احتضن مجلس قضاء برج بوعريريج، نهاية الأسبوع، فعاليات يوم دراسي تحسيسي حول تبييض الأموال، تمحور حول إجراءات التحقيق المالي الموازي، والذي يهدف إلى نشر الوعي والثقافة القانونية المتصلة بالموضوع. اعتبر رئيس مجلس قضاء برج بوعريريج، أن اليوم الدراسي، سيساهم في نشر الوعي والثقافة القانونية، من خلال شرح أبعادها في مداخلات علمية، تتماشى والتطورات الوطنية والمستجدات القضائية، يؤخذ فيها بعين الاعتبار، التعديلات القانونية التي تعد، حسب المتحدث، "خط توجيه لاختيار المواضيع الخاضعة للتعريف بأهم القوانين والتعديلات المستحدثة"، مشيرا إلى أن أغلب الأيام الدراسية تعلقت بمواضيع ذات طابع جزائي، والذي يعكس مدى تجاوب التشريع والقضاء، لحماية المصالح الحيوية في المجتمع وأخلقة الحياة الاجتماعية، وإعادة تنظيم المؤسسات الكافلة لأداء تلك المهام. وتطرق إلى تفاقم ظاهرة الإجرام واتساع دوائرها، وما نجم عنها من انعكاسات سلبية على الفرد والمجتمع، وأثرت على بعض القيم والأخلاق، من بينها الربح من جريمة وجعلها مصدرا للثراء والشهرة الاجتماعية، كما عرج على التعقيدات القانونية التي تحتاج إلى التوضيح والدراسة، مؤكدا أن جريمة تبييض الأموال، أصبحت مصدر قلق حقيقي على المستويين الدولي والمحلي، وقال إن الواقع أثبت أن التصدي لها يحتاج إلى تظافر كل الجهود، بما فيها مؤسسات المجتمع المدني. وأوضح أن المشرع الجزائري حاول تقليل المسألة، على غرار أغلب التشريعات والامتثال للالتزامات الدولية، بموجب مصادقتها وانضمامها للمعاهدات الدولية، ورغم التصدي التشريعي الوطني في صورة القانون 04/15، المتضمن تعديل قانون العقوبات باستحداث القسم السادس مكرر، بعنوان تبييض الأموال، وشمل على تعريف الجريمة وتحديد صورها والعقوبات المقررة لمرتكبيها، ثم القانون 05/01 المؤرخ في 05 /02 /2005، المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب ومكافحتها المعدل والمتمم، بموجب القانون 23/01 المؤرخ في 07 /04 /2023. اعتبر النائب العام لمجلس قضاء البرج، من جهته، أن جريمة تبييض الأموال من أخطر الجرائم التي تواجه الاقتصاد العالمي، وتعد من أهم الجرائم العابرة للحدود، كونها جريمة لاحقة لأنشطة يومية، حققت عوائد مالية غير مشروعة، مشيرا إلى أن العولمة والتطور التكنولوجي الذي رافقها في تطور التجارة العالمية، ونمو أسواق المال، ومن ثمة سهولة انتقال الأموال على المستوى الدولي، مما زاد من صعوبة الكشف عن عمليات تبييض الأموال، مؤكدا أن هذا الوضع استغلته جماعات إجرامية بمباشرة أنشطة غير مشروعة، كتجارة المخدرات وأسلحة الدمار الشامل، فضلا عن الاتجار بالبشر. أمام خطورتها والنظر إلى طبعها العابر للأوطان، كان لزاما على المجتمع الدولي التصدي لها، ووضع جميع الآليات القانونية المتاحة لمواجهتها، على غرار الجزائر، التي وضعت منظومة قانونية داخلية، تتماشى والتزاماتها الدولية، لاسيما توصيات مجموعة العمل المالي، حرصا على حماية منظومتها البنكية والمالية، من محاولة استغلالها في عمليات تبييض الأموال، حيث تم تعديل قانون العقوبات بتجريم تبييض الأموال والجريمة المنظمة. كما تم، حسب المتدخل، تعديل قانون الإجراءات الجزائية بإدراج أساليب التحري الخاصة، التي تساهم في معرفة النهج الإجرامي المعتمد، وتسهل عمليات التحري المالي، فضلا عن تعديل القانون 05/01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال، تمويل الإرهاب ومكافحتهما، فيما نصت المادة 4 منه، على التحقيق المالي الموازي، وعرفته بأنه تحقيق ما جرى، بالتوازي مع التحقيق الجزائي في قضايا تبييض الأموال أو تمويل الإرهاب أو انتشار أسلحة الدمار الشامل. معتبرا أن إنزال العقوبات بالمجرمين، بات هدفا تقليديا عديم الجدوى، إن لم يرافقه تحقيق مالي موازي، يهدف إلى تحديد العائدات الإجرامية وحجزها ومصادرتها.