أعطى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمس، تعليمات للحكومة تقضي بتعجيل تجسيد القانون المتعلق بنمط استغلال الأراضي الفلاحية التابعة لأملاك الدولة، وهو القانون الذي ستتحدد من خلاله حقوق وواجبات المستثمرات المستغلة عن طريق الامتياز، وفي سياق متصل أمر الرئيس بتركيز الدعم الخاص بقطاع الفلاحة على المنتجات الأساسية، حيث سيتم وضع برنامج وطني لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للبلاد. إيمان سايح خصص رئيس الجمهورية الاجتماع الذي ترأسه أمس في إطار جلسات الاستماع السنوية الخاصة بمختلف القطاعات الوزارية، لتقييم قطاع الفلاحة والتنمية الريفية والذي أشاد الرئيس بالنتائج القيمة التي حققها البرنامج الوطني للتنمية الفلاحية منذ الانطلاق في تطبيقه، حيث أوضح بأن البرنامج قد سمح ببعث نشاط الفلاحة والرعي، وذلك بتسجيل نسبة نمو سنوية ثابتة تعدت 6 بالمائة وبزيادة ملموسة للعرض في الإنتاج الفلاحي، بالإضافة إلى المساهمة القوية في استحداث مناصب الشغل وفي تطوير عالم الريف، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هذه العوامل تدفع إلى تعزيز جهود الدولة من أجل مرافقة ودعم تنمية القطاع. ولتحقيق ذلك وجه رئيس الجمهورية جملة من التعليمات للحكومة ترمي إلى مرافقة ودعم تنمية القطاع، فقد دعا في المقام الأول إلى التعجيل في تجسيد القانون المتعلق بنمط استغلال الأراضي الفلاحية التابعة لأملاك الدولة، وهو النص الذي سيحدد حقوق وواجبات المستثمرات المستغلة عن طريق الامتياز كما من شأنه إعادة تنشيط الديوان الوطني للأراضي الفلاحية حتى يعمل بتفويض من إدارة أملاك الدولة على تنظيم منح الامتيازات على الأراضي الفلاحية التابعة لها وكذا تسوية عقود المستثمرين الفلاحيين. بالموازاة مع ذلك، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة تركيز دعم الدولة للفلاحة على المنتجات الأساسية بما فيها إنتاج الحليب واللحوم، حيث أشار إلى أنه "سيتم وضع وتنفيذ برنامج وطني عقلاني توخيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للبلد"، كما أوضح بأنه على الحكومة تحسين النشاط الفلاحي وتربية المواشي مما يساعد على تطوير الصناعات والخدمات المرافقة، وذلك من خلال بعث مكننة الزراعة وإنتاج الأسمدة، إلى جانب إنتاج البذور محليا وتطوير القدرات الوطنية للتخزين والحفظ وكذا ترقية مجال الصناعات الغذائية. وعلى صعيد آخر، أعطى رئيس الجمهورية تعليمات تقضي بتشجيع تأطير وتنظيم النشاط الفلاحي من خلال غرفة فلاحة نشيطة ومجالس مهنية فعالة، وكذا من خلال إعادة تنشيط التعاضدية الفلاحية، كما أشار إلى أهمية تعزيز عملية تكوين تأطير القطاع الفلاحي والريفي، مضيفا بأن "قطاع الفلاحة جدير بدعم الدولة ولكنه بحاجة أيضا إلى كفاءات لمرافقة الفلاحين ومساعدتهم في إطار مسعى تطوير المحاصيل وزيادة المردودية". وبموجب ذلك ركز بوتفليقة على ضرورة تسجيل قطاع الفلاحة ضمن أولويات برامج القروض المصغرة المخصصة، من أجل مساعدة طالبي العمل على استحداث نشاطات جديدة، مما سيسمح بدعم عالم الفلاحة بشبكة كاملة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الضرورية لتنميته، وقبل ذلك أكد الرئيس بوتفليقة أنه "ينبغي جعل تطوير الفلاحة وتربية المواشي المحرك الرئيسي لسياسة التنمية الريفية و تهيئة الإقليم في مجموعه وعليه فان برنامج دعم التجديد الريفي الذي شرع فيه خلال السنة الفارطة سيشكل أحد المحاور للبرنامج الخماسي 2009-2014". ولدى استماعه للعرض الذي قدمه وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى، أشار الرئيس إلى أن "كل الشروط متوفرة اليوم لمباشرة تطوير هيكلي كفيل بإرساء أسس نمو فلاحي مضطرد وتنمية مستديمة للمناطق الريفية من خلال تطبيق قانون التوجيه الفلاحي الذي حدد الأهداف الأساسية التي سطرها بلدنا لفلاحته"، مضيفا بأن الأمر يتعلق بمسعى "استعجالي وعلى قدر كبير من الأهمية لا سيما أن السياق الدولي يتميز بظهور أزمة غذائية في العديد من مناطق العالم والتي قد تتفاقم، كما أن آثار التغيرات المناخية أخذت تتجلى عبر فترات جفاف متكررة في منطقتنا"، ولهذا شدد رئيس الجمهورية على الأهمية التي ينبغي إيلاؤها لبرنامج حماية الموارد الطبيعية ومكافحة التصحر، حيث ينتظر رئيس الجمهورية من الفلاحين والمربين والمتعاملين في مجال الصناعات الغذائية "تجندا يكون في مستوى التحديات التي ينبغي رفعها"، مشيرا إلى أن "الأمة ستواصل دعم التنمية وعصرنة فلاحتنا والتطوير المتوازن والمنسجم للمناطق دون أي إقصاء أو تهميش".