترض على تعيينه معسكر اليسار، أن يظهر كل خصاله الدبلوماسية ليتمكن من تشكيل حكومة قادرة على الإفلات من مذكرات حجب الثقة في البرلمان وإنهاء أخطر أزمة سياسية في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة. ولأنه يدرك صعوبة المهمة الموكلة له، فقد ركز رئيس الوزراء الفرنسي الجديد على مبدأين في خطاب التنصيب يتطلب الاول، بحسبه، الكثير من الاستماع والثاني يتعلق باحترام جميع القوى السياسية الممثلة في البرلمان. فمن وجهة نظر بارنييه فان 'الطائفية دليل ضعف"، حيث قال انه "عندما تكون طائفيا فذلك لأنك غير متأكد من أفكارك". وسبق لرئيس الوزراء الجديد تولي نفس المنصب للمرة الأولى في عام 1993، كما تقلد ثلاثة حقائب وزارية في عهد الرئيسين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، كما شغل بارنييه منصب مفوض أوروبي مرتين وكان وسيطا في مفاوضات "بريكست" ما بين 2016 و2021، ليترشح بعدها في الانتخابات الداخلية لعام في حزب" الجمهوريون" من أجل خوض الانتخابات الرئاسية في 2022 دون أن يتمكن من نيل ترشيح الحزب.