كشفت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية أمس أن ما لا يقل عن 2.5 مليون هكتار من الأراضي الفلاحية معنية بالتعليمات الصادرة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خلال جلسة استماع الى وزير القطاع السيد رشيد بن عيسى والقاضية بتأطير استغلال الأراضي وفق نمط الامتياز فقط. وقد شدد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في جلسة الاستماع المخصصة لقطاع الفلاحة أول أمس على ضرورة تعامل الدولة بالصرامة المطلوبة مع ملف التنازل عن الأراضي التابعة لأملاك الدولة والموجهة للاستعمال الفلاحي وذلك بالتقيد بمضمون قانون التوجيه الفلاحي الذي ينص صراحة على ان استغلال الأراضي الفلاحية يكون فقط عن طريق الامتياز. وفي هذا السياق أمر الرئيس بوتفليقة الحكومة باستكمال التدابير القانونية المتعلقة بتأطير استغلال تلك الأراضي على نحو يضمن استقرار استغلال العقار الفلاحي التابع للدولة وتأمين الفلاح في إطار تنازل واضح. ونص قانون التوجيه الفلاحي الصادر في أوت 2008 والذي نال ثقة البرلمان بغرفتيه على ان الامتياز يبقى الطريقة الوحيدة للاستغلال الأراضي، وعلى حماية حقوق الفلاحين عبر إصدار قانون العقار الفلاحي. وذكر مدير الشؤون القانونية بوزارة الفلاحية والتنمية الريفية السيد علي معطى الله امس ان كل الأراضي التابعة للدولة والموجهة للقطاع الفلاحي لن تمنح للاستغلال سوى عن طريق الامتياز. وأشار إلى ان المستثمرات الفلاحية الجماعية والفردية المقدر مساحتها ب2.5 مليون هكتار ستكون خاضعة لتعليمات الرئيس بوتفليقة والمنصوص عليها في قانون التوجيه الفلاحي. وحول كيفية تعامل الوزارة مع حالات تحويل الأراضي الفلاحية أكد السيد معطى الله في تصريح للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية ان كل الذين ثبتت في حقهم مخالفة تحويل الأراضي عن مجالها سيتم متابعته أمام القضاء، مشيرا إلى أن قضايا عديدة في هذا المجال عالجتها العدالة وتم تجريد مالكيها منها. وتفتح تعليمات الرئيس بوتفليقة المجال لتطبيق ما أعلن عنه في خطابه أمام الفلاحين نهاية شهر فيفري الماضي بولاية بسكرة عندما تحدث عن إجراءات سيتم اتخاذها لتدعيم القطاع الفلاحي وتشجيع الفلاحين الحقيقيين حث ذكر بأن قانون التوجيه الفلاحي سيتعزز "قريبا بنص يتصل بشروط منح امتياز الأراضي الفلاحية العمومية مع السهر على تثمير هذا الرصيد لكن وبوجه أخص على الحفاظ على حقوق عمال الأرض". ومن هذا المنطلق ينتظر ان تعكف الحكومة على إعداد نص مشروع قانون العقار الفلاحي الذي ما فتئ الفلاحون يطالبون به منذ سنوات، رغم وجود مسودة مشروع أعدتها وزارة الفلاحة في هذا الشأن واقترح تمليك الأراضي الفلاحية للفلاحين لمدة 40 سنة. غير ان الاتحاد العام للفلاحين الجزائريين رفع مطلب تمديد آجال حق الامتياز في الأراضي الفلاحية الى 99 سنة قابلة للتجديد. والمؤكد ان التعليمات الصادرة من الرئيس بوتفليقة في جلسة الاستماع تصب في مواصلة جهود الدولة في إصلاح القطاع والذي بدأ يعطي نتائج ايجابية بتحقيق محاصيل جد مشجعة كما هو الحال بالنسبة لإنتاج الحبوب خلال العام الجاري الذي من المرتقب ان يتجاوز 60 مليون قنطار مقابل 17 مليون السنة الماضية. والأهم في كل ذلك أن الإصلاح المنشود لا يقتصر فقط في توفير الإمكانيات للفلاحين ما كان الحال من خلال مسح ديونهم المقدرة ب41 مليار دينار وتمكينهم من وسائل النشاط الأخرى سواء من العتاد أو تسهيل الحصول على القروض، بل يأخذ في الحسبان الإطار الأهم وهو الحفاظ على الأراضي الزراعية، علما أن المساحة المزروعة اليوم لا تتعدى 3 ملايين هكتار من أصل 8 ملايين صالحة للزراعة.