لا تزال ظاهرة تزوير العملة وتداولها في السوق السوداء تتخذ أبعادا خطيرة، حيث حجزت مصالح الدرك الوطني خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية ما يتجاوز 173 مليون سنتيم في شكل أوراق نقدية مزورة من مختلف الفئات بالإضافة إلى 15490 أورو أي ما يقارب 156 مليون سنتيم لتصل قيمة المبالغ المزورة بتحويل الأورو إلى الدينار وبجمع المبلغين معا إلى 329 مليون سنتيم. وتقوم شبكات لها امتدادات دولية بتزوير هذه الأموال، كما أثبتت التحقيقات أن بعض المهاجرين السريين الأفارقة متورطون في عدة قضايا من هذا النوع فبعد متاجرتهم بالمخدرات، تفطنوا إلى تزوير العملة للحصول على أموال لتغطية نفقاتهم بالجزائر التي يقيمون بها بطريقة غير قانونية. تعتبر جريمة تزوير العملة من أكثر الجرائم خطورة على المجتمع واقتصاده، إذ أن نتائجها المباشرة لا تعدو أن تكون من اجل الحصول على منفعة مقابل العملة المزورة الخالية من أي قوة شرائية، مما يؤثر على الجانب الاقتصادي بخلخلة نظام الصرف وانعدام الثقة في حقيقة العملات المتداولة. وعادة ما تنسب أفعال تزوير العملات النقدية إلى عصابات مختصة تملك أجهزة ووسائل متطورة لطباعة هذه الأوراق المزورة ونسخها واستعمال محلول خاص يجعلها تشبه الأوراق النقدية الحقيقية. وأكدت تقارير الجهات الأمنية في مرات عدة تورط رعايا أفارقة من المهاجرين السريين في عمليات تزوير العملة بعد حجز كميات كبيرة بحوزتهم. وأوضحت هذه التقارير أن هؤلاء الأفارقة يقيمون بدون وثائق ببلادنا ويستأجرون منازل يحولونها إلى ورشات لاستنساخ الأوراق النقدية ومن ثم اغراق السوق بها. وينتهج هؤلاء الأفارقة خطة جديدة للحصول على الأموال بطرق سهلة بعدما ظلوا لوقت طويل يعتمدون على المتاجرة بالمخدرات التي يدخلونها من بلدانهم الأصلية لبيعها بالجزائر التي كانوا يتخذونها كمنطقة عبور للانتقال إلى الضفة الأخرى من المتوسط، حيث يقومون ببيع هذه السموم للحصول على أموال تسمح لهم بتغطية نفقاتهم من تكاليف النقل والغذاء قبل الوصول إلى أوروبا. وفي أغلب الأحيان يمتد نشاط عصابات تزوير الأموال حتى الى خارج الوطن، فقد تم في الأشهر المنصرمة بضواحي ولاية تلمسان اكتشاف "بنك" بكافة المواصفات يمارس نشاطه غير القانوني منذ مدة طويلة يقوم بصرف العملة وتقديم قروض بفوائد وأشياء أخرى، وتم في هذه القضية تفكيك شبكة إجرامية مختصة في تزوير العملة النقدية تضم 6 أفراد يمتد نشاطهم إلى فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، كانوا على صلة بمغتربين يوفرون لهم الأوراق المالية السليمة التي تهرب إلى الجزائر بطرق مختلفة. وتم بصعوبة كبيرة الكشف عن الأوراق النقدية المزورة من فئة 1000 دينار التي عجز كاشف التزوير الذي تتوفر عليه مختلف البنوك الجزائرية عن تحديدها، وكانت بعض الأخطاء اللغوية التي عاينها المحققون بالعين المجردة الدليل الوحيد الذي تم من خلاله اكتشاف بأن هذه الأوراق مزورة بحكم تشابهها الكبير مع الأوراق الحقيقية. وأكد تقرير صدر عن البنك المركزي الجزائري الذي قام بتحليل عينة من الأوراق المعنية أنها مزورة بفنيات "من الطراز العالي" . وكثيرا ما يتحصل هؤلاء المزورون على عقارات وسيارات فخمة وغيرها من الثروات التي يشترونها بهذه المبالغ المزورة رغم أن معظمهم من البطالين. ويبقى اللجوء إلى مثل هذه الجرائم التي تضر بالاقتصاد أمرا سهلا في غياب المحلات الخاصة بصرف العملة والتي تكون معتمدة بصفة رسمية لتسهيل عمليات مراقبة رؤوس الأموال المتداولة.