لا يكاد يمر يوم إلا ونقرأ في مختلف الصحف الوطنية ارتفاع جرائم الأصول بشكل مقلق في الآونة الأخيرة، وبالخصوص خلال الشهر الفضيل الذي يفترض أن يكون مناسبة لاستلهام قيم الرحمة والتلاحم بين أفراد المجتمع. والمؤسف أن معظم هذه الجرائم تقع لأتفه الأسباب، كأن يقتل ولد أمه بسبب 200 دج، أو أن يطعن أخ شقيقته بسبب طبق الإفطار، وغيرها من الخلافات التي يتستر أصحابها وراء مبررات الصيام الذي هو براء منها. والواقع أن الاستعداد لاقتراف هذه الجرائم برز بشكل ملفت خلال السنوات الأخيرة بسبب الفراغ الروحي لبعض الشباب والمراهقين الذين يفتقرون للوازع الديني والأخلاقي في ظل ترهل القيم الاجتماعية. ومهما اجتمعت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع ، فإنها لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال دافعا لتفشي هذه الظاهرة الدخيلة علينا ، ويكفي أن نستشهد في هذا الصدد بالظروف القاسية التي عاشها أسلافنا من قبل، ورغم ذلك لم تدفعهم لضرب القيم الاجتماعية والإنسانية التي شبوا عليها. ولا يمكن أن نحمل مسؤولية انحراف الشباب لهم وحدهم، فالأولياء الذين أضحوا يعانون من تبعاته يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية لتغييرهم مفاهيم التربية الصحيحة الموروثة أبا عن جد. وأمام هذا الواقع يجد المختصون الاجتماعيون أنفسهم في وضع لايحسدون عليه، كونهم معنيين بالدرجة الأولى بتشخيص الظاهرة بكل أبعادها والوقوف عند أسبابها العميقة لحلها والمؤكد أن ذلك لن يتم إلا بتكاتف جهود الجميع لاستدراك القيم المداسة.