❊ هذه سبل تخطي الأبناء عتبة السنة الأولى بأمان ❊ مختص تربوي: المرافقة وتعزيز الثقة بالطفل خطوة نحو النجاح ❊ أخصائية اجتماعية: تعليم الأبناء قيمة الوقت ضرورة ❊ أخصائية نفسانية: اغرسوا في أولادكم حب الذات والثقة بالنفس والمرونة يعد الالتحاق بالمدرسة لأول مرة، من أعظم الأحداث في تاريخ الطفل والوالدين، لما له من أثر سيلاحق الطفل مدى حياته، فهذا اليوم يختصر قصة شغف وشوق كبيرين لأيام الدراسة ومقاعدها، التي انتظرها الطفل طويلا، وهو يشاهد اخوته الأكبر منه سنا يحملون الحقائب المدرسية على ظهورهم، وقد وضعوا أيضا الكتب والكراريس على الطاولات للمراجعة في المساء..، كل هذه التفاصيل الصغيرة والكبيرة تعد حدثا كبيرا وهاما بالنسبة للطفل، وحتى للأباء، الذين يستعدون بدورهم لوضع صغيرهم بالمدرسة، فقد حان وقت الاعتماد على الذات والانفصال عنهما، لتكوين شخصيته التربوية والاجتماعية وتعلم آليات الدفاع عن النفس والأدوات، والحصول على مهارات التعليم. تحدثت "المساء" إلى عدد من المختصين في هذا الملف، ونقلت ما يجب أن يقوم به الآباء، وما هو ملقى على كاهل الأساتذة، ليكون الطفل مرتاحا في القسم، متفاعلا ومستعدا لمواصلة عامه الدراسي بكل جد وكد ونشاط. أوصى الخبير التربوي الأستاذ أحمد جعدي، في هذا الشأن، الأساتذة والمعلمين بالحفاظ على هذه العلاقة الثمينة مع التلميذ، لأن اللقاء سيتجدد بعد 20 سنة، مع الكثرين ممن جلسوا في تلك الصفوف الصغيرة لطلب العلم. كما أشارت حياة بركوكي، المختصة الاجتماعية والتربوية، إلى ضرورة تعزيز قيمة الوقت لدى الطالب، ليصبح فطنا وذكيا وغير مسرف لوقته ويومه، ويصنع به إنجازا ممزيا، بعيدا عن التكاسل والنوم الثقيل. ناقش الخبير أحمد جعدي، كيف جعل الابن يتخطى أول سنة دراسية بأمان، إلى جانب الأخصائية النفسانية منى عبد اللاوي، ضمن ندوة تربوية نظمتها جمعية "آلاء" للتنمية الأسرية، تحت قيادة الدكتورة لطيفة لعرجوم، التي أكدت في تصريح ل3المساء"، أن الجمعية تسعى من خلال المحاور التي تناقشها في كل مرة، إلى مساعدة الأسر على التخلص من المشاكل التي تؤرقها، إذ تجد متاعب مع الأبناء الجدد في أول يوم دراسي، وقد يعزفون عن التوجه إلى الدراسة، لأسباب مختلفة، موضحة أن كل أفراد العائلة معنيون بعملية الدخول المدرسي للطفل، والأم على وجه الخصوص، نظرا لقربها الشديد من وليدها وأكثر فهما له، لذا لابد، حسب المتحدثة، أن تكون هناك دراية بالفعل نفسه، من أجل الاستعداد النفسي وإعداد المناخ السليم لتعدي العقبات. قال الخبير أحمد جعدي، في حديثه، "إن الطفل الذي سيدخل المدرسة أول مرة، شبيه بالمسافر الذي يحمل حقائبه، لزيارة بلد معين، وهنا يستوجب تهيئة الأطفال للحياة الدراسية، فالأبناء قبل المدرسة مروا بمراحل عديدة، على غرار الطفولة المبكرة، ونموهم بشكل متسارع وهم كثيرو الحركة والنمو الانفعالي، الصراخ، البكاء والغضب، ولابد أن يدرك الولي هذا جيدا، فهم الآن على استعداد للذهاب إلى محطة تبقى راسخة في أذهانهم مدى الحياة، وعليه لابد أن لا يفسد الآباء الحدث الأكبر في حياتهم، بإلقاء همومهم أمامهم أو الشكوى أو التذمر لأبسط الأمور عند التسجيل أو الدخول، إذ يستوجب الأمر الصبر والفهم، ولابد من توفير مرحلة من الهدوء والتخطيط". خروج الطفل من البيت ودخوله لعالم أكاديمي منضبط يشرح المختص في هذا السياق: "هناك من الأطفال من يترجم خوفه في أول يوم من التحاقه بالمدرسة، إما بالخجل أو البكاء والصراخ، لأن انفصاله عن والديه ودخوله لعالم أكاديمي منضبط، وهنا لابد على الأولياء والفاعلين في الحقل التربوي أن يتعاونوا معا لتسيير هذه المرحلة، وأن تسير الأمور بليونة وسلاسة وصبر، لتفادي إلقاء الضغط على الطاقم التربوي الذي لديه أطفال آخرين لتسيير حالاتهم". أكد الخبير التربوي، على ضرورة تنسيق الجهود بين الآباء والطاقم التربوي، لإعطاء مساحة من الأمان للطفل، "فإذا لم يحس الطفل بالآمان، فإنه لا يبدع، وإذا شعر بالرهاب الجسدي، فإنه لن يجيب ولن يتفاعل مع المعلم في القسم، لأنه يخاف من الإجابة، ومن أفضل سبل التعامل من قبل المعلم، أن يمسح على رأس الطفل إذا أخطأ وأن يطلب منه الإجابة الصحيحة مرة أخرى، في مشاركة لاحقة"، يوضح المختص. وذكر الخبير جعدي، أن مرافقة الأبوين للأبناء في متابعة الدروس ومراجعتها، ضرورية، كونها تعطي الطفل مستوى أعلى، لأنه يأخذ الأمور بالتدرج، ويحتاج إلى مساعدة الأولياء، لاسيما بالنسبة للأطفال الذين لم يحصلوا على التعلم في الأقسام التحضيرية، فالطفل يجد صعوبة في استعمال يده للكتابة ورسم الخطوط، لأن عضلة النمو في الأصبع لم تكتمل بعد، لهذا يشجع المعلم الطفل على رسم الخط الطويل والمستقيم والدائرة، حتى يحرك يده ويتعرف على الكراس، وهذا يحتاج إلى مرافقة الأب والأم في البيت، وقال أيضا: "المعلم يتعب كثيرا مع السنة الأولى، فهو عالم غريب للطفل، لذا يستوجب عليه الأمر مرافقته وإمساك يده وتعليمه كيف يرفع القلم، مع تتبع النقاط، وغيرها من الأمور لكتابة الحرف الأول، وهنا أنصح المعلمين بتعليم الطفل وهو يلعب، مثل كتابة الحروف بالرمل". وأضاف قائلا: "الطفل حركي ويميل للكلام، لهذا لابد أن يستغله المعلم في التعبير الشفهي، وإعطاء الطفل الاختيارات المتعددة، لاسيما الطفل العنيد، فإذا صرخنا معه، لا يكتب، لكن عند إعطائه القيمة والمراقة، من خلال قولنا؛ مارأيك في هذا؟ فإن الطفل ينفعل، ويقدم ما في وسعه". أشار الخبير إلى ضرورة تعليم الطفل بالتدرج، لاسيما في الرياضيات، حتى يتسنى له فهم الاحتفاظ، لأن فيه تحول من السهل إلى الصعب، حتى مستوى السنة الخامسة، مؤكدا أنه لابد من النظر وتخطيط الأهداف البعيدة، من قبل المعلم، أي ماذا نريد من البناء لنهاية السنة، بتمكين الأطفال من تكوين جملة ومعرفة معانيها، موضحا أن هذا يكفي بالنسبة للسنة الأولى. وفي الختام، نصح الخبير الأساتذة، بأن يعاملوا التلاميذ على أنهم سيلتقونهم بعد 20 سنة، قائلا: "أبناءنا أكبادنا جواهر، لذا على الأولياء زرع الأمان في قلوبهم والتنسيق والتكامل بينهم وبين الأساتذة، والبحث عن الأمور التي تنقصهم من أجل الوصول بهم إلى نتائج محمودة، من خلال الاجتماع بالمعلم كل 15 يوما أو خلال الشهر". المختصة في علم الاجتماع العائلي حياة بركوكي: وجود الطفل داخل المدرسة فرصة لخلق فضاء أسري جديد أكدت حياة بركوكي، أخصائية في علم الاجتماع العائلي والطفولة، وباحثة في بناء الشخصية وتعديل السلوك، واستشارية أسرية، أنه على الوالدين استدراك نقاط الضعف الدراسي وتطويرها لدى الأبناء، مع تعزيز نقاط التمكن، وخاصة الدخول بأفكار جديدة بناءة ونفسية مقبلة على تحقيق أحسن العلامات، مرفقة بسلوك وأخلاق عالية، فالأخلاق أساس كل علم. أوضحت المختصة بركوكي، أن الأمر المهم، أن يعطي الطالب أهمية للدراسة، كونها مفتاح النجاح، وأن يجتهد في نهل العلم والتعلم واكتساب المهارات العلمية التي تساعده لاحقا على بناء مستقبله، حتى لا ينتقل من عام إلى عام وهو فارغ الرأس، فالاجتهاد والعمل المتواصل على حل الواجبات والبحث والمطالعة من أساسيات التفوق. قدمت المختصة مفتاحا أساسيا للنجاح الدراسي، وهو أن ينظر الطالب إلى الأمام والمستقبل، والتطلع لنتائج أفضل ومرضية، بدل المكوث في عام مضى والتفكير فيما لا ينفعه، بل يهلك صحته النفسية والجسدية ويضعف رصيده الجدي، لذلك يجب أن يكون واعيا متحفزا مستعدا لخوض تجربة فريدة وممتعة، لأن "الدراسة متعة في حقيقتها، عندما يعطيها الطالب اهتماما والتزاما". أكدت بركوكي، أن وجود الطالب داخل المدرسة، يمنحه فرصة كبيرة لخلق فضاء أسري مع زملائه وأساتذته والإداريين، فليجعل وجوده مبنيا على أساس الاحترام، حتى يستفيد أكبر قدر من تواجده في المدرسة، ويصنع صحبة متخلقة وطيبة، فالصحبة الصالحة مفتاح للتحصيل العلمي، وهي دافع للاستمرار والتحفيز على الخصال الحميدة والبحث عن الأفضل لحياته المستقبلية من أفكار وسلوكيات. وأشارت إلى أنه من الافضل أن يضع الطالب برنامجا خاصا به للدراسة والمراجعة، وتحسين ضعفه في المواد الأساسية أو الفرعية، ويسعى كل يوم إلى الاطلاع على دروسه وإيجاد الحلول دون كسل أو ملل أو تسويف، لأن الطريقة الوحيدة كي يكون جاهزا ليوم الامتحان، هي أن يعمل بجد يوميا في تخزين معلومات صحيحة وتنمية مهاراته العلمية والمراجعة المستمرة، بهذه الطريقة يمكنه استدراك نفسه مسبقا قبل فوات الأوان. وفيما يخص الأجواء المحيطة قالت: "نحن الآن أمام عالم متطور من التكنولوجيا، ويحبذ على الآباء تعليم أبنائهم استعمال الأنترنت لصالحهم، خاصة من جانب الدراسة، فاليوم تعرض الدروس والتمرينات والتصحيحات على الشاشات بالصوت والصورة، وهذا دعم إلكتروني خاص لمساعدة الطالب، فقط عليه أن يستثمر وجوده أمام الهاتف أو جهاز الكمبيوتر في منفعته الدراسية، ويكون واعيا بأن الدراسة أهم من الألعاب الالكترونية وغيرها". نبهت المختصة بركوكي، إلى ضرورة تعزيز قيمة الوقت لدى الطالب، وهذه أهم قيمة يتعلمها ليصبح فطنا وذكيا وغير مسرف لوقته ويومه، ويصنع به إنجازا ويصبح أكثر يقظة ونشاطا، بعيدا عن التكاسل والنوم الثقيل. إلى جانب الوعي الصحي والنفسي، الذي وصفته بالضروري، ويجب أن يتبناه الآباء والطلبة، مع معرفة الطرق الصحيحة للدراسة دون سهر غير مفيد، فللحفظ والمراجعة أوقات تخصص بوعي، لأن العقل يستجيب ويخزن "فاحذر من إشغال العقل بدون وعي، وللحشو فقط"، ثم يتعب ولا تكون هناك نتيجة. النجاح في البكالوريا مرتبط بأول يوم دراسي ولأن النجاح في الامتحانات المصيرية، يكون نتاج القرار الذي ينطلق منه في بداية السنة، اختارت مخاطبة المقبلين على شهادة المتوسط والبكالوريا قائلة: "كل التوجيهات سابقة الذكر، إذا التزم بها طالب البكالوريا، فإنه سيضع قدمه على منصة الانطلاق نحو تحقيق شهادة البكالوريا، الإضافة القيمة له هي أن يعي أن مجموعة الإرشادات والنصائح والسبل التي تفيده، يجب أن يعرفها مع أول يوم من بداية عامه الدراسي، وليس في نهاية العام الدراسي أو نصفه، وإذا شعر بالإحباط أو نه مشوش أو خائف، عليه أن يستشير أخصائيا متمكنا يوجهه ويدله على اكتساب الاستقرار النفسي، لأن العامل النفسي مهم جدا من أول يوم". أضافت: "لابد أن يركز الطالب على كيفية اكتساب مهارات المراجعة، وتخزين المعلومات والبحث عن أجود المعلمين المساعدين، دون أن يهمل معلميه في القسم ويستفيد مما يقدمونه ويركز معهم، ويتحلى بالمشاركة والاستفسار والفهم الجيد، ولا يهمل دروسه بالتفصيل، لأن التنظيم يساعده على التركيز". وفي الختام قالت: "يبدأ الطلب من أول درس، بالبحث عن مواضيع سابقة، ويحاول حلها حتى ولو استعصت عليه، فالصعب في بداية المراجعة المبكرة يتيح للطالب التعرف على ضعفه، ليتعلم، وهو يملك الوقت اللازم لاكتساب المعرفة، وفي النهاية، طلب العلم عبادة والدراسة رحلة استمتاع وليس امتناع، ومن هذا الباب، لابد من تغيير الذهنيات حول فوائد العلم، والإنسان بعلمه هو إضافة في كل مكان، يمحو كل جهل ويمنح مكانه نورا ومعرفة... فالدراسة وصية وقد قال تعالى: "اقرأ". زرع الثقة في الطفل ضرورة أشارت المختصة النفسية، منى عبد اللاوي، إلى أن زرع الثقة في نفس الطفل ودعمه من قبل الأولياء ضرورة، فالمدرسة ليست فقط عالما للدراسة، إنما 80 بالمائة تفاعل اجتماعي، تقول: "فالطفل يدرس مع الزملاء، ولابد أن يحسن من الدفاع عن نفسه وممتلكاته وأن يتفاعل مع الأستاذ، يستوجب الأمر أن تكون لديه المرونة والجرأة للصعود إلى الصبورة والمواظبة، أو الثقة بالنفس للتجاوب والمشاركة، ومنه الحصول على النقطة". تضيف: "الأمهات لابد أن يهيئن أبناءهن للحصول على الثقة بالنفس، لابد أن تهيئ الأم صغيرها بغرس الثقة في نفسه في سن صغير، وأن تسلحه وتجهزه لحماية نفسه ضد المتنمرين، وأن يدرس ليحصل على أهدافه وينجح". تقول المختصة النفسانية: "أرى أن الثقة في النفس أساسية لدى الطفل، لأنها تنزع الخجل وتسد الثغرات التي تقلل من التحصيل الدراسي للطفل". وفي الختام، خاطبت الأولياء قائلة: "اغرسوا في أطفالكم حب الذات وتقديرها والثقة بها، وأن يكونوا مستقلين ومرنين، لأن هذه الأخيرة تساعد الطفل على تجاوز العقبات.. علموهم الدفاع عن أنفسهم".