أكدت حياة بركوكي مرشدة أسرية ومستشارة تدريب احترافي في التنمية الذكائية والتواصلية مع الطفل، وباحثة في بناء الشخصية وتعديل السلوك، وأخصائية اجتماعية في علم الاجتماع العائلي والطفولة في تصريح ل " المساء" ، أن بعض الآباء تفاجأوا من معدلات الأبناء التي لم تكن في مستوى الجهد المبذول من قبلهم، كآباء أرسلوا أبناءهم للاستفادة من دروس الدعم، أو حتى حيال جهود أبنائهم في حل التمارين التي كانوا عاكفين عليها، موضحة أنّ هناك أمورا هامة لا بد لأولياء الأمور الانتباه إليها، وهي الحضور الذهني للتلميذ في المدرسة، وحله الدروس بالاعتماد على نفسه بدل تحميلها جاهزة من الأنترنت، مع التطرق لأمور أخرى. تقول المختصة بركوكي في بداية حديثها: " لا بد من لفت انتباه الآباء إلى نقاط مهمة، وتوعيتهم بأن التلميذ اليوم مشبّع بالدروس من كل الاتجاهات، وللأسف بدون أن يثمر ذلك نتائج مرغوبة، مما يستوجب إعادة النظر في كيفية إشغال عقول الأبناء بالدراسة لا بأماكن الدراسة؛ إذ يصبح الجسم حاضرا والعقل غائبا يسبح في الفراغ الذي يجعله لا يخزن المعلومات، ولا يركز في ما يستمع إليه رغم الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الأستاذ، وبالتالي ليس لديه ما يسترجعه ليضعه في ورقة الإجابة يوم الامتحان". وتحمّل الأستاذة الأولياء جانبا من المسؤولية، وتشرح:"يمكن القول إن السبب الأساس لا يرجع إلى نوعية البرامج فقط، بل هناك أسباب يساهم فيها الآباء؛ غفلةً منهم في توجيه ومرافقة الأبناء طيلة العام الدراسي". وأضافت المختصة : " ففي زمن مضى كنا نحفظ كل شيء، نقوم بواجباتنا في المنزل وحدنا، كما نقوم بإنجاز البحوث. نقرأ الكتب، ونلخص، نقوم بمجهودات أكثر من برنامج اليوم. وجهودنا في الدراسة كانت أكبر من جهود تلميذ اليوم". وتشرح المختصة حال التلاميذ اليوم قائلة: " المسألة ليست برنامجا فقط، إنما عقل التلميذ اليوم مشبّع بدون استيعاب منه؛ أي بين دروس خصوصية يعتقد فيها الآباء أنها أساس النجاح، وجعل التلميذ متمكنا، ولكن الحقيقة التي يعيشها هذا الابن هي التشتت، وإهمال دروسه، وعدم مراجعتها" ، مشيرة إلى أن الدروس الخصوصية، أيضا، لا تلبي نقائصه؛ لأنها بلا معنى حين يصبح اهتمام التلميذ في الذهاب والعودة؛ أي أنه يمضي أغلب ساعاته في الحديث، وتبادل النكت والقصص بدون تركيز. على الآباء أن يكفّوا عن إنجاز الأعمال بدل الأبناء وأضافت بركوكي قائلة: " أيضا نلاحظ أن واجباته المنزلية ليس هو من يقوم بها، ويستعين بمن يقوم بحلها، وقد يكون الآباء، أو يأتي مباشرة بالحل بدون فهمه، من الأنترنت، أو من أستاذ الدروس الخصوصية.. فالتلميذ هنا يعيش على طعم الراحة والرغبة في النجاح بلا مجهود أو جهد أو تحضير؛ فالهاتف على الدوام في يده. وبالنسبة للمطالعة لا يقرأ وحده... فالآباء يقومون بإنجاز الأعمال المطلوبة منه، أو يأتون بالبحوث من الأنترنت مباشرة. في البيت لايراجع، ولا يفتح كراسه. والدروس الخصوصية تضيع في تبادل القصص والنكت مع أصحابه! ". وهنا تنبه المختصة الآباء على وجه الخصوص، إلى إعادة النظر في طريقة التحضير والمتابعة والاستيعاب؛ لجعل هذا التلميذ يعرف واجباته ومسؤولياته تجاه العلم، وإعادة برمجته على النشاط والمذاكرة بدل الكسل والنوم طيلة امتداد الفصل؛ تقول: " لا يمكن بأي حال من الأحوال إدخال كل شي في رأسه كما يعتقد الوالدان! ". وأضافت: " لا بد من الحديث إلى الطفل، ومعرفة الأسباب الأخرى التي تحول دون تحقيقه نتائج مُرضية؛ مثل الخوف والارتباك، والعامل النفسي، وقلة التحضير، وأحيانا حتى الاستهزاء بيوم الامتحان ". انتشار ظاهرة الكسل وسط التلاميذ أشارت المختصة إلى انتشار ظاهرة الكسل عن الإجابة وسط التلاميذ؛ تقول: " رغم امتلاك التلميذ الإجابة فهو يتكاسل عن كتابتها في ورقته؛ إهمالا واستهتارا منه. والسبب يرجع لاستعمالاته المفرطة للأجهزة الإلكترونية والهاتف والألعاب؛ حيث ولّدت لديه عجزا في نقل المعلومة على الورقة، فيقدمها فارغة بدون أن يؤنبه ضميره؛ لأنه اعتاد على تحريك أصابعه آليا، فيتهاون عن حمل قلم الكتابة وتدوين إجابته". ونبهت المختصة إلى أن الطريقة الجيدة لجعله يكتسب معارف ويسجلها جيدا ليسترجعها، تحقيقها لا يتأتى يوما فقط قبل الامتحان، فلا بد من الإشارة إلى أن الخطأ مرتكب من طرف الآباء لا الأبناء؛ فالدراسة والتحضير لها تكون بالجد والتدريب والمرافقة طيلة العام الدراسي من بدايته. وتشرح بركوكي: " يعني إشغاله أكثر بحل المواضيع، والتمرن عليها، والتدريب بشكل جدي وحده بدون أن ينجزها الوالدان عوضا عنه. وتخصيص أوقات والالتزام بها ليقوم التلميذ بمراجعة الدروس، ووضعه مخطط تلخيص، معتمدا على نفسه، لتحمّل المسؤولية لاحقا، وهذا يحضّره لتسيير حياته فيما بعد. ومساعدة الآباء الابن في اختيار جودة المواضيع المقترحة لحلها بدون القيام بدوره في حلها أو إيجاد الحلول، ووضع الكتب اللازمة أمامه عوضا عن ترك الهاتف والألعاب بين يديه ". وفي ما يخص أوقات اللعب والمرح، أشارت إلى أنها تكون محددة بدون مبالغة في أخذ كل الوقت لذلك. وفي الختام قالت المختصة :"البدايات الخاطئة نهايتها أخطاء متكررة. ولا بد من الوقاية قبل العلاج، والحرص على معرفة حركة الأبناء وأصدقائهم؛ لأنه متى أدرك الأبناء الصحبة النافعة بلغوا سبل النجاح".