اختتمت أشغال المنتدى الإفريقي السابع حول الحكم، أمس، بواغادوغو (بوركينا فاسو) بالمصادقة على إعلان تمت تسميته "التزام واغادوغو" يتعلق خاصة بالتحديات المرتبطة بتعزيز قدرات الدولة في إفريقيا· ودعا المشاركون في المنتدى ثلاثة رؤساء دول افريقية وعلى رأسهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للتكفل برفع مضمون التزام واغادوغو لندوة رؤساء الدول والحكومات وكذا أمام لجنة الاتحاد الإفريقي "بهدف تسهيل عملية تجسيدها ومتابعتها"· وكانت جلسات واغادوغو التي بدأت يوم الأربعاء المنصرم قد تميزت بعقد الجزء المخصص لرؤساء الدول والحكومات أول أمس، والذي شارك فيه السيد عبد العزيز بلخادم رئيس الحكومة بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية وقرأ بالمناسبة الرسالة التي وجهها الرئيس بوتفليقة إلى المنتدى· واعتبر الرئيس في كلمته أن الموضوع المثار خلال هذه الدورة يكتسي "أهمية كبرى بالنسبة للتنمية الداخلية لبلداننا ولاندماجها المتجانس في الاقتصاد الدولي" مشيرا إلى أن "الحكم الراشد أضحى في عالم اليوم من أهم مكونات الدولة سواء من خلال ممارسته أو نجاعته"· وقال إن إفريقيا أظهرت أنها واعية بشكل كبير بهذه المتطلبات الجديدة من خلال تبنيها لفلسفة وتصور الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (النيباد)، وكذا إنشاء وتطبيق الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء تضاف إليهما "شروع السواد الأعظم من الدول الإفريقية في إصلاحات سياسية واقتصادية ومؤسساتية عميقة تستجيب إلى هذه المتطلبات الجديدة"· وإذ ذكر بالعوائق التي تتم فيها هذه الإصلاحات، فإن الرئيس اعتبر أن النتائج الأولية للإصلاحات الهيكلية التي تمت مباشرتها في إفريقيا كانت "جد مشجعة في مجملها وتبعث على التفاؤل فيما يخص مستقبل القارة"· فعلى المستوى السياسي قال إن الديمقراطية أحرزت أشواطا وإن عدد النزاعات تقلصت وإن دولة القانون تعززت، مثلما فرضت حماية وترقية حقوق الإنسان نفسها كمعيار أساسي للحكم· أما في الشأن الاقتصادي، أشار إلى متوسط نسبة النمو المطرد والإيجابي الذي يقدر بحوالي 5 بالمئة وأكثر من ذلك بالنسبة لعدد متزايد من الدول الإفريقية، معتبرا إياه مؤشرا لمدى صواب الخيارات التي تم القيام بها ونجاعة الإجراءات المتخذة من قبل بلداننا، دون أن يغفل الإشارة إلى التحديات التي ينبغي رفعها، خاصا بالذكر"الفقر وأوبئة السيدا والسل والملاريا إضافة إلى آفة المجاعة" فضلا عن البطالة والأمية والهجرة· وفي سياق حديثه عن الجهود الإفريقية شدد الرئيس بوتفليقة على ما تم بذله في الجزائر من إصلاحات، مست كافة المستويات منذ عدة سنوات في إطار هذا المنظور المجدد، مشيرا بالخصوص إلى سياستي الوئام المدني والمصالحة الوطنية اللتين باركهما الشعب الجزائري في سنتي 1999 و2005 واللتين "تم تجسيدهما بدافع السماح لكافة الجزائريين دون استثناء بأن يشاركوا في خدمة بلدهم وشعبهم"· وقال إن الجزائر جددت العهد بالاستقرار وتمكنت من خلال استثمار مواردها الأساسية في سبيل تعزيز الديمقراطية الفتية في إنعاش تنميتها الاجتماعية و الاقتصادية· من جانب آخر، اعتبر رئيس الجمهورية انه من الخطأ القول بوجود نموذج موحد للحكم الراشد نظرا للاختلافات المسجلة في القيم والانشغالات الوطنية، وأشار إلى أن "النماذج التي تمت صياغتها واستيرادها أو تلك التي طالما فرضت من الخارج لاسيما من قبل البلدان المانحة قد أخفقت كلها إخفاقا ذريعا ذلك أنها تفتقد لأسس متينة في المجتمعات المعنية"· وبخصوص عملية التقييم الذاتي في مجال الحكم الراشد في إطار الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء التي تخضع لها الجزائر قال إن هذا التقييم وبالنظر إلى ما اتسم به من شمولية وتساهمية واتساع إلى كافة ميادين الحكم التي يغطيها استبيان الآلية "سمح لنا بأن نلم تمام الإلمام بواقعنا وبنقاط قوتنا مثلما سمح لنا بالوقوف على ما ينبغي القيام به من جهود في كل قطاع من القطاعات المقيمة"· من جانبه؛ أبرز رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم التحسن التدريجي للمؤشرات الاقتصادية للبلاد منذ 1999، وقال إن عودة السلم والأمن بفضل سياسة المصالحة الوطنية "سمحت للجزائر بالإنتقال بخطى حثيثة من وضع وقف التسديد إلى وضع بلد يتوفر على موارد مالية معتبرة"· وأعطى بهذه المناسبة توضيحات حول التجربة الجزائرية في مجال تسيير الموارد مؤكدا أن الجزائر أضحت بلدا "باشر برنامجا جبارا للإنعاش الاقتصادي ولتجسيد مشاريع منشآت ضخمة"· يذكر أن الرئيس البوركينابي بلاز كومباوري أشاد لدى افتتاح أشغال المنتدى برئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة واصفا إياه ب"صانع السلم والمصالحة الوطنية"· وبعد أن نوه بسياسة المصالحة الوطنية وبالجهود المبذولة من أجل تعزيز الديمقراطية ودولة القانون أبرز "السياق الصعب" الذي أحاط بتجسيد هذه الحركية في الجزائر للإشارة شارك الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل في الاجتماع الوزاري الذي سبق اجتماع الرؤساء، حيث ترأس الجلسات العلنية المخصصة لتقديم التقارير حول الاستشارات والخبرات الوطنية· ولدى تدخله خلال هذا الاجتماع عدة مرات للمساهمة في النقاش الذي دار حول الدولة ذات القدرة في إفريقيا أشار إلى الخبرة الجزائرية والجهود المبذولة "لإرساء دولة ديمقراطية تحترم الحريات الأساسية وحقوق الإنسان يقوم فيها الفاعلون غير الحكوميين بمن فيهم الشركاء الاجتماعيين والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ··· بمساهمتهم في تنمية البلاد"· ولم يفوت الفرصة للتأكيد على "الدور المتنامي للمرأة في الجزائر مدعما كلامه بإحصائيات تتعلق خاصة بقطاعات العدالة والتربية والصحة والاتصال" إضافة إلى المسار الجاري تجسيده والخاص بإعادة بناء الدولة بهدف تكييفها مع التحولات الناتجة عن تطور الوضعية الداخلية والمناخ الدولي· من جهة أخرى أشار إلى الجهود الجبارة التي بذلتها الدول الإفريقية في مجال تحسين الحكم داعيا إلى دعم اكبر لإفريقيا من قبل الشركاء وذلك طبقا للالتزامات المتخذة استجابة للنيباد· *